بالأمس ضجت الأوساط الصحية على إثر مقطع فيديو لمسؤول بإحدى مناطق المملكة يطرد مواطنة من مكتبه، وتداول الناشطون المقطع في وسائل التواصل الإجتماعي ، كما تناقلته بعض وسائل الاعلام المحلية.
ليخرج بعد ذلك معالي وزير الصحة على الناس مبديا استياءه مما حصل ومعلنا ما سيتم اتخاذه من اجراءات، وليؤكد ان وزارته ماضية نحو التثبت والمحاسبة!
واليوم تضاربت الأخبار حول اعفاء ذلك المسؤول، حيث زعمت إحدى وسائل الاعلام ان ذلك المسؤول اعفي من منصبه من قبل معالي الوزير، إلا ان وزارة الصحة نفت ذلك ونشر النفي في صحيفة محلية، وتزامن ذلك النفي مع ظهور فيديو آخر ومقطع (جديد) مماثل، لنفس المسؤول (الذي أصرت الوزارة على بقائه) وهو يكرر فعلته مع مواطن آخر وبنفس اللهجة وبذات الأسلوب!.
وفي كل الأحوال يبقى ذلك الشأن أمرا يسأل عنه معالي الوزير والأطراف ذات الصلة بالقضية.
أما نحن فلا يهمنا إن كان ذلك المسؤول اعفي من قبل معالي الوزير ام لا ؟ ، إنما يعنينا ذلك الاستياء (المناطقي) ! الذي يطغى على ردود افعال معاليه تجاه كل ما يحصل ويعلن من حماقات وأخطاء ،وتجاوزات سلوكية إدارية كانت أو فنية!
وكانت أخر. ردة فعل وزارية هي ذلك الإستياء الذي خرج به معالي وزير الصحة وكان تصرفا إيجابيا، وقد أشدت به في حينه برغم ما آبديت من تحفظ!
والسؤال الذي لابد له من إجابه، واللغز الذي يحتاج الى حل وتفسير هو :
هل هناك من افتى معالي الوزير ان الاستياء لاجل جازان ومرضاها محرم وأن الإستياء لأجلنا يوجب الإثم ويقدح في صلاحه ويتنافى مع تقواه؟!
وإلا كيف يستاء لاجل منطقة دون أخرى وكل مناطقنا تعني الوطن ؟!
وكيف ثارت مشاعره من اجل سوء سلوك مسؤول بنجران، وحرم ذلك على جازان حتى والناس فيها تموت ؟!!!
فلم نسمع أن صاحب المعالي قد استاء من اجل فضيحة انعام مسؤول بصحة جازان على اخر بدكتوراه (وهمية) ليوكل إليه منصبا رفيعا ومهاما في منتهى الجسامة!
ولا يزال الإنعام ساري المفعول ولا يزال (الوهم) مقدما على الحقيقة!
حتى لحظتنا هذه!!
وكذلك لم نره خرج على صفحته مستاءا لحال مريضة ترقد (موجوعة منهارة) في مستشفى الملك فهد بجازان تحت لهيب (مروحة) اشتراها لها ذووها بعد ان زج بها في غرفة بلاتكييف ،وبعد جراحة (قيصيرية) فقدت بإثرها مولودها الاول بعد طول عناء وانتظار!.
ولم يستاء وهو يرى السطحات على صفحات الصحف ،وهي تحمل على ظهرها معدات وتجهيزات لمستشفى بجازان تنهب في وضح النهار !
وكيف لم يغضب وسماسرة (السكراب والتشليح) يعاينون معدات بأحد مستشفياتنا وداخل اقسامه التي تحولت فجأة لساحة مزاد أو حراج، بلا رقابة وبلا ضمير؟!
وأين كان استياؤه وهو يرى مركزا صحيا بجازان وثلاث ادارات أخرى صحية، تظل مقفلة حتى الساعة العاشرة صباحا في يوم دوام رسمي ،وفي موقع لا يبعد كثيرا عن مقر المسؤولية والقيادة! حيث تكدس المراجعون والموظفون والمرضى مع الاطفال والنساء أمام بوابات موصدة وعلى الارصفة وفي الساحات والشوارع ،تحت لهيب الشمس انتظارا لفرج الكريم ؟!
ولماذا لازال مسؤولون وموظفون في الصحة أحرارا طلقاء. رغم اتهامهم رسميا بالرشاوى وتورطهم في جملة من المخالفات وانتهاكهم أوامر سامية كريمة وتعاليهم على اللوائح وتجاوزهم الأنظمة والأحكام؟!
وبرغم علم المسؤولين والوزاره بتورطهم واستدعائهم لجهات رقابية وقضائية ومازال النظام والقانون في صحتنا يغض الطرف ولا يراهم، وقد عميت عنهم بصائر وأبصار المسؤول!.
بل كيف تجدد العقود لأطباء متهمين وافدين، قد أوقفت خدماتهم وتم وضعهم على قائمة المنع من السفر ولايزال حالهم كذلك، ولا تزال تصرف لهم الرواتب ،ويحضون بالدلال والتكريم بدلا من كف ابديهم عن العمل بقوة النظام، واخضاعهم كغيرهم للمحاسبة وفق الأوامر والأنظمة؟!!
وبعد هذا السيل.. لا استنكار، ولا استياء ،وحتى لاعتاب!
ألم يجد معالي وزير الصحة في كل ما سبق مبررا كافيا للإستياء؟!
فبالله .. من أفتاك يا وزير؟. !!
حسين عقيل