لم يتبقى على قدوم شهر رمضان المبارك عدا أيام قلائل والناس تتبادل التبريكات والتهاني بقدومه و بطرائق تختلف من شخص إلى آخر آخذة في نمطها التوافقي الثقافة والبيئة والموروث الأسري والمجتمعي .
ولا احد يستطيع إنكار فرح السلف الصالح بمقدمه ولكن تلك الفرحة لا تعدو كونها فرحة ضمن أفراح تتخلل حيات السلف الاعتيادية ولا تدخل ضمن العبادات لعدم وجود عبارة أو نص ورد عن السلف الصالح يدل على التهاني والتبريكات بشهر رمضان المبارك ونحوه عصر التابعين غير أنهم كانوا يحتفلون بشهرهم بطريقة مختلفة نوعا ما عن احتفالنا نحن في هذه الأيام وقد يخالفني البعض في هذا الطرح ولكن الوقائع في أيامهم وفي أيامنا خير شاهد على مصداق حديثي .
أيام السلف لم تكن وثيرة نحو أيامنا هذه ومع ظلامها الدامس إلا أنها مضاءة بالطاعات وأعمال الخير والعبادات فليلهم صلاة وقياماو سباتا ونهارهم طلب للرزق والمعاش، أما نحن فكأنما الشمس لدينا لا تغيب فليلنا كالنهار ونهارنا كالليل نعيش بضع من الليل في ما نعتقده للرب طاعة ولا نلبث أن نطلق العنان لأنفسنا خلف تلك الشاشات التي تحمل في محتواها الغث والسمين فلا خطوط حمراء ولا مقص الرقيب يقمع اندفاعاتنا نحو المتابعة اليومية لتلك القنوات الفضائية ولو كان البعض منها يطلق عليها القنوات المتحفظة أو تسميات أخرى تقنع المتابع بنزاهتها إلا أن جميع القنوات مضيعة للوقت مع توفر العديد من مضيعات الزمن الأخرى .
وعودا لأيام السلف وأيامنا نحن فالاختلاف بيننا وبينهم شاسع فنحن في شهر رمضان بل وقبل مقدمه بأيام نتسابق بل نتصارع على المولات ومحلات بيع الأغذية أما السلف فكانوا يتنافسون على ثني الركب في دور العلم ويتسابقون إلى الجهاد ولم يثنيهم صيامهم عن العلم والجهاد وطلب الرزق وكل ذلك ضمن منهج إيماني مستمد من القرآن والسنة وفاروق عدة بيننا وبين السلف فنحن نتفاخر بطول سفر المائدة وقليل منا الشكور وهم يحمدون الله كثيرا أن توفرت لهم حبات من التمر والماء.
ونحن ننوع عبارات التهنئة حسب العادة وليس ذلك مكروه أو محرم ، وهم يكتفون بالفرحة الدافعة للاستعداد للصيام والقيام والطاعة .
اللهم تقبل منا الصيام والقيام وسائر الطاعات والعبادات واجمعنا بسلفنا الطاهرين الطيبين في عليين .
[COLOR=#ff000f]عبدالعزيز الناصري[/COLOR]