عندما أذهب للمكتبة كي أشتري كتابًا لأقرأه, عادة ما أبحث عن كُتَّاب جيدين عن طريق البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي ورؤية الأصداء حول الكتب والكُتّاب وما إلى ذلك من عمليات البحث, لكن قبل أن أتعلم على مواقع التواصل الاجتماعي كنت أشتري كتبي عن طريق الإعجاب الأولي لأغلفة الروايات, وطبعًا كنت كثيرًا ما أتعرض لخيبات أمل بسبب ما تحتويه الكتب من "طق حنك" وهرطقة لا تسمن ولا تغني من جوع.
بالطبع كانت هذه غلطةً مني, ولكنني لست ضد الأغلفة الجميلة, بل ضد تسيير هذا الأساس لسد ضعف الفكرة أو لتدعيم ركاكة الكتابة, بعض دور النشر -والتي أصبحت مقاطعّا لإصداراتها- تلعب على هذا الوتر وعلى وتر (الكتب الأكثر مبيعّا) حيث تعرض إصداراتها وتبيعها بحثًا عن الربح المادي وبعيدا عن إضافة أي قيمة معنوية أو ترميمٍ لهذا العالم.
لست بصدد الدخول في ماذا يجب وماذا لا يجب نشره على هيئة كتابٍ ورقي, كل دار نشر هي أدرى بحجم كُتابها وإصداراتهم.
لكنني أتعجب من بعض المحسوبين على صدر الثقافة السعودية, الذين أقرأ عنهم عن طريق موقع الـ goodreads , تجد إصداراتهم ذات تقييم عالٍ, وتقرأ الكثير من ردود المراهقين والمراهقات الإيجابية, وفي نهاية المطاف تجد الكتاب عبارة عن حشو ركيك ذو غلاف جذاب لا يحتوي على فكرة ولا على أي أساس من أسس البنية الروائية وتقنية السرد.
أنا لا أحارب فكرة النشر, ولست ضد كتب الشباب السعوديين, لكنني وكقارئ في المقام الأول أنتقد هذه الظاهرة التي تسيء للمثقفين السعوديين, لا أعتقد بأن التسرع في نشر الروايات وبعض كتب الشعر التي تحتوي الصفحة الواحدة من الكتاب على جملة من أربع كلمات فقط ممكن أن يخدم المجتمع ويطوره بأي طريقة كانت, لا أريد أي شيء من دور النشر والكُتّاب الجدد إلا أن يشتغلوا أكثر على القالب الروائي وهذا ما يقذف بي إلى موضوع آخر ألا وهو تدريس فن الكتابة.
أعتقد بأن كُتابنا الجدد بحاجة ماسّة لدراسة الكتابة الإبداعية, وأنا أطلب من وزارة التعليم أن تخصص مناهج وصفوف اختيارية لتدريس الكتابة كونها عنصر مهم في الارتقاء بدولتنا وأعتقد أيضًا من الإصدارات التي نراها في المكتبات مدى حاجتنا لهذه الصفوف التي سترفع من جودة الإصدارات القادمة.
أوجه هذا المطلب أيضًا للنوادي الأدبية في المملكة, كونها نوادٍ تهتم بالثقافة والمثقفين, ما الذي يمنع من إقامة ورش عمل تخص الكتابة الإبداعية للشباب السعوديين؟ نحتاج حقًا لاحتضان الأقلام التي لم يتم توجيهها وصقل موهبتها بالدراسة, وسأكون أول المشاركين في هذه الورش.
الخلاصة أن هذه الورش يحتاجها بعض المحسوبين على المشهد الثقافي في السعودية, لأن أرفف المكتبات امتلأت بما يحزن القلب من هرطقة وكلام مصفصف لا يفيد ولا يزيد من ثقافة القارئ قيد أنملة.
[COLOR=#ff1100]عبدالمجيد المبارك[/COLOR]