في الوقت الذي يعيش فيه العالم منذ عقود في مجتمع غلبت عليه سمة تسارع وتيرة العلم والمعرفة بكافة اشكالها ، نجد من اللافت ان التطور العلمي الحالي لا يتعامل مع العلوم التطبيقية والمعرفية بمفهومها القديم وانما من خلال مفهوم جديد يجعل أفراد المجتمع عبارة عن ذرات تتفاعل مع بعضها البعض في كل مناحي الحياة العصرية لتشكل عصرا جديدا يضاعف ثمار المعرفة بالوصول الى اقصى استفادة ممكنة من التقنيات الحديثة.
ومن هنا كان تفعيل الشراكة في جائزة الشاب عبدالله بن بدر السويدان يرحمه الله للتميز بين مؤسسات المجتمع التربوية التي تجسد مفهوم الشراكة الفاعلة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص ، وأصبحت الجائزة نموذجا يحتذى به ، وذلك كونها تأتي دعماً للعلم وطلابه بما يحقق الأهداف التربوية المعززة للانتماء للوطن تماشيا مع التطور المتسارع للمجتمع .
ونرى اهتمام صاحب السمو الملكي الامير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية - يحفظه الله – بهذه النواة الفاعلة في المجتمع ، حيث يقوم برعاية وافتتاح جوائز لتحفيظ القرآن والتميز والموهبة والابداع والابتكار بشكل شبه يومي ونرى اهتمام سموه الواضح والجلي بالطفل بشكل خاص والطلبة بشكل عام .
كما نرى اهتمام سموه بضرورة تضافر الجهات الحكومية والقطاعات الخاصة والمجتمع المدني والعمل بطريقة اكثر تماسكا وتكاملا وأنها أصبحت واجبا حتميا وضرورة عاجلة يقتضيان توفير مناخ للإبداع وبيئة صالحة للابتكار والانتاج من خلال شراكات اصلاحية من جميع الاطراف والقطاعات .
لذا دائما تأتي توجيهاته الكريمة بدعم وتحفيز رجال الأعمال من القطاع الخاص بمجال العلم والتعليم وذلك للمضي في طريق المعرفة والابداع والابتكار ومزيد من التعاون بين القطاعين العام والخاص.
وإيمانا من رجل الأعمال المعروف سعادة الشيخ بدر السويدان رئيس مجلس أمناء جائزة الشاب عبدالله بن بدر السويدان يرحمه الله للتميز بهذه التوجيهات الكريمة وان الطلاب المتعلمين تعليما جيدا يشكلون الاساس الضروري للبلد المنتج والمزدهر والقوي ، دعمت الجائزة الربط بين الحافز والمتعلم أثناء دراسته؛ ليتسنى له التكامل المعرفي و المهاري والوجداني في آن واحد.
وانطلاقاً من معرفته أن العلم ليس فقط علوم الرياضيات والفلك والفيزياء وغيره بل إن العلم أيضا هو معرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم ومعرفة دين الاسلام كونه لا يجوز أن يُعبد الله بلا علم !!
وكما قال صلى الله عليه وسلم : "خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" فجمع السويدان في الجائزة أربعة مسارات وهي : القرآن الكريم بمساريه الحفظ والترتيل، وفرع السنة النبوية، وفرع اللغة والأدب الإسلامي بمساريه الخطابة والشعر، وفرع الموهبة والإبداع .
وتم اختيار الطلاب والطالبات المشاركين في الجائزة من كافة المراحل التعليمية ليكونوا الركيزة الاساسية فيها و اعتمدت الجائزة على التقييم المفصل وتطوير المقررات الدراسية التي تقدم للمشاركين للدخول في المسابقة وانشاء خيارات مصممة خصيصا لتناسبهم حسب أعمارهم ، ليكون الشباب والفتيات هم الحصن الحصين لسماحة الدين وعظم رسالته وإيجاد وعي متكامل يرشدهم لمضامينه.
وادراكا من الخبرة الطويلة لسعادة الشيخ بدر السويدان التي سخرها لتتماشى مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولاة عهده صاحبي السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظهم الله ورعاهم - ، وحسه بالمسؤولية تجاه بناء جيل معرفي مواكب لتحديات العصر ،ونظراً منه أن تطوير الذات واهمية توفير التعليم الفعال للجميع ، امر ضروري لضمان توفر القدرات والكفاءات اللازمة للعيش الكريم ، وظّف الجائزة لتطوير مهارات وذكاء وابداعات الطلاب السعوديين والمقيمين وذلك من خلال تنوع مسارات الجائزة لتمكينهم من استغلال كامل طاقاتهم ، مبتدئا بطلاب المنطقة الشرقية ، ثم تم توسيع النطاق الجغرافي حتى شمل حالياً محافظتي الأحساء وحفر الباطن ، واضعاً خطة مستقبلية للتوسع لتشمل كافة المناطق في المملكة وصولا للعالميه بإذن الله.
كما ان الجائزة تجسد في كل دورة من دوراتها "رعاية المواهب المبدعة" والتي هي امر ضروري في العالم المعقد سريع التغيير اذ يعتمد الازدهار الوطني على وجود الاشخاص الذين يمتلكون المهارات والمعارف والخبرات اللازمة لدفع الابتكار والاستجابة للمشاكل العالمية المعقدة بشكل كبير.
كما ركّز القائمون على الجائزة من خلال تطويرهم لمساراتها وفروعها على تنمية المعارف والمهارات لدى الأفراد، والارتقاء بمستوى التحصيل الذاتي والمهاري إلى درجة عالية وملائمة للعصر الذي يعيشون فيه ، فتجد فرع الموهبة والابداع المتمثل في برنامج الفيديو التوعوي ، غاية في الدقة من حيث اختيار الموضوع وطريقة ترشيح الفائزين فيه فإن هذه التجربة الجديدة في مجال الجوائز الدينية والتربوية قائمة على البرامج الجديدة وتدعو جميع الشرائح التعليمية من طلاب وطالبات، للعمل على استخدام هذه التقنيات الحديثة لما فيها من منافع تعود آثارها الإيجابية على الفرد والمجتمع، الأمر الذي يحفز الطلاب للقيام بعمل يحقق النتائج الأفضل ويقدم الفائدة لجميع الأجيال، التي تكون مستعدة لاستخدام التقنيات التعليمية وتحقق مزايا التعلم العميق فضلاً عن استخدام التقنيات كأداة لإحداث تغيير في جوهر المجتمع الاخلاقي لما فيه مصلحة الفرد والمجتمع.
ويختلف إنسان عصر العلم والتقنية والثورة العلمية الخلاقة عن إنسان العصور السابقة في عملية الإبداع والتمكن منها، إذ إن ما يتاح اليوم من تقنيات علمية متسارعة ومصادر تعلم متنوعة وأدوات وإمكانات، لم تتح لغيره من بني جنسه، فوفرت له ما يمكنه من الالتحاق بذوي الفكر والإرادة ليقدم مزيدا من الإبداع والابتكار، حيث أن القدرة على الإبداع ترتبط بمثابرة الفرد ومستوى تركيزه والقوى الذهنية والفكرية واستثماره لها، كما أن المصدر الأول للإبداع هو الفكر أو الخيال الخلاق
ولم يكن الإبداع خاصًّا ـ يومًا ما ـ بفئة محددة من الطلاب دون غيرهم؛ فمعظم الطلاب مؤهلين له، لكن بدرجات متفاوتة، وهنا يأتي دور الأساليب التعلمية والبيئة الإبداعية المعينة التي تخلقها الجهات القائمة على مثل تلك الجوائز والتي تعمل على ظهور تلك الملكات، وميلاد الأفكار الجديدة لدى الطلاب بشكل عام .
وتعمل الجائزة على غرس العلم وأصول الدين في الناشئة مع أولى سنيِّ عمرهم من خلال إشراك الطلبة الاطفال من المراحل الابتدائية في الدخول والمنافسة على الفوز بالمسابقة مع تحديد ما سيقومون بدراسته وحفظه ، ليستمر هذا الغرس مع الطالب طيلة عمره، إضافة لإشراك كافة الفئات العمرية الأخرى من الطلبة الدارسين حتى يكون فكرهم الصحيح وإبداعهم هما السبيل إلى تحقيق أهدافهم وبناء مستقبلهم، وطريقا لميلاد شخص مبدع يكفل توفير نتاجٍ جديد وأصيلٍ ذي قيمة.
وحتى في وقت الحزم استمرت الجائزة بالمضي قدماً في طريق التميز والابداع والابتكار برحلة نحو التفوق ونجد أن الاقبال على الجائزة يتزايد عام بعد عام بشكل غير مسبوق ، فأخذت أبعاداً متعددة في دعم التميز والجودة وحققت نجاحات مضطردة من خلال توسعها من الناحية العددية والجغرافية.
من المتعارف عليه دوليا ان المجتمع يحتاج إلى أجيال مفكرة مبدعة، تمتلك الخيال الخصب والفكر الخلاق والملكات الإبداعية، ولديها القدرة على التعمق والتحليل والدراسة، والوصول إلى استنتاجات بناءة تخدم الفرد والمجتمع والوطن، وتلك هي رسالة جائزة الشاب عبدالله بن بدر السويدان يرحمه الله للتميز ، التي وجدت كل رعاية ودعم من قبل رجل الشرقية الأول صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية يحفظه الله .
جديرا بالذكر أن محافظ الخبر سليمان بن عبدالرحمن الثنيان كرّم هذا العام فرسان الدورة الثالثة الفائزين في الجائزة ، وذلك برعاية سمو أمير المنطقة الشرقية وبحضور مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور عبدالرحمن المديرس ، وكوكبة من أصحاب السعادة المسؤولين وأصحاب الفضيلة الشيوخ وعدد كبير من رجال الثقافة والإعلام والأعمال ووجهاء المنطقة الشرقية.
كما أشاد الجميع بالدور المفصلي الكبير والهام الذي تقوم به سعادة أمين عام الجائزة الأستاذة هيفاء بنت بدر السويدان ، مما كان له الأثر الكبير بإيصال رسالة الجائزة بالشكل الصحيح ، ووصلت لما هي عليه الآن من تألّق ونجاح مبهر ، فتم ادراجها منذ العام الماضي ضمن افضل ثلاث جوائز تقدمها وزارة التعليم ، وحققت أرقاما قياسية وقفزات واضحة في دورتها الثالثة هذا العام حيث بلغ عدد المستفيدين 16270 مشاركاً ومشاركة، بينما بلغ المشاركون في الدورة الثانية 6878 مشاركا أما الدورة الأولى فكان العدد 1847 مشاركاً، مما يؤكد حجم الإقبال الكبير على الجائزة.
[COLOR=#ff0600]
بسام العريان[/COLOR]