كل المهن مليئة بالجوانب الإنسانية فالطب مهنة وليس وقف .. حياة الطبيب صدقة جارية على البشر من حوله.
الطبيب شخص مؤهل لتقديم خدمة تشخيصية وعلاجية والمريض هو المستفيد من خدمات الطبيب وبلا شك هي مهنة كسائر المهن فيها منافع متبادلة يستفيد المراجع من الخدمة المقدمة, ينتفع مقدم الخدمة بالعائد المادي وبذلك نجد أن كل المهن مليئة بالجوانب الإنسانية ,فالمهندس يقدم مهنة في منتهى الإنسانية حيث يصنع ويعمر كل ما ينتفع به الإنسان والمعلم يبني عقل ونفس الإنسان والخياط يصنع مايستر ويجمل الإنسان والطباخ والخباز يصنع مايقوت الإنسان والخادم يقدم اجل خدمة إنسانية فهو يقوم على راحة غيره من الناس ,حتى عامل النظافة يقدم انفع خدمة إنسانية.
إذا ليس الطب هو المهنة المنفردة بالإنسانية ونجد من ينادي بحق العامل وحق الخادم وحق كل موظف تحديد ساعات عمله:
إجازات
علاوات
... الخ
ثم يأتي اللا منطق ويطلب من الطبيب أن يقدم خدمة ((ترفيهية)) للمستفيد ( المريض ) إلا وهي العمل حسب الطلب في حين يقوم الجميع بالعمل بما يحقق لهم منافع متبادلة يطالب الطبيب بالعمل بلا مقابل ( بدعوى إن الطب مهنة إنسانية )
نعم بلا مقابل ,فعندما تمضي من عمرك عقود من الجهد لتصبح طبيبا تدفع ثمنها من عمرك وصحتك ونظرك وشبابك وساعات متعتك وقربك من أحبابك
لتصبح طبيبا متميزا ,ثم تمنح راتب لا يفرق كثيرا عن راتب شخص أمضى حياته في اللعب ويخرج ليجلس على مكتب ليحتسي الشاي ويوقع بعض المعاملات ويغادر الساعة ١١:٣٠ صباحا ,ويتم إسكاتك بوهم (( بدل التفرغ )) المرادف ل(( بدل سرقة عمرك ))
فيجعلون منك آلة تعمل بواقع تسعة ساعات يوميا لتمضي أكثر من ثلث حياتك بالعمل ويحظرون عليك التصرف في وقت فراغك فأنت متفرغ للعمل لديهم ومن ثم يحرمونك من هذا البدل حال تقاعدك ,وينتهي بك الأمر إلى استلام ربع راتبك الفعلي حال التقاعد ,عندما تحرم من بدل العدوى فأنت حديدي ضد المرض ,عندما تترك بيتك ساعات طوال وتناوب ولا تستحق ان تعوض بمكافأة ,عندما تمنح بدلات تميز ندرة إشراف بدلات صورية الغرض منها الظهور بواجهة رواتب جيدة
والحصول عليها يستدعي سعيا حثيثا أو أن تجد لك سند داعم (( واسطة)) لتحصل عليها سواء بحق أو بدون ,عندما ينشأ أطفالك بين يدي شخص غريب اللهجة والطباع وأحيانا العقيدة , حين يمر العمر ولم تتمكن من تامين مستقبل لأبنائك ,عندما يحاسبك المتعلمون وأشباههم والجاهلون وإتباعهم ويتهمك الذين لا يفقهون بالتقصير والخطأ ثم لا يرد اعتبارك إذا ما أثبتت براءة ساحتك ,عندما تستباح إنسانيتك وينكر عليك ساعة لراحتك ولغذائك وصلاتك ,عندما تغفل حقوقك كمواطن وإنسان ويظل المراجع على حق وان أخطأ وأنت بلا حقوق وان أصبت عندما تتأمل كل هذا وزيادة ,تعلم يقينا انك تعمل بلا مقابل ,تعمل بمهنة إنسانية ,تغفل إنسانيتك كطبيب
وكيف لمن لم تراعى إنسانيته أن يراعي أُناسٍ آخرين.
عندها فقط تستطيع أن تقول .. كفى ,الطب مهنة وليس صدقة!!
[COLOR=#ff00b9]الكاتبة: فاطمة الرشيدي[/COLOR]