لا تمشي أمامي فربما لا استطيع اللحاق بك، ولا تمشي خلفي فربما لا استطيع القيادة ، ولكن امشي بجانبي وكن صديقي .
في عاصفة حزم ، وفي خضم الحرب ، تبين من بكى ممن تباكى ، اتضحت الصورة بحقيقة الصديق الصادق ، وصاحب المواقف ، والذي هب لنجدة الحرمين الشريفين .
ولعلي قبل الخوض في العاصفة أبين لكم معنى الصديق وحقيقة الصداقة التي كشفتها العاصفة .
الصداقة كصحة الانسان ، لا تشعر بقيمتها النادرة إلا عندما تفقدها ، هي ملح الحياة ، هي عقل واحد في جسدين .
تعدّ الصداقة الحقيقيّة من أجمل العلاقات التي تحدث للفرد في حياته، فللصّداقة معانٍ لا يفهمها إلا من يملك صديقاً حقيقيّاً صدوقاً ، الصداقة مدينة مفتاحها الوفاء وسكّانها الأوفياء ،شجرة بذورها الوفاء وأغصانها الأمل وأوراقها السّعادة .
الصّداقه الحقيقيّة هي تلاحم شخصين في شخصيّة واحدة تحمل فكراً واحداً .
وكثيرا مانسمع هنا وهناك عن صداقات مزيفة ، وانتهت تلك الصداقات بنكران للجميل وخيانة للصديق ولهذا يقول المثل
العربي :" احذر عدوّك مرّة ، وصديقك ألف مرّة ، فإن انقلب الصّديق ، فهو أعلم بالمضرّة " هذا في الرخاء فكيف يكون الصديق في الشدة " الصديق وقت الضيق " .
ولعل سائل يقول اذا كانت هذه الصداقة بمعناها فمن هو الصديق الحقيقي وماهي صفاته ، فأقول وبالله التوفيق :
الصّديق الحقيقي: هو الّذي يظنّ بك الظنّ الحسن، وإذا أخطأت بحقّه يلتمس العذر ويقول في نفسه لعلّه لم يقصد
الصّديق الحقيقي: هو الصّديق الّذي تكون معه كما تكون وحدك، أي هو الإنسان الذي تعتبره بمثابة النّفس
الصّديق الحقيقي: هو الّذي يفرح إذا احتجت إليه ويسرع لخدمتك دون مقابل
الصّديق الحقيقي: هو الّذي يقبل عذرك، ويسامحك إذا أخطأت، ويسدّ مسدّك في غيابك.
الكثير من النّاس يجدون أنّه من السّهل تكوين اصدقاء كثر، ولكنّهم يدركون أنّه من الصعب العثور على الأصدقاء الحقيقيين الّذين سيقفون إلى جانبهم خلال مشاق الحياة .
وقد أبدع شاعرنا بقوله:
أخـلاّء الـرّجـال هـم كثيـرٌ...ولكـن فـي البـلاء هـم قليـل
فـلا تغـرُرْك خلّـة من تؤاخـي ...فمـا لك عنـد نـائبـةٍ خليـل
وكـلّ أخٍ يقــول أنـا وفـيٌّ ...ولكـن ليـس يفعـل ما يقـول
وقال آخر :
فما أكثر الأصحـاب حين تعـدّهم ...ولكنّهـم فـي النّـائبـات قليـل
ومع العاصفة ، وحرب الصفويين ، ظهر أبطال المملكة ،الشعب السعودي الوفي ، ظهر الطيب من الخبيث ، وقف الأبطال في مواجهة العدو بقلب صادق مؤمن ، واستبسلوا في حماية البلاد وطاعة لله ورسوله وولاة الأمر فرأينا حملة كلنا مرابطون ، ورجال فيفا وتضحياتهم ، ووسائل التواصل
وتكاتفها ودعمها للعاصفة ، وهكذا هو الشعب البطل ، تظهربطولاته في الشدائد .
ومااكثرالاخوان حين تعدهم....ولكنهم في النائبات قليل
وبالمقابل هناك دول وقفت بالصوت والصورة فقط ، ودول تقهقرت وتراجعت ، ودول بدأت تصطاد في الماء العكر،وكلها تناست مواقف بلادي معهم ، ودعمهم الذي اغناهم من فقر .
ولكن مازلنا لم نتعلم من الدرس ، فهل نعي تلك المقولة : " من ليس معنا فهو ضدنا " أتمنى أن تصل الرسالة وتعي بلادنا
الصديق الحقيقي " صديق المواقف لا صديق المعارض ".
أتمنى أن تكون عاصفة الحزم تؤتي أكلها ونتعلم منها أن هذا الزمان اختلف وبدأ الحيوان يرحم الإنسان ، ولا خوف علينا من ثعبان ، ولا أسد مفترس ، ولكن الخوف ممن قال الله عنهم :
" كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ "
وختاما هي بلادي فمن سينال منها سيكون قد حكم على نفسه وأهله بالفناء .
بقلم الكاتب: عبدالله الحارثي