بعد إعفاء وزير الإسكان السابق، جاء قرار إعفاء وزير الصحة ليلغي الحصانة المتوهمة لمنصب الوزير، وهذا ــ في ظني ــ أولى علامات الإصلاح الإداري؛ لأن الوزير حتى لو اكتسب منصبه طبيعة سياسية باعتباره عضوا في مجلس الوزراء، إلا أنه في كل الأحوال موظف كبير، ويفترض أن تكون الضمانة الوحيدة لبقائه في هذه الوظيفة المرموقة هي أداءه الجيد.
تغيير وزراء الخدمات أو تدويرهم يمنح الجسد الإداري الكثير من الحيوية، سواء كان أداؤهم جيدا أم العكس، فالجمود يؤدي إلى الترهل الإداري وتكدس الملفات في أدراج أصحاب المعالي، ومن سمات هذا العهد الميمون سرعة اتخاذ القرار والانسجام الفوري مع تطلعات الشارع، وهذه الحيوية السياسية والإدارية سوف تقود حتما إلى نتائج إيجابية سريعة، خصوصا على الصعيد التنموي.
وإذا كانت قرارات الإعفاء بعد التراخي في أداء المهمة أمرا ضروريا كي لا يظن أي مسؤول أنه باقٍ في منصبه مهما كان أداؤه، فإن مبدأ التغيير ــ بحد ذاته ــ سوف تكون له نتائجه السحرية على الجسد الإداري المحلي بشكل كامل، فالوزير الذي يعمر لسنوات طويلة في منصبه لا يغير فريقه ولا وكلاءه ولا حتى موظفي مكتبه ولا طريقته في العمل، وهكذا تسير دورة العمل في اتجاه واحد لسنوات وسنوات، وتقل الحماسة التي كانت موجودة في بدايات تسلم المنصب، وتبدأ موجات الرتابة بالتسلل بين أروقة الوزارة، وتتورم مراكز القوى الخفية، وتظهر معادلات جديدة في اتخاذ القرار.
قد نكون اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ كسبنا قرارات الإعفاء الحازمة الحاسمة في حال لم يكن الأداء بالصورة المطلوبة، وقد تتضاعف المكاسب ــ بإذن الله ــ من خلال اعتماد سياسة التدوير والتغيير كلما مرت فترة كافية يتضح فيها أن الوزير قدم كل ما عنده.
نعود إلى وزارة الصحة التي تناقل حقيبتها خمسة وزراء في فترة وجيزة، ونتمنى أن لا يكون هذا الأمر سببا في خلق حالة من الارتباك في أدائها؛ لأنها من أكثر الوزارات اتصالا بالجمهور، وأملنا كبير بالله ثم بمعالي وزير الصحة الجديد محمد آل الشيخ بأن يعيد الألق لهذه الوزارة التي (داخت) لسنوات طويلة ولم تنفع معها كل المسكنات وحبوب البنادول.. وهو أهل لذلك ــ بإذن الله.
[COLOR=#ff000c]خلف الحربي [/COLOR]
عكاظ