من مهام الإنسان المفكر أن يتمعن النظر في المواقف والمشكلات الاجتماعية التي تحدث في المجتمع وينقدها نقداً بناءً, تعبيراً عن عدم الرضا بما هو كائن, ورغبةً في الوصول إلى ما ينبغي أن يكون.
فعندما نتساءل كيف يتعامل كلاً من الشاب والفتاة مع أي موقف يواجههما في الحياة العامة, نجد بأن دراسات علم النفس أكَّدَت على أن لغة الفتاة في التعامل مع المواقف في حياتها من خلال (مشاعرها), أما الشاب فإن لغته في التعامل مع المواقف في حياته فتكون من خلال (مشاريعه).
فمثلاً ..
الفتاة حينما تستاء من موقف ما فغالباً تلجأ إلى البحث عن شخص لكي تُعبر له عما بداخلها, وحينما تحكم على الأمور فإنها تحكم بعاطفتها أكثر من حكمها بعقلها, أما الشاب فعندما يستاء من موقف ما فإنه غالباً ما يلجأ للصمت, وحينما يحكم على الأمور فإنه يُرجح عقله أكثر من عاطفته.
ومن سوء الأخلاق ..
أن نلاحظ في وقتنا الراهن وجود علاقات غير شرعية بين بعض الشباب والفتيات, مع العلم بأن كلاً منهما له هدف مختلف عن الآخر في الغالب.
فالشاب يطمح من وراء هذه العلاقة إلى المتعة والتسلية التي تأثر بها من خلال مشاهدته لأفلام الوناسة والطرب, أما الفتاة فتهدف إلى البحث عن الحب الذي تراه في المسلسلات التركية والذي قد يتحول إلى زواج حقيقي في المستقبل.
رُبما قد يستعجب البعض كيف لهما أن يتفقا وهما مختلفان في الهدف!؟
والسبب هنا يعود إلى (جهل) أحدهما بفهم طبيعة الآخر على حقيقته, أو (لطيبة قلبه الزائدة) والتي تجعل منه إنساناً ضعيفاً يثق بأول شخصٍ يبادله الاهتمام فينخدع به.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ..
ما مصير هذه العلاقة؟
هل هو الزواج؟ أم الإنكار والجحود ومن ثم الفراق والذي يتبعه حزنٌ كبير؟.
لأنه من المتعارف عليه بأن أي علاقة بين شخصين أما أن تستمر أو أن تنتهي.
فمثلاً ..
في البلدان الغربية يكون هناك علاقة بين الشاب والفتاة, ولكن هدفهما مشترك وهو في حالة توفر الراحة لكليهما من هذه العلاقة, فلابد لهما من الزواج.
أما في مجتمعنا ففي الغالب بأن الزواج لن يتم نظراً لتلاعب أحدهما بمشاعر الآخر مما ينتج عنه الحزن واليأس من الحياة, هذا إن لم يتطور الأمر لابتزاز وتشهير.
وإن اقتنع الطرفان ببعضهما وأرادوا الزواج فإن أهاليهم لن يقتنعوا بذلك, مما يجعل الوضع يزداد سوءاً, هل يختار الشخص (حبيبه) أم (أهله)!.
المشكلة هنا ..
بأننا ندعي الإسلام, ونَدرس القرآن الكريم والسنة النبوية, ولكن لا نطبقهما عملياً, فهل بناء مثل هذه العلاقات من الأمور التي يؤكد على فعلها الشرع أم لا؟.
قد يتساءل البعض ما الذي قد يدفع بعض الشباب والفتيات لإقامة مثل هذه العلاقات غير الشرعية, سنجد بأن هناك مجموعة من الأسباب, ومنها:
أولاً/ ضعف الوازع الديني عند بعض الشباب والفتيات.
ثانياً/ غياب الدور التربوي عند بعض الأُسر من نصح وتوجيه ومتابعة وتقويم.
ثالثاً/ استخدام بعض الأُسر لأسلوب الفرض على الأبناء, مما يجعل الأبناء يهربون من هذه السيطرة إلى طرف آخر يسمع منهم ويبادلهم الاهتمام.
رابعاً/ انعدام استخدام ثقافة الحوار الفعال في بعض المنازل, ليس فقط عند حدوث المشكلة بل حتى في النقاشات العامة.
خامساً/ إهمال الأب والأم لبعضهما البعض, مما قد ينتج عنه التفكك الأُسري والذي سيصبح ضحيته هذا الشاب وهذه الفتاة.
سادساً/ سرعة انتشار التقنية الحديثة في مقابل سرعة استخدام الناس لها, مما يتيح الفرصة لمن يريد استخدامها بشكلٍ سلبي في التعرف على كم كبيرٍ من الناس.
سابعاً/ حب الظهور أمام الآخرين بأنه إنسان محبوب وله قبول عند الجنس الآخر.
وأخيراً ..
إن الحل في مثل هذه القضايا يبدأ من عند الشاب والفتاة بأن يعي كلاً منهما بأنه مخطئ ويعدل سلوكه, وثانياً يأتي الدور الإيجابي للأقران فقد أصبح تأثيرهم على الفرد في وقتنا الحالي أكبر من تأثير الأسرة, وثالثاً بمدى تفهم الأسرة لأبنائها وبناتها, والحديث معهم والسماع منهم ومبادلتهم الحب والحنان, ورابعاً يأتي هنا دور مؤسسات المجتمع الأخرى من المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام بتوعية وتثقيف الناس عن مدى خطورة مثل هذه العلاقات بين الشباب والفتيات.
حكمة .. قال صلى الله عليه وسلم: (( كُلُّ أُمَّتي مُعَافى إلاَّ المُجَاهِرِين )).
الكاتب/ مساعد بن سعيد آل بخّات
Mosaedsaeed@hotmail.com
@Mosaedalbakhat