مع قدوم الإجازة يجهز الكثير من الأسر أمتعتهم للاستمتاع بالإجازة ، ولكن ما يؤلم كثيراً بعض الآباء الذين ما أن تأتي الإجازة إلا ويحجز لقضاء الإجازة خارج البلاد .
وأنا هنا لا أنتقد السفر الذي فيه طاعة لله ، وتغيير للنفس ، والترفيه عنها بالوسائل المباحة .
ولا أقصد سفر الأب مع أسرته ورؤية بعض البلدان التي تتميز بالمناظر الخلابة .
ولكن ما أقصده هو استمرارية سفر الأب مع زملائه وترك الأبناء بلا رقيب ولا حسيب .
أو قل إثقال كاهل الأم بزيادة جهد فما أن تأتي الإجازة إلا وتجد شباب وفتيات هنا وهناك في المنتزهات وعلى الشواطئ ، ولا رقيب ولا حسيب ، هذا من جهة الرقابة.
أما من جهة تكامل الأسرة وبناؤها وتعزيز بعض القيم ، فحدث ولا حرج .
رسالتي هنا أوجهها للأب المشغول دائماً في حله وترحاله ...متى يسمح وقتك الكريم للجلوس مع أسرتك ، والخروج معهم للتنزه؟!
متى تصحو من غفلتك وتعلم أن هناك أمانة يجب عليك أداؤها؟!
إن قلت : "أنا مشغول في تأمين مستقبلهم "
أجيبك : هل تعلم أن كثيراً من الآباء نجحوا بإخراج أبناء وبنات منتجين فمنهم الطبيب المختص والمعلم والطيار ومربية الأجيال
وهو لايجد إلا قوت يومه ، ولكن لأنه علم أنه مسؤول أمام الله ، ثم أمام بلده الذي يحتاج لفكر نير ورؤية ثاقبة وجيل منتج.
أيها الأب المشغول
الأسرة هي اللبنة الأساسية لبناء كل مجتمع
واهتمام الأب والأم بتربية النشء وتوجيههم سيكون له الأثر البالغ في بناء المجتمع، وسينتح عنه بناء الدولة .
وما حصل لبعض من أبنائنا من أذى جسدي أو نفسي أو تحلل خلقي أو انحراف فكري إلا بسبب تقصير الأب بالدرجة الأولى.
أيها الأب المشغول
أن بنائك لن يؤتي أكله إلا بأن ترى من يقوم مقامك ويكمل مسيرة نجاحك ، وهذا لن يكون إلا بإحساسك بالمسؤولية ، وإعطاء أسرتك فرصة للتنزه معهم ، والبحث عما يدخل السرور عليهم .
أيها الأب المشغول
الكثير من الأبناء والبنات في أنفسهم حاجات نفسيه وفي نظراتهم أسئلة كثيرة تحتاج لأم حنون وأب عطوف يحتوون أبنائهم وبناتهم ويبحثون عن حاجاتهم ويوجهونهم في زمن انهيار الكثير من القيم ، وكثرة الحروب والفتن ، وانتشار الإشاعات ، وكثرة القنوات والتي أكثرها يهدم ولا يبني ، يؤلم ولا يفرح ، قنوات تغير الفكر فيخرج الملحد والمنتحر والمهرب والعاطل والفاشل .
أيها الأب المشغول
والله إن انهيار الأسرة بسبب انشغالك ، فمتى تكون معهم ؟!
وإلى متى وأنت مشغول عنهم؟!
أما آن لك أن تستفيق؟!
أما آن لك أن يصحو ضميرك؟!
أيها الأب المشغول
ستموت وتنتهي حياتك ، وتقابل أبنائك في ذلك اليوم العصيب ، فتخيل معي لو وقف أمامك ولدك ونادى : يارب خذ حقي من أبي!
نظرت إليه ولا تستطيع أن تجيب ، ولسان حالك " لقد تعبت وسافرت وعملت حتى لا تحتاج لأحد ولا يذلك أحد "
ولكن الطلب من ابنك " لم يعلمني الصلاة"
لم يوجهني للخير" " تركني ألهو وألعب ولم يجلس معي يوماً "
وتأتي ابنتك وتصيح بأعلى صوتها :" أنت السبب يا والدي"
تركتني للذئاب البشرية ، حتى وقعت في المحرمات.
أيها الأب المشغول
راجع نفسك ، وحكم عقلك ، وعد إلى أسرتك وبيتك ، وافتح قلبك لهم ، واعمل جهدك ، وسترى أن كثيراً من همومك وأحزانك كان سببها بعدك عن بيتك وأسرتك.
أيها الأب أيتها الأم
شكراً لكما على ما تقدمونه وتبذلونه لنا ، ولكن لاتنسونا في إجازة الربيع ، فكل أب وأم مع أسرهم يلهون ويلعبون ، وإذا تألم أحدهم
نادي " بابا" " ماما" ونحن نتألم ونحزن ولا مجيب لندائنا فهلا أسعدتمونا"
تلك هي رسالة كل الأبناء والبنات فهل سنرى لها آذاناً صاغية أتمنى ذلك وفي كل خير