عندما كانت الحياة زهيدة منذ مايقارب الخمسين عاما نتذكره في تلك الفترة برتبة نقيب مظلي من أبطال الجيش السعودي الذي شاركوا في حرب 1948..تلك الحقبة من الزمن تجعل من هو في مقام هذا البطل يشعر بالزهو والكبرياء وعدم الشعور بمن هم حوله .. لقد كان عكس ذلك تماما(عندما يصل لزيارتنا ونحن أطفال في تلك الفترة) فلقد كان حريص أن يقضي اجازاته مع أهله وأقاربه كنا نفرح بقدومه فلم نكن نعرف النقود والحلوى والألعاب الا عندما يزورنا هذا الرجل .. بقدومه وزيارته لنا – وكنا في تلك الفترة من سكان مدينة الطائف – تعم الفرحة قلوبنا و بقيت ذكرياته الجميلة في مخيلتنا- وبعض منا الآن قد تجاوز الستين .. وفي استعراضنا لشريط حياتنا ومعرفتنا وحبنا لهذا الرجل نكتشف انه من المحطات الخالدة التي لايمكن ان تُنسى فقد عرفه كل من عايشه على كافة المستويات بانكار الذات والكل مصالحهم مقدمة على مصلحته .. فقد كان يتلمس حاجات الناس ويسعى لقضائها كان بطل شجاع شامخ الإطلالة لم نراه وهو في مشيته الا رافع الراس نرى فيها العزة باسمى معانيها والتواضع مع اخلاقيات السمو كان حديثه مع الكل فيه من الحكمة والنصيحة ما يجعلك تنصت إليه كان يتحلى بأدب الحوار وأدب الانصات يتحدث للجميع وكأنه يعني كل واحد بشخصه .. كان سخي ومعطاء وكريم لاتعني له الدنيا وزخرفها شي بالرغم إنه كان على السرير الأبيض الذي ﻻزمه ستة سنوات كان همه كل من حوله يعطي هذا ويقف مع ذاك ويتلمس حاجاتهم كان جواد عطوف - الحلم من طباعه والكرم ديدنه كان قائد مُحنّك مربي فاضل نرى في أولاده النجابة والصلاح كان حريص في أحاديثه على نقل تجاربه للاخرين .. مرض ثم مات هذا العملاق العميد سعيد بن ناصر آل سوده القحطاني عليه من الله الرحمة سنة الله في خلقه تزلزلت مشاعرنا بفقده لا اعتراض على قدر الله لكن كان المصاب جلل والخسارة فادحة فقدنا رجل كان ركناً من أركان قبائل قحطان ونحمد الله إن ترك لنا إرثا عظيماً من مكارم الاخلاق وسمو المعاني الفاضلة ورجالاً من صلبه نراهم يواصلون المسيرة المشرفة على خطى والدهم في خدمة دينهم ووطنهم وأمتهم .. مناقب هذا الرجل والحديث عنه لايغطي كل ما عرفناه عنه .. وستظل ذكراه لاتنسى ..
رحمك الله ابا ناصر وستبقى في قلوبنا وقلوب محبيك مابقية الحياة
الدكتور محمد دغش القحطاني