يقول أحمد مطر:
قلمي فوق دواة الحبر غاص .... ثم غاص
قلمي في لجة الحبر اختنق
وطفت جثته هامدةً فوق الورق
روحه في زبد البحر ضاعت في المدى
ودمه في دمي قد ضاع سدى
و مضى العمر و لم يأتي الخلاص
اه يا عصـر القصاص
طلقة الجبار لا يوقفها قطر الندى
لا مناص لا مناص
آن لي أن أترك الحبر و أن أكتب شعري بالرصاص!!!
أصل الكلمة من الفعل العربي قَلم أي قطع وذلك لأنه كان يُقطع القصب ليصبح حاداً في كل مرة لوضع الحبر عليه فسمي قلماً.
وأهيف مذبوح على صدر غيره *** يترجم عن ذي منطق وهو أبكم
تراه قصيراً كلما طال عمره *** ويضحي بليغاً وهولا يتكلم
وقد قال عنه عمرو بن مسعود: الأقلام مطايا الفطن.
وقال جالينوس: القلم طبيب المنطق.
وقال ابن أبي دؤاد: القلم سفير العقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأطوال، وترجمانه الأفضل.
وقال ابن المقفع أيضاً: القلم بريد القلب يخبر بالخبر وينظر بلا نظر.
وقالت العرب: عقول الرجال تحت أقلامها.
وعلاوةً على ذلك أنهُ يوجد في القرآن الكريم سورة بأسم القلم، وقد سميت بهذا الأسم لأن الله سبحانهُ وتعالى أقسم بهِ في أول السورة حيث قال: (ن* والقلم وما يسطرون).
هو ذلك العظيم الذي يثيره بعض المواقف أو المواضيع التي يغلي بسببها دمه داخل ذلك الأنبوب الذي في جوفه، ثم يسيل إلى تلك الريشة التي بدورها تنسج حروفهُ لتسطر ما يريد توضيحه لمستفزيه على ورقة بيضاء، أنهُ ذلك الذي كتب التاريخ، ووضع قواعد الأدب، وسن القوانين. بل هو الكريم الذي ما أن أحتجت إليه وجدتهُ، وبعد أن تفرغ منه تلقي به على الطاولة وتذهب ولا تسأل عنه أبداً. وبعد فترة من الزمن وعند حاجتك إليه، تجده يعطيك من عمره ويسكب لك من دمه ما تريد حتى آخر قطرة. بالله عليك ألا تشعر بأنهُ يعلمك درساً عظيماً في الوفاء.
أنهُ القلم الذي تحدث وكتب عنه الشعراء، والمفكرين، والعقلاء، والمثقفين.
إن القلم الهادف، يكتب مبادئ، ويُنعش القارئ، ويُحرّك أجيالاً، ويبني شعوباً.
القلم الطيب، يُصلِحُ الأحوال، ويعدل ما مال، ويسحق الباطل بجمع الأقوال.
القلم النبيل، يُعبدُ الطريق، ويرسمُ المستقبل، ويكتبُ التاريخ.
وأجمل ما يكتُبهُ القلم، (يوم تطرق الرؤوس ، وتصمٌتٌ النفوس ، وتنظرُ الأعيُن، ويسود الصمت فلا تسمع إلا همساً).
إن القلم الصادق الذي يُصاحبهُ البيان يفعل في الناس فعل الجيوش الجرارة، والسيوف البتارة، والجنود المغامرين.
والقلم البليغ، يخاطب الأرواح مباشرة، ويناجي العقول بلا حجاب، فيُصل الفكرة كما أراد.
والقلم يُصلِحُ بحبرهِ أمماً، ويهدي شُعوباً، ويُفرِحُ أُناساً، ويُحزِنُ أجناسا.
يقول أحمد مطر:
جس الطبيب خافقي
و قال لي:
هل هنا الألم؟
قلت له: نعم
فشق بالمشرط جيب معطفي
و أخرج القلم؟
هزالطبيب رأسه... و مال و ابتسم
و قال لي:
ليس سوى قلم
فقلت: لا ياسيدي
هذا يدٌ و فم
رصاصةٌ و دم
و تهمةٌ سافرةٌ.. تمشي بلا قدم!
فيا ليتَ قومِ يعلمون
[COLOR=#FF002E]
صالح آل سحيم[/COLOR]
@sale7_l