كانت ولا تزال، تـنـتـشـر في جامعاتنا وخاصة الكليات النظرية ظاهرة ما يعرف بالمذكرات أو الملخصات، كبديل عن الكتاب أو المراجع، حتى استسهلها طلابنا وطالباتنا واعتادوا عليها، مما أثر ذلك سلبا على الخريجين من حيث ضعف مستواهم وتحصيلهم العلمي في تخصصاتهم، ناهيك عن المواد الأخرى من غير التخصص، إذ المتبع أن يقوم من يرغب بذلك من أعضاء هيئة التدريس، بتلخيص وكتابة المقرر المراد تدريسه، ويسلم النسخة إلى قسم (خدمة الطالب) بالكلية أو الجامعة، أو لإحدى المكتبات التجارية لتقوم هي بتصويرها وبيعها على الطلاب أو الطالبات.
ويبدو أن هذه الظاهرة أو هذه العدوى انتقلت إلى مدارس التعليم العام في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وانتشرت خاصة في مدارس البنات، أكثر من مدارس البنين، إذ تقوم المعلمة بتلخيص درس أو عدة دروس أو باب كامل من المقرر، وتضع النسخة في إحدى المكتبات، ويتم توجيه الطالبات لشرائها من تلك المكتبة، ومن يذهب إلى كثير من المكتبات التجارية، يلفت نظره هذا العدد الكبير من الملخصات المعروضة للعديد من المواد، ويلاحظ مدى الإقبال عليها، وأن آلات التصوير(ما شاء الله واللهم لا حسد) لا تتوقف عن العمل، ومن لديه بنات في المرحلتين المتوسطة والثانوية يدرك ذلك جيدا.
ومن يرى من غير أبناء هذا البلد، هذا المشهد في المكتبات، ويجهل طبيعة أو حقيقة مدارسنا، يتصور أن الدولة عندنا لا توزع كتبا على الطلاب والطالبات، وهذه مفارقة عجيبة، في ظني لا توجد دولة في العالم كدولتنا أعزها الله في حجم الإنفاق على التعليم بشكل عام، وعلى تطوير المناهج وطباعتها طباعة فاخرة بهذا الشكل الذي نراه، وتوزع مجانا على جميع الطلاب والطالبات.
وبرغم الجهود الصادقة والمخلصة التي لا تنكر والتي يبذلها المعلمون والمعلمات في عمل التلخيص وما يأخذه من وقت وجهد، هو بلا شك يأتي بدافع حرصهم على مصلحة الطالب والطالبة، وبغرض تبسيط وتسهيل المادة، إذ إن بعض المناهج كثيرة وصعبة، وأن الحل الوحيد في رأيهم هو التلخيص.
ولكن هناك من يرى أن هذه الظاهرة أضرت بالتعليم وأثرت سلبا على مستوى الطلاب والطالبات، وأدت إلى ضعف تحصيلهم العلمي ويقولون: إذا كان الأمر بهذه الصورة! إذن ما الفائدة من طباعة هذه الكتب التي تكلف الكثير من الأموال؟
طبعا الطلاب والطالبات تستهويهم هذه الملخصات ويطلبونها من معلميهم ومعلماتهم، بل ويلحون في طلبها، بسبب صعوبة المنهج، وأن هذه الملخصات بحسب رأيهم تعينهم على دراسة وفهم المادة.
وحتى نمسك العصا من وسطها كما يقولون، في رأيي الشخصي، لو كان التلخيص داخل الفصل بمعنى يكتب الطلاب والطالبات في دفتر الفصل نقلا من السبورة أو من أجهزة العرض، أو ما يمليه عليهم أو عليهن المعلم أو المعلمة، لكان الأمر أهون بكثير، على الأقل يمسك الطلاب والطالبات بالقلم ويمارسون أو يمارسن مهارة الكتابة، التي لم تعد تستخدم كثيرا بعد أن هجر القلم، وأصبح طلابنا وطالباتنا يتقنون فن التعامل مع الايباد والايفون وما شابه ذلك من أجهزة، وتباهوا باستخدامها، ولكن على حساب علاقتهم بالقلم، فالعلاقة القوية التي كانت قديما تربط الطالب بالقلم انخفض معدلها وقلت كثيرا، ولم تعد كما كانت عليه في السابق، فأصبح هناك مسافة واضحة البعد بين الطرفين، تزداد مع الأسف بمرور الأيام مما خرج لنا طلابا وطالبات ضعفاء في الكتابة وفي الإملاء.
ادخلوا إلى المدارس لتروا إلى أين وصل مستوى (الخط) عند الكثير من الطلاب والطالبات وكم أصبح ضعيفا ومخزيا.
هذه القضية تحتاج إلى أن ينظر إليها بجدية متناهية واهتمام بالغ من قبل وزارة التربية والتعليم وتتخذ بشأنها حلول مناسبة.
[COLOR=#FF002E]عبدالله حسن أبوهاشم[/COLOR]