من الجميل أن يستشعر كل واحد منا ذكراً كان أم أنثى تمثيله لدينه وأمته ووطنه في كل حركة يتحركها وتصرف يتصرفه، فعندما يحسن التصرف مع الآخرين لابد وأنه سيحببهم في دينه وأمته ووطنه من خلال تصرفاته، تماماً كمن يتصرف أقبح التصرفات ليجد الآخرين لا ينفرون منه فقط، بل ومن الدين الذي يتبعه لأنه من علمه ذلك بنظرهم، ومن الأمة التي ينتمي إليها والوطن الذي يحمل هويته، لأنه يكفيهم أن ينتمي لهم شخص بهذا السوء لينفروا منهم.
قبل أيام طالعتنا الأخبار بخبر انتخاب ملكة جمال للأردن، وهو ما ضجت به المواقع الإخبارية والتواصل الاجتماعي، وأصبح يتكلم به حتى سائقي الباصات في الشوارع، فهذا يعلق على أنفها، وأخرى لم تعجبها تسريحة شعرها، وآخر يحمد الله أن وجد من يرفع معنوياته في الحياة، وتلك وجدت في الأمر العذر في تبرير كشرة الشعب الأردني، وانطلقت النكات والضحكات والسخرية يميناً وشمالاً.
ونحن هنا لسنا بصدد التعليق على هيئة وشكل "زينة العلمي" التي اختيرت في مسابقة نظمتها سيدة مصرية في مصر لإختيار فتيات جميلات "بمعايير مسابقتها" من بعض الدول العربية، لأننا لا نتجاوز ما يأمرنا به ديننا وأخلاقنا من تجنب السخرية من أي كان، مهما كان شكله أو جوهره.
لكننا في الوقت ذاته نوجه السؤال إلى زينة وكل المتحمسين لها، ترى هل تقبلون يوماً أن يتم إنتخاب محافظ للمدينة التي تسكنون بها في الأردن خارج الأردن، ثم إعلان ذلك على أهل المدينة بدون حتى معرفتهم بموعد إنتخاب ذلك المحافظ وطريقة إنتخابه !
وهنا يكمن بيت القصيد، فليس مشكلتنا مع زينة أو غيرها من شباب وشابات وطننا الذين نفاخر بهم دائماً، بل على العكس فكل منصف يفرح ويسعد عندما يجد شباب وطنه يشرفون الوطن ويمثلونه أجمل تمثيل، وشباب وطننا خير مثال لذلك ولله الحمد.
لكن نقطة الإستفزاز كانت مبدئياً أنه لم يكن هناك يوماً مسابقة لملكة جمال الأردن، لأن معظم أهل هذا البلد الذي ننتمي إليه مازالت ترفض مثل هذه الأمور المتعارضة مع تعاليم دينه وعاداته وتقاليده، فالمجتمع الأردني مازال برغم كل ما حوله يحتفظ بنزعته الدينيه والعشائرية والقبلية العربية الأصيلة المحافظة، كما أن كل منتمي لتراب هذا الوطن تعلم الأصالة من منبعها، لذلك هو يعتبر كل بنت من بنات بلده ملكة جمال بالتزامها بدينها وأخلاقها وعفتها.
ثم وإن إفترضنا جدلاً أن مثل هذه المسابقة أقيمت لبنات الأردن، فالمنطق يقول أن تقام المسابقة في الأردن، ومن خلال القنوات الصحيحة عبر وزارة الثقافة، بالإعلان عنها وإعطاء الفرصة لكافة بنات الوطن للترشح وإختيار واحدة منهن بطريقة معلنة على الجمهور ومعروفة للجميع، وليس أن تستيقظ بنات الوطن ليجدوا ملكة جمال قد هبطت فوق رؤوسهم فجأة، متى وأين وكيف لا أحد يدري ...!
هددت زينة جميع من أساؤوا لها بكلمتها "سأقاضيكم"، ونعتقد بأن من حقها وحقنا جميالعالمين.جه لمن غرر بها وأقنعها بمسابقة لا تتعدى كونها مسابقة أقيمت من أجل الشهرة والمال بدون أي ضوابط صحيحة ومنطقية، ولكل من يغرر بشباب الوطن ليل نهار، أو ينهب خيرات بلدهم ويستخف بعقولهم، بأن نرسل له من خلال هذه السطور رسالة مغلقة تحمل كلمة واحدة:
"سأقاضيكم" ...
ليس في هذه الدنيا بل بين يدي أعدل العادلين وصاحب الملكوت، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
[COLOR=#FF003E] بقلم م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران[/COLOR]