إن من أهم الشروط المطلوبة لتشجيع الاستثمارات هي الأمان والاطمئنان قبل الربحية. فإذا كان الاستثمار سهلاً في بعض البلدان المتقدمة وبعيداً عن أيّ من الأخطار في جو من الأمان والاطمئنان وحسن المردود والسرية. فإنه قد يكون في بلاد أخرى معرضاً للخسارة أو المصادرة أو التأميم.
فبعد تجاوز مرحلة الادخار من حيث المبدأ وتكوين نواة مهمة سواء من حيث الحجم أو المضمون فإن من الطبيعي استثمار ما ادخرناه. إن المهم ليس الادخار فقط، بل الاستثمار وتطوير الاستثمار وتغيير الوضع حسب تطور الظروف، فالمتابعة أهم من الانطلاق والمحافظة أصعب من الحصول على المطلوب.
فبعدما أصبح لدينا ((رأس مال)) أو ((ثروة)) ولو قليلة نسبياً، نتيجة سياسة ادخار عقلانية أصبح لزاماً علينا أن نحافظ على تلك الادخارات لا بل أن نوجهها نحو الاستثمار، ولا يجوز أن نترك مدخراتنا جامدة من حيث نوعيتها أو قيمتها لأن النقود بصورة عامة، تسير نحو الذوبان وتفقد قوتها الشرائية وقيمتها تنخفض باستمرار.
إذن: فالمفروض أن ننتقل لمجال الاستثمار دون التوقف عند تنفيذ برنامج الادخار، وهذا يكون في إطار من التخطيط السليم بحيث نسير على خطين: الأول (الادخار المبرمج) والثاني (بدء الاستثمار).
أولا : الاستثمار التجاري: إذ عندما نفكر بالتجارة فينبغي بداية أن نتساءل: هل يصبح الإنسان تاجراً أم يُولد تاجراً؟!.
فالحقيقة، أن من وُلد تاجراً له أفضلية هائلة على مَنْ يريد أن يتعلم، وأن يجتهد ليصبح تاجراً وبالتالي، فإن الذي يولد تاجراً سوف يكون سباقاً في تحقيق مشاريعه وزيادة أرباحه وينجح باستمرار حتى الفشل يمكن أن يجد له حلولاً فيقلبه إلى نجاح في بعض الحالات، ولذا قيل في بعض المأثور الشعبي: إنه تاجر ابن تاجر.
ثانيا : الاستثمار العقاري: إن النشاط العقاري هو مقياس حرارة الاقتصاد بصورة عامة وكلما كان التطور العقاري جيداً كلما كان الاقتصاد أفضل. بَيْدَ أن قطاع العقار الذي يكاد يكون شبه مضمون يكون مردوده محدوداً جيداً، لأنه يتراوح بين ثلاثة إلى عشرة بالمائة في أفضل الاحتمالات. أما السكن العقاري فإنه يعتبر في الدول المتقدمة استثماراً ممتازاً يحمي رأس المال من التضخم وخاصة عندما تكون قوانين التأجير والاستثمار عادلة، فإن ما يوظفه المرء في العقار يعطيه دخلاً سنوياً حوالي 5%، ويضيف إلى رأسماله نفس نسبة التضخم السنوي إن لم يكن أكثر. وهكذا نجد أن العقار هو أحسن الاستثمارات لعدة أسباب: أهمها أنه لا يخسر، ثم إنه يشكل قاعدة مجمدة لأموال كانت قد ذابت لو لم توظف فيه.
بعد هذه اللمحة السريعة عن القطاعات الأساسية للاستثمار، قد يبدو من الضروري تلخيص كل قطاع بعبارة تعطي فكرة واقعية عنه وتوجه خياراتنا، أو تحدد لنا وجهة سيرنا وتمكننا من التفضيل. فنقول إن:
التجارة = مرونة ومال.
العقار = مال ونفس طويل.
فإذا شعرنا أن بإمكاننا ولوج إحدى هذه القطاعات أو أكثر من قطاع، وأننا نملك عناصره الأساسية فلنبدأ دراستنا ونحدد برامجنا ونضع الخطوط الأساسية للتنفيذ. وأما إذا كان القطاع المختار بعيداً عن إمكاناتنا وقدراتنا فالأفضل لنا أن نتحاشى المغامرة.
وحسب قول أحد التجار القدامى إن لم يكن من التجارة إلا الخسارة، فعدم التجارة هي التجارة. وهذا ينطبق بصورة خاصة عند جمود الأسواق وفي الأزمات.
من المعلوم أن رأس المال جبان، أي أنه يهرب باستمرار وقبل أية معركة، ويسعى للاطمئنان في دول أو مصارف، أثبتت أنها مضمونة من حيث إمكان استرداد المبلغ في أي وقت.
ومن البدهيات أن يحسن المستثمر خياراته عندما يتخذ قراره في التوجه ضمن قطاع معين، أو يختار بلداً أو منطقة معينة ويتجه نحو أسواقها أو مصارفها.
[COLOR=#FF0036]أ . د / زيد بن محمد الرماني[/COLOR]
ــــ المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
للتواصل : [email]zrommany3@gmail.com[/email]