في كل عام تشهد فيها بلادنا هطولاً غزيراً للأمطار، يتكرر ظهور صورتين سلبيتين مؤلمتين؛ الصورة الأولى: تعكسها لنا صحافتنا وهي تعاود كتابة ذات العناوين، ونفس العبارات، التي كتبتها على صفحاتها الأولى في الأعوام السابقة، الاختلاف الوحيد في رقم العدد، وتاريخ صدوره، هاكم واحداً من هذه العناوين الصحفية التي تتكرر: «المطر يكشف المستور»، كم من المرات التي كشف فيها المطر المستور؟ فعام يكشف المستور في جدة، وعام يكشف المستور في تبوك، وها هو في هذا العام، يكشف المستور في الرياض، والمنطقة الشرقية، ولا نعلم أي مستور سينكشف في الأيام أو الأعوام المقبلة؟.. «الله يستر». وكما تتكرر العناوين والتحقيقات الصحفية تتكرر معها أيضاً مقالات الكتاب، وما تتضمنه من انتقادات حادة لمدننا وشوارعنا، بعد هطول الأمطار، والكلام عن الفساد المستشري في تنفيذ المشاريع، وقلة الرقابة والمحاسبة، إلى غير ذلك من الكلام المعروف الذي يردده الكتاب وعموم الناس كل عام. عندما امتلأت بعض شوارع مدينتي ضباء قبل أيام بمياه الأمطار، كتب أحد الإخوة تغريدة في تويتر يقول فيها: «ضباء الجميلة كلها شارعان، ولم يستطيعوا تصريف مياه الأمطار إلى البحر»، رددت عليه وقلت له: الفساد يا سيدي هو الفساد، ينخر في كل مكان في جسد الوطن، لم تنج منه مدينة صغيرة أو كبيرة.
والصورة الثانية: وهي صورة حزينة ومؤلمة، تتكرر مع الأسف كل عام، أو في كل مرة تشهد فيها بلادنا هطول أمطار غزيرة، وتتمثل فيما نسمعه ونقرؤه من حدوث حالات غرق في مياه الأمطار والسيول، والبحث عن مفقودين، نسأل الله لهم جميعاً الرحمة والمغفرة.
وهناك جانب آخر من هذه الصورة، وهو جانب سلبي مؤسف، يعكسه لنا المستهترون بحياتهم وحياة غيرهم، وأقصد أولئك الذين يغامرون ويخاطرون بحياتهم بالسير في بطون الأودية وقت هطول الأمطار، وتحديداً أثناء جريان هذه الأودية، سواء بسياراتهم أو مشياً على الأقدام، في حالة من السباق والمواجهة والتحدي للسيل، لا لشيء، إلا لمجرد الاستعراض أمام الناس، معتقدين أن ما يقومون به بطولة وشجاعة، وتجلب لهم إعجاب من يشاهدهم، بينما في الحقيقة، تدل مثل هذه التصرفات الخاطئة والخطيرة والمميتة، على قلة وانعدام الوعي عند هؤلاء.
[COLOR=#FF0036]عبدالله حسن أيوهاشم[/COLOR]