مرت الأيام الطويلة دون أن يحقق الدفاع المدني نجاحا يذكر في مهمة إنقاذ الطفلة لمى الروقي ــ رحمها الله ــ أو استخراج جثتها في الوقت المناسب، كان كل فصل من فصول هذه الحكاية المؤلمة يحمل عنوانا جديدا للفشل، احتاجت كل مبادرة عدة أيام، بل عدة أسابيع كي يبدأ العمل بها فعليا، وفي النهاية جاء السطر الأخير من القصة ليتم استخراج ما تبقى من جثتها المتحللة قبل يومين.
قد يكون الدفاع المدني بذل جهودا كبيرة من أجل إنقاذ هذه الطفلة البريئة، ولكنه في نهاية الأمر فشل في كل شيء، فشل في إنقاذها حية، وفشل في استخراج جثتها أكثر من مرة، وفشل في اختصار المدة الزمنية لتخفيف معاناة أسرتها، وفشل أيضا في اطلاع الرأي العام على حقيقة هذه القصة المأساوية التي بقيت غامضة حتى يومنا هذا.
كانت الأيام تمر ببطء قاتل، والحلول المرتبكة تتغير بعد أن يتضح عدم جدواها في حكاية سيطرت عليها روح الارتجال وغابت عنها الاحترافية، لم يكن للزمن أية قيمة في مأساة لا تحتمل التأخير، فكانت هذه النتيجة المؤسفة والمحزنة لكافة أبناء هذا الوطن، وليس لأسرتها فقط، بل إن الحكاية لم تنتهِ حتى يومنا هذا، حيث أكد والد الطفلة أن جثتها لم تستخرج بشكل كامل!.
ليس لدينا شك في أن رجال الدفاع المدني واصلوا الليل بالنهار كي يضعوا نهاية لهذه المأساة، ولكن النوايا الطيبة ليست كافية في مثل هذه الحالات، فهم لم يكونوا على درجة كافية من الاستعداد تؤهلهم للتعامل مع مثل هذه المأساة، والدليل أن حلولهم كانت تتغير كل أسبوع في مسألة كان من المفترض أن تحسب بالدقائق لا بالأيام.
منذ البدء، لم يكن الدفاع المدني يملك تجهيزات تكنولوجية للوصول إلى مكان الطفلة أو مساعدتها وهي على قيد الحياة، كان التخبط هو سيد الموقف، وربما لو لم تتحول هذه القصة إلى قضية رأي عام لاستمرت هذه المأساة إلى ما لانهاية، ولو قارنا قصة لمى بقصص مشابهة حدثت في دول إمكانياتها أقل من إمكانيات بلادنا، لاكتشفنا أن ثمة قصورا ما في طريقة تعاطي عمل الدفاع المدني، وأهم ملامح هذا القصور غياب الحلول المبتكرة والسريعة، وغياب المتطوعين، وضعف التنسيق مع الشركات المتخصصة والجهات التي يمكنها تقديم المساعدة، وللأسف الشديد، فقد دخل على الخط الكثير من مروجي الإشاعات الذين استغلوا الفترة الزمنية الطويلة كي يزيدوا القصة غموضا وينكأوا جراح أسرتها المفجوعة.
نسأل الله أن يسكن هذه الطفلة البريئة فسيح جناته وأن يلهم ذويها الصبر والسلوان، وليس لدينا ما نقوله سوى أن الدفاع المدني فعل أشياء كثيرة محصلتها (لا شيء)!.. ونتمنى أن تكون مأساة لمى فرصة كي يراجع هذا الجهاز الحيوي نفسه، ويعد فرقا مختصة للتعامل مع هذه الحالات، ويدرس الأسباب التي أدت إلى هذا الإخفاق الواضح، وإذا لم يتم ذلك بأسرع وقت، فإن مأساة لمى وغير لمى سوف تستمر إلى أجل غير مسمى!.
[COLOR=#FF003E]الكاتب : خلف الحربي [/COLOR]