تستأنف المحكمة الإدارية في المنطقة الشرقية، بعد غدٍ الإثنين، النظر في قضية فساد، تورَّط فيها ستة متهمين في المنطقة الشرقية، بينهم ثلاثة سعوديين، وأردني، ومصري، وهندي. ومن المتوقع أن تُصدِرَ المحكمة قرارها في حق المتهمين الذين أصدرت هيئة الرقابة والتحقيق قرار اتهام بحقهم على خلفية قضايا اختلاس مال عام وتزوير ورشوة واستغلال نفوذ لمصالح شخصية، والاتجار بلوازم طبية بين موظفين حكوميين ومندوبَيْ مبيعات وصاحب مؤسسة خاصة.
و قالت مصادر مطلعة إنَّ جلسة بعد غد الإثنين هي السابعة في النظر في القضية التي وصلت إلى المحكمة الإدارية قبل خمسة أشهر. وأوضحت المصادر أن المتهمين الستة أدلوا بإفاداتهم خلال الجلسات الست الماضية، بعد سلسلة تحقيقات أنجزتها هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية في المنطقة الشرقية منذ شهر ربيع الأول من العام الماضي. شملت الأحساء، الدمام، القطيف
وذكرة المصادر أن مسرح القضايا يتوزع بين خمسة منشآت في الأحساء والدمام، والقطيف.
والمتورطون شبكة فساد ضُبط منهم ستة متهمين، والتُهم الموجهة إليهم ـ رسمياً ـ هي: استغلال النفوذ، والاختلاس، والرشوة، والتزوير، وتتوزع التهم على مسؤول مستودع وموظفين في الصحة ومندوبين في شركات توريد وصاحب مؤسسة خاصة.
كما يجري البحث عن أكثر من 15 شخصاً آخرين مرتبطين بجوانب من القضية.
92 دليلاً
المتهمون الستة يواجهون، حتى الآن، 92 دليلاً ضبطتها هيئة الرقابة والتحقيق في القضية المتشعبة التي بدأت قصتها على يد المباحث الإدارية في مدينة الدمام، في ربيع الأول من العام الماضي، ببلاغ قدَّمَه مقيمٌ سودانيٌّ ضدَّ أمين مستودع لوازم طبية عرض عليه «الدخول في منافسة تأمين لوازم طبية وعدم تأمينها فعلياً». والمقابل هو حصول أمين المستودع على 75% من قيمة اللوازم، وحصول المؤسسة التي يعمل فيها المقيم السوداني على 25%..!
وقد قبضت المباحث الإدارية على أمين المستودع بـ «الجُرم المشهود».. ومن هنا بدأت القصة، انطلاقاً من المتهم الأول.. أمين المستودع، لتتشعَّبَ أذيالُها وتطال موظفين حكوميين آخرين، ومندوبَي مبيعات، وصاحب مؤسسة لوازم طبية، وأطرافاً أخرى مشتبهاً في تورطهم في القضية.
لوازم طبية
مادة الجريمة الأساسية هي «اللوازم الطبية»، واحتياجات المستشفيات، وتوريد اللوازم، وصرفها، وصرف مستحقاتها للمؤسسات الموردة، والمناقصات والإجراءات التي تنظم أعمال الشؤون الصحية والمؤسسات الخاصة. وحسب الاتهامات الرسمية؛ فقد نشط المتهمون الستة في هذه الدوائر، واستفادوا من مواقعهم، في تمرير فواتير ومحررات عرفية ورسمية، وإجراءات صرف وتسليم.
وقد خلصت التحقيقات التي استمرَّت قرابة العام إلى ضبط اختلاس ما مجموعه 5 ملايين و91 ألفاً و805 ريالات، إضافة إلى ضبط رشاوى تصل إلى 305 آلاف و450 ريالاً. وقد تفرَّقت كل هذه المبالغ على المتهمين الستة، إضافة إلى الـ 15 الآخرين.
بيع العُهدة
بداية الضبط بدأت في الدمام، بالقبض على أمين مستودع مستشفى وتركَّز نشاط أمين المستودع في الاستيلاء على عُهَد وبيعها لشركات لوازم طبية، وتزوير وثائق توريد لوازم للمستشفى الذي يعمل فيه، والحصول على مبالغ مالية تمثل قيمة لوازم طبية لم تدخل المستودعات فعلياً.
ويواجه المتهم الأول 14 تُهمة أساسية ضبطت هيئة الرقابة والتحقيق لها 40 دليلاً، وتتركَّز الاتهامات في اختلاس أموال عامة عينية مُسلَّمَة إليه بحكم عمله، واختلاس أموال عامة هي جزء من المبالغ التي صُرفت لبعض المؤسسات المتعاقدة وكذلك تزوير فواتير، وأخذ رشاوى مالية وعينية، والاشتراك مع مؤسسات باختلاس أموال عامة مقابل توريد لوازم طبية لم تُؤمَّن فعلياً، وكذلك تقديم رشاوى لبعض الموظفين.
ويأتي بلاغ المقيم السوداني الذي يعمل في شركة خاصة في مقدمة الأدلة التي يواجهها المتهم الأول، علاوة على القبض عليه بـ «الجُرم المشهود» واعتراف مفصَّل أدلى به أمام لجنة تحقيق في مباحث الإدارة بالمنطقة الشرقية، واعتراف المتهمين الآخرين، فضلاً عن أدلة رسمية مختلفة ومحاضر وفواتير وطلبات توريد، وقائمة طويلة من الإفادات، خلصت إلى حصول المتهم على 3 ملايين و521 ألفاً و305 ريالات، من نشاطه.
مستودع الأجهزة
المتهم الثاني في القضية المتشعبة هو أمين مستودع أجهزة طبية، وهو موقوف على ذمة القضية منذ شهر جمادى الأولى من العام الماضي. وهو يواجه 10 تهم تتركز في التزوير والارتشاء واختلاس مال عام بالشراكة مع مندوب في شركة متعاقدة واستغلال نفوذ وظيفته لتحقيق مصلحة شخصية، من بينها حصوله من مندوب شركة في الرياض على ثمانية حواسب آلية «لاب توب» كهدية.
وفي سياق هذه التهم يواجه أمين مستودع الأجهزة الطبية 15 دليلاً، بينها 5 اعترافات منه، واعتراف من المتهم الأول، وإفادات من داخل المستشفى، ومحررات أثبتت التحقيقات تزويرها. وقد بلغ مجموع المبالغ التي حصل عليها المتهم 262 ألفاً و 700 ريال، ضمن نشاطه.
مندوب.. موقوف
أما المتهم الثالث فهو أردنيُّ الجنسية، يعمل مندوب مبيعات في مؤسسة خاصة، وهو موقوف منذ شهر جمادى الأولى 1433هـ، ويواجه ثلاث تهم رئيسة، أهمها اشتراكه مع المتهم الأول باختلاس أموال عامة من عُهَد حكومية تتجاوز قيمتها 500 ألف ريال، وتزويره فواتير صادرة من المؤسسة التي يعمل فيها، وحصوله على 100 ألف ريال، إضافةً إلى اشتراكه مع المتهم الأول في اختلاس 40 ألف ريال تمثل قيمة كميات من اللوازم الطبية. وقد ضبطت هيئة الرقابة والتحقيق 11 دليلا ضدهً، يأتي في مقدمتها البلاغ الذي تلقته المباحث الإدارية، وصور فواتير حررها المتهم، واعترافه واعتراف المتهم الأول، واستمارات جرد، وطلبات صرف مواد، وإفادات موظفين.
سائق.. مندوب مبيعات
المتهم الرابع مصري الجنسية، مسمَّى وظيفته الرسمي هو «سائق خاص»، لكن عمله الفعلي هو مندوب مبيعات لدى مؤسسة خاصة. ومن موقعه؛ اشترك مع المتهم الأول في اختلاس أموال عامة عينية. شكل الاختلاس هو قيام المتهم الأول ببيعه ورق «سوني» للأشعة الصوتية بقيمة 19 ألفاً و500 ريال دون سند نظامي. كما اختلسا، معاً، مبالغ أخرى من مصروفات المستخلصات للمؤسسة التي يعمل بها المتهم المصري لقاء توريد لوازم طبية لم يتمَّ تأمينُها فعلياً. وتشمل اتهاماته تقديم رشاوى للمتهم الثاني في القضية، وموظفين.
ويواجه المتهم 10 أدلة، بينها اعترافه شخصياً، إضافةً إلى اعترافين آخرين من المتهمين الأول والثاني، وشهادة زميل له في المؤسسة، علاوةً على وثائق رسمية.
فني إلكترونيات
أما المتهم الخامس، فهو هنديُّ الجنسية، يعمل «فني إلكترونيات» لدى مؤسسة خاصة، وهو مطلق السراح بكفالة. وتتركز الاتهامات المُوجَّهَة إليه في الاشتراك مع المتهم الأول في اختلاس أموال عينية، عبر تسلُّمها منه والاتفاق على الاستفادة من قيمتها خارج إطار الأنظمة. وقد وثَّقت هيئة الرقابة والتحقيق الاتهامات من واقع الوثائق الرسمية التي رجعت إليها، من بينها أوامر شراء تعرضت لتزوير واختلاق ومحاولة التغطية على عدم تأمين المؤسسة التي يعمل فيها لكميات مطلوبة. ومن ضمن الأدلة اعتراف المتهم نفسه أمام لجنة التحقيق.
صاحب مؤسسة
المتهم السادس سعودي، وهو صاحب مؤسسة مستلزمات طبية، وهو مطلق السراح بكفالة. ويواجه تسعة اتهامات؛ أولها إعطاء المتهم الأول رشوة، مرَّتين، مقابل إرشاد المتهم الأول على اللوازم الطبية التي يحتاجها المستشفى الذي يعمل فيه. وكذلك اشتراكه معه في اختلاس أموال عامة صُرفت عبر مستخلصات للمؤسسة التي يملكها عام 1432. ومن بين التهم المشاركة في تزوير مذكرتيْ استلام مع ثلاثة موظفين في مستشفى، وكذلك مشاركته في تزوير إشعاريْ استلام مع موظفين آخرين في مستشفى آخر.
وتشمل الاتهامات تقديمه رشاوى، في فترات مختلفة، لستة موظفين، في الدمام والقطيف.
وقد ضبطت هيئة الرقابة والتحقيق التحويلات المصرفية التي تمَّ دفع المبالغ عبرها، ضمن 8 أدلة قدمتها للمحكمة، من بينها اعتراف المتهم شخصياً، وإفادة من ابنه، واعتراف المتهم الأول، وخلصت إلى طلب تطبيق النظام بحقه إضافة إلى رده مبالغ مختلسة قدرها 486 ألفاً و 200 ريال.