أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على وقوف المملكة العربية السعودية الكامل مع الشعبين الفلسطيني والسوري, ودعا كافة الدول إلى تكثيف الجهود على كافة المستويات لتحقيق مطالبهم المشروعة, بعيداً عن التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للأمة الإسلامية وإثارة الفرقة والشقاق فيما بين شعوبها والتأثير على هويتهم الثقافية لتحقيق مآرب سياسية، وذلك حتى نستطيع أن نعزز من فرص تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
وقال خادم الحرمين في كلمته أمام القمة التي بدأت أعمالها في العاصمة المصرية اليوم, والتي ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس وفد المملكة إن مأساة الشعب السوري تتفاقم يوماً بعد يوم, وتزيد الأوضاع المأسوية والإنسانية التي يعيشها أبناؤه, وما يرتكب في حقه من قبل النظام السوري من جرائم بشعة والمتمثلة في التنكيل والتعذيب والقتل الممنهج وتشريد ونزوح الأسر خوفاً من بطش هذا النظام، وبلغت هذه الجرائم مستويات لا يمكن أن يبرر الصمت عنها، أو عدم عمل أي فعل لردعها، فعلى دولنا القيام بواجبها لدعم هذا الشعب في محنته ووقف نزيف دمه المستمر لقرابة العامين، مخلفة الآلاف من القتلى والجرحى, وعلى المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن أن يتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة لردع هذه الجرائم والعنف عن الشعب السوري وإنهاء انتقال السلطة بكل الوسائل الممكنة، خاصة في ضوء اعتراف المبعوث العربي الدولي المشترك لحل الأزمة السورية السيد الأخضر الإبراهيمي في تقريره أمام المجلس بأن الأزمة آخذة في التفاقم بشكل كبير وتنذر بعواقب وخيمة في ضوء تمسك كل طرف بموقفه ودعم بعض الأطراف الفاعلة في مجلس الأمن لمواقف النظام السوري، الأمر الذي لا يساهم في حل المشكلة.
وأضاف قائلاً: يمر عالمنا الإسلامي بالعديد من التحديات والتطورات والتغييرات البالغة الدقة، مما يتطلب منا جميعاً تدارس أبعادها وتداعياتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وضرورة اتباع أفضل السبل المنهجية لمعالجتها والتخفيف من حدتها على شعوبنا الإسلامية خاصة في الجوانب الاقتصادية والتنموية، وذلك عملاً بقوله تعالى “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان “.
وأشار الملك في كلمته: من أبرز هذه التحديات ما يتصل بحالات النزاع التي يشهدها العالم الإسلامي وتشكل هاجساً يؤرق كافة الدول الأعضاء بالمنظمة. ويأتي النزاع العربي الإسرائيلي في مقدمة هذه النزاعات، والذي يتمحور حول قضية الشعب الفلسطيني وحصوله على حقوقه المشروعة، والتصدي للتوسع الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وشن العمليات العسكرية ضد الشعب الفلسطيني بلا هوادة، الأمر الذي يتوجب علينا جميعاً الوقوف ضده وتكثيف الجهود لحشد موقف دولي موحدٍ لممارسة الضغط على إسرائيل لإيقاف عدوانها وتوسعها في بناء المستوطنات وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية، واستئناف المفاوضات وفق المرجعيات الدولية المعروفة ومبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الذي طال صبره لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبما يصب في إطار تعزيز فرص إحلال السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
وقال: ومن جانب آخر, تتفاقم يوماً بعد يوم الأوضاع المأسوية والإنسانية التي يعيشها أبناء الشعب السوري وما يرتكب في حقه من قبل النظام السوري من جرائم بشعة والمتمثلة في التنكيل والتعذيب والقتل الممنهج وتشريد ونزوح الأسر خوفاً من بطش هذا النظام، وبلغت هذه الجرائم مستويات لا يمكن أن يبرر الصمت عنها، أو عدم عمل أي فعل لردعها. فعلى دولنا القيام بواجبها لدعم هذا الشعب في محنته ووقف نزيف دمه المستمر لقرابة العامين، مخلفة الآلاف من القتلى والجرحى.
مضيفاً: إن على المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن أن يتخذ الإجراءات والقرارات اللازمة لردع هذه الجرائم والعنف عن الشعب السوري وإنهاء انتقال السلطة بكل الوسائل الممكنة، خاصة في ضوء اعتراف المبعوث العربي الدولي المشترك لحل الأزمة السورية السيد الأخضر الإبراهيمي في تقريره أمام المجلس بأن الأزمة آخذة في التفاقم بشكل كبير وتنذر بعواقب وخيمة في ضوء تمسك كل طرف بموقفه ودعم بعض الأطراف الفاعلة في مجلس الأمن لمواقف النظام السوري، الأمر الذي لا يساهم في حل المشكلة.
إن مجلس الأمن هو الكيان الدولي المعني بتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وإذا فشلنا في جعله يهب لنصرة الأمن والسلم الدوليين في كل من سوريا وفلسطين ووقف أعمال العنف التي تمارس ضدهما، فعلينا أن ندير ظهورنا له وأن نعمل على بناء قدراتنا لحل مشاكلنا بأنفسنا.
وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته: لقد بذلت المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرةً للتعاطي مع القضيتين الفلسطينية والسورية، وذلك انطلاقاً من مسؤوليتها الدينية والتاريخية، ولم تدخر جهداً في تقديم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي، وحث المجتمع الدولي على ضرورة القيام بمسؤولياته التاريخية والأخلاقية حيال رفع المعاناة عن الشعبين الفلسطيني والسوري. وأؤكد مجدداً وقوف المملكة العربية السعودية الكامل مع الشعبين الفلسطيني والسوري في هذه النوازل ودعوة كافة الدول إلى تكثيف الجهود على كافة المستويات لتحقيق مطالبهم المشروعة, بعيداً عن التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للأمة الإسلامية وإثارة الفرقة والشقاق فيما بين شعوبها والتأثير على هويتهم الثقافية لتحقيق مآرب سياسية، وذلك حتى نستطيع أن نعزز من فرص تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة.
وأضاف قائلاً: يشكل الإرهاب ظاهرةً خطيرةً على أمن وسلامة المجتمعات البشرية بلا استثناء، وآفة عالمية لا تنتمي إلى دين أو جنسية، بل وتمثل تهديداً يقوض الأمن والسلم الدوليين. لذا يتحتم علينا مواجهة هذه الآفة الخبيثة حيثما كانت للقضاء عليها ولتسلم البشرية من شرورها، وأن نجتهد في محاربتها بكل الوسائل الممكنة وتحديد الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، والعمل بالشفافية والمصداقية اللازمة، وأن نتكل على المولى عز وجل ثم على أنفسنا وقدراتنا لحل مشاكلنا.
ومن التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة الإسلامية اليوم استفحال ظاهرة كره الأديان ورموزها من قبل ذوي الأهداف المشبوهة وبعض أصحاب النفوس الضعيفة، الذين اتخذوا من حرية التعبير والرأي وسيلة للهجوم على المسلمين ومقدساتهم دون أي رادع أخلاقي وقانوني لتجريم مرتكبيها. لذا فإننا نطلب من كافة الدول الأعضاء بالمنظمة أن يدعموا مقترح المملكة العربية السعودية لدى هيئة الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدين أي دولة أو مجموعة أو أفراد تتعرض للأديان السماوية وللأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام ووضع العقوبات الرادعة لمثل هذه الأعمال.
واختتم كلمته قائلاً: إننا نعيش في عالم يتقدم بخطى متسارعة في العديد من المجالات العلمية والتقنية والمعرفية، حتى أصبحت هذه المجالات شاهداً على مدى تقدم الدول ورقيها، بل وتساهم في نموها الاقتصادي والاجتماعي بشكل فعلي وملموس. والعالم الإسلامي يزخر بالكفاءات والقدرات المؤهلة ولله الحمد، ومن هنا لا بد من وضع منهجية واضحة لتعزيز العمل الإسلامي المشترك في القضايا الاقتصادية والاجتماعية بين كافة الدول الأعضاء بالمنظمة، تنطلق من ميثاق مكة المكرمة الذي أقرته الدورة الاستثنائية الرابعة للقمة الإسلامية، ولتكون هذه المنهجية بمثابة برنامج عمل يوظف الخبرات والإمكانيات المتاحة بين الدول الأعضاء لطرح حلول واقعية للقضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق تطوير المجتمعات الإسلامية وتساهم في تنمية التعاون البناء بين دولنا وشعوبنا ويعزز أواصر التضامن الإسلامي فيما بينها.
وكانت أعمال مؤتمر القمة الإسلامية الثانية عشرة، قد بدأت اليوم بالعاصمة المصرية القاهرة، برئاسة الرئيس المصري محمد مرسي، وبمشاركة 56 دولة تحت شعار: “العالم الإسلامي: تحديات جديدة وفرصة متنامية”.
وفي مستهل الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر ألقى الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي ترأس بلاده الدورة الحادية عشرة للقمة، كلمة دعا فيها الدول الأعضاء إلى اعتماد البيان الرسمي، حول مالي الذي أعدته المجموعة الإفريقية، مطالباً الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي بضرورة بذل المزيد من الجهود للتضامن مع مالي في مواجهة ما وصفه بالإرهابيين، ومعرباً عن أسفه لعدم التضامن الكافي مع مالي في منظمة العمل الإسلامي.
وأشاد الرئيس السنغالي ماكي سال، بمبادرات خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للتصدي للإرهاب, مطالباً بضرورة تبني إستراتيجية تعاون شامل؛ من أجل نشر التعليم والثقافة، ومحاربة التطرف.
وشدد الرئيس السنغالي على أنه رغم الجهود التي بذلتها رئاسة المنظمة إلا أن صندوق التبرعات الخاص بالمنظمة جمع ستة مليارات دولار، على الرغم من أن الهدف كان 10 مليارات دولار، داعياً الأعضاء إلى الإسهام في دعم الصندوق بالشكل المنشود.
من جهته, دعا الرئيس المصري محمد مرسي، قادة الدول المشاركة في القمة الإسلامية الثانية عشرة إلى الاتفاق على تأسيس آلية ذاتية فعالة لفض النزاعات بالطرق السلمية, والتعامل مع كافة الأزمات التي تواجه الدول الإسلامية.
وناشد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلو، الدول الأعضاء بالمنظمة، إلى عقد مؤتمر مانحين خاص بمدينة القدس الشريف، على أساس الخطة الإستراتيجية لتنمية القطاعات الحيوية.
ودعا أوغلو في كلمته أمام القمة الإسلامية الثانية عشرة إلى تشكيل شبكة أمان مالية إسلامية؛ لتلبية الاحتياجات الرئيسية للشعب الفلسطيني في أعقاب تصعيد إسرائيل لإجراءاتها، وحجز أموال الضرائب الفلسطينية.
وفيما يتعلق بالشأن السوري، أفاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أنه ناشد شخصياً القيادة السورية، لوضع المصلحة العليا لبلدها ووحدة شعبه فوق كل اعتبار والتضحية، باعتبار أن الحكومات يجب أن تكون في خدمة الشعوب، وأن تستجيب لمطالبها وتطلّعاتها، لا أن تكون الشعوب في خدمة الحكومات، معرباً عن استياء شعوب الأمة الإسلامية من عجز مجلس الأمن الدولي.
ومن جانبه، أعرب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في كلمته أمام القمة، التي ألقاها نيابة عن المجموعة العربية، عن أمله في أن تنهض الشعوب والدول الإسلامية, مشيراً إلى أن العالم الإسلامي يشهد ظروفاً غاية في الخطورة، وهو ما يعني أن البلدان الإسلامية أمام تحديات مهمة، تتطلب حلولاً عاجلة شجاعة.
وفيما يخص سوريا، نبه رئيس الوزراء العراقي إلى أن الشعب السوري يعاني من أعمال العنف، والقتل، والتخريب، ولابد من موقف مساند، ومخرج سلمي، لتخرج سوريا من أزمتها، وعمل مكثف للتأكيد على تبرئة الإسلام من اتهامه بالإرهاب.
ونيابة عن المجموعة الإفريقية أمام القمة, ألقى الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان كلمة، دعا فيها منظمة التعاون الإسلامي إلى المساندة والعمل على إنجاح تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2580 الخاص بمالي، الذي يتيح نشر قوات هناك للتصدي للجماعات الإرهابية.
وقال الرئيس النيجيري: إن بلاده سوف تتقدم للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي، مطالباً بالتوافق العام في الآراء حول هذا الموضوع، ومؤكداً أن نيجيريا سوف تعتمد على دعم الدول الإسلامية في هذا الشأن.
وبدوره أكد الرئيس الإندونيسي، سوسيلو بامبانج يودويونو، في كلمته نيابة عن المجموعة الأسيوية، أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية، ضرورة اغتنام الفرص المتاحة أمام العالم الإسلامي، ليجعل من القرن الحادي والعشرين قرناً للأمة الإسلامية، ولتحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوب هذه الأمة.
ونوه بأن المنظمة الإسلامية، تعد ثاني أكبر منظمة في العالم بعد الأمم المتحدة, وعليها أن تستخدم قدراتها الجماعية لتحسين ظروف المعيشة, وإعطاء مكانة لنحو 5ر1 مليار نسمة، مطالباً المنظمة بأن تلعب دوراً أكبر، وتسهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وتسوية الصراعات التي تعاني منها الأمة.
ومن جهته، توجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمته بالشكر إلى الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي ساندت حصول فلسطين على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة.
وقال الرئيس الفلسطيني: إن بلاده تعاني من ويلات الاحتلال منذ عام 1967م, وتسعى الآن إلى إيجاد منهجية جديدة، تستند لمرجعية مختلفة بما يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وإعلان دولة فلسطين على حدود 67، وعاصمتها القدس الشريف.
ودعا المجتمع الدولي بصورة عامة والدول الإسلامية بصورة خاصة، إلى العمل؛ من أجل وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني الأعزل, لافتاً إلى أن السلطة ماضية في إنجاز المصالحة الفلسطينية.
وفور انتهاء كلمة الرئيس الفلسطيني, قرر الرئيس مرسي رفع الجلسة الافتتاحية، ودعوة الزعماء والوفود المشاركة في قمة القاهرة لحضور مأدبة غداء, على أن تستأنف المناقشات في وقت لاحق, كما أعلن اعتماد جدول أعمال القمة.