استهل شهر رجب ، وفيه الإسراء والمعراج لنبينا عليه أفضل الصلاة والسلام متلازمان في وقت واحد ، وشهر واحد . أحداها على الأرض من مكان لمكان أخر من مكة المكرمة إلى بيت المقدس بالشام ، والاخرى من الأرض لسماوات العلى البيت المعمور بالسماء السبعة . الأولى الإسراء ، وفيه بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء والرسل ، وصلوا خلفه جميعاً بالمسجد الاقصى . أمهم جميعاً عليه أفضل الصلاة والتسليم بالمقدس ، وعرج به من الصخرة المسماه بالمقدس إلى السموات السبع عند سدرة المنتهى ، وفي معراجه من سماء لسماء ، وفي كل سماء قابل نبي من الأنبياء ، واكتسب الخبرة الضمنية ممن قابله من اخوانه الأنبياء ، وتجاربهم بالحياة الدنيا مع أممهم ، وأزجوا له نصائح من واقع تجاربهم ، ووصايا حصيلة تجاربهم مع الأمم التي بعثوا إليها من أجل أن يستفيد منها نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم ، ولم يسبق لا نبي ، ولا رسول لها سواه ، فكان من مدرسة الأنبياء والوحي معاً . لا حدس أمته عليه أفضل الصلاة والتسليم خير أمة أخرجت للناس بنص الآيات المكية والمدنية ، وما تواتر من الاحاديث النبوية الصحاح والحسان ماتواتر منها وما اشتهر ، وما قبله علماء الامة بعد تدقيق وتمحيص من حيث العنعنة ، وفي السماء السابعة عند سدرة المنتهى حيث البيت المعمور . فرضت الصلاة المكتوبة لمكانتها وأهميتها في السماء السابعة شهر رجب . الركن الثاني بعد الشهادتين .
رجب أحد الأشهر الحرم ، وأحد الشهور العربية الإسلامية الهجرية القمرية لا شك في ذلك ، والظن مرتفع . رجب يعني التعظيم من الرجوب ، والحرمة يخصونه العرب في جاهليتهم بهذه التسمية ، ويحرمون الاقتتال فيه . شهر سلم وأمن ، وهو الشهر السابع لسنة الهجرية بعد جماد الثاني ، وقبل شعبان . عدد أيامه مختلف فيها بين طوائف المسلمين عند الصوفيه والأباضيه والشيعة ثلاثون يوماً ويسمونه الاكمل لا ينقص يوماً واحد ، وهو الكامل في نظر مشيختهم أو مرجعيتهم ، وعند الفرق الضآلة القاديانية والبهائية والإسماعيلية واحد وثلاثون يوماً . بخلاف أهل السنة حسب استهلال مولد شهر شعبان قد يكون رجب ٢٩ يوماً ناقصاً عن كماله أو تمامه ، فالروية بالعين المجردة المعتمد عليها في دخول هلال الشهر ، ووفق القاعدة الأصوليّة " الكمال مستحيل ، والنقص مؤكد في سائر المخلوقات والموجودات ، والكمال لله " . لا كمال إلا لله ، فالعبرة برؤية الهلال بالعين المجردة . ورجب مقدس عند كل الفرق الضالة ماعدا السنة السلفية .
رجب يوافق شهرين من شهور الميلاد الفرنجية " يناير وفبراير " ، وينعت عند العرب ماقبل الإسلام بالأصم عدم سماع قعقعة السلاح فيه ، وتعطيل الحرب ، وسمي رجباً تترجب الملائكة فيه بالتسبيح والتحميد ، ومن قبائل العرب المضرية بالجاهلية تعظيمه واحترامه ، وسمي عند العرب رجباً باسمها رجب مضر . ينعت رجب بأربعة عشر نعتاً ، ويزيد قليلاً ( رجب مضر - منصل الأسنة- الأصم - الأصب - منفس - مطهر - معلي - مقيم - ومقشقش - مبرئ - فرد - فزاد - منزع الأسنة).
اتفق الفقهاء والعلماء تقاطعاً ، وتحقيقاً أولهم عن أخرهم ليس له ميزة عن سواه من ألأشهر الحرم ، ولا الأشهر الاخرى ، ولا يخص بعبادة معينة لا عمرة ، ولا صيام ، ولا زيارة ، ولا صلاة ، ولا قراءة قرآن بل هو كغيره من الأشهر الحرم إنما حادثة الأسراء والمعراج غلب على البعض ميزة له ، وانكرها أهل العلم جملةً وتفصيلاً ، وتوهم البعض ذلك بالأفضليةً جهلاً منه ، وكل ما ورد فيه من الاحاديث ضعيفة مرسلة لا يبنى عليها حكم شرعي ، ولا تعبدي ، ولا يخصص بعبادة . ما أعتادت بعض المجتمعات الإسلامية من عبادة كالعمرة والزيارة لا أصل له من الدين ، ولا الشرع . لا شك شهر كريم عظيم من الأشهر الحرم عند الله . يستحب فيها الإكثار من الطاعات والأفعال المتعدية كالصدقة والزكاة ، والتقرب لله بالعبادات الصالحة والذكر ، والبعد عن الفواحش والمنكرات ، وترك الظلم والموبقات ، والاجتهاد بالطاعات ، وما يقرب من الله ، والابتعاد عن المعاصي ، ويحسن الإكثار من الكلمات العشر الطيبات ( سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) وتنعت هذه الكلمات باجماع أهل العلم والشرع " بالباقيات الصالحات " فضلاً الدعاء والمناجاة فيه أكد ، والابتعاد عن المظاهر والتجمعات ، والاختلاط والأهازيج ، والموشحات والرقص ، والهزهزه والتمايل والتصفيق وغيرها من المحظورات الشريعة .
ما يعرف بالركب المكي المتعارف عليه بالرجبية فيما سبق بالمجتمع المكي من المظاهر الاجتماعية بين القبول والرفض ، والأكثرية الرفض مظاهر غيرمقبوله ، ووفقت الدولة الحد منه . صورة هذا الركب على نحو مايلي :
مثل هذه الأيام من شهر رجب . جرت العادة عند احياء مكة المكرمة دون سائر الامصار الإسلامية . تستعد الأسر المكية ذات المنشأ وليس الأصل لزيارة المدينة المنورة عادة لا عبادة يصاحبها ما يصاحبها مزمار واهازيج ، وهو ما يعرف (بالزيارة الرجبية) إلى جانب هذا هناك حدث كبير يعرف ب( الركب المكي) ، وهو يخرج من كل حي ثلة من الرجال تحت إشراف ومسؤولية (عمدة الحي) ،
هذا الشغل الشاغل لكثير من أهالي أحياء مكة المكرمة . يتم تجهيز الدواب (الحمير) من تغذيتها وشراء أجمل السرج و الحبال الملونة التي تزين تلك الدواب والدناديش بأفضل الحلل ، كما يتم عمل (الحناءللدواب) لإبراز مواهبهم أمام بقية تلك الاحياء ، وهناك أشخاص معروفين بتزيين ( الحمير) يعرفون بلعير لمهارتهم بتزين الحمير أو العيرة مفردها عير .
إشتهر حي (الشبيكة) بالأفضلية ، والتنظيم ، والإنضباط ، وجمال الركب .
إنطلاق الركب في أول جمعة من شهر رجب تنطلق قوافل الدواب وتمر من الممر الوحيد في ذلك الوقت : حي (جرول) وطوى تحت إشراف عمدة كل (حي) ، مصطحبين المزمار ، والمزمار دخيل على المجتمع المكي لم يعرف ، وهم يرددون أحلى الأهازيج المستوردة حسب ثقافة أفراد بعض الشعوب الإسلامية المستوطنة بمكة المكرمة ، ويستمتع أهالي مكة المكرمة بتلك المناظر غير المالوفة ، والأصوات الندية ، والموشحات ، وهم يودعون تلك الثلة ، وللركب شيخ يتأمرون بأمره . تعد تقاليد قديمة بمكة المكرمة تعودوا عليها سنوياً ، وموروث من رحم ثقافات شعوب مختلفة لا أصل لها من الشرع ، وانزلوها منزلة الوجوب ، ولم يقوم بها السلف الصالح ، ولا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان في منأى عن المدينة المنورة . موكب ينطلق بالراغبين زيارة المسجد النبوي على الدواب المزينة والمرنقشة ومدندشة . يصاحبها الحداء والمزمار ، والموشحات ، ويكون تجمعها بوادي فاطمة حيز (الجموم) جنوب شرق الوادي عند طعس بلعير تتجمجم بها العيرة ( الحمير ) بجوار عين مغيضة تحيطها طعوس بن رزين ، والبرة والراجحي ، ومزارع الصيرفي ، وعين الشريعة ، وهذا الموقع يبعد عن مكة المكرمة ٢٠ كيلاً ، ويسبق الركب الطهاة للموقع المشار إليه سالفاً ، وتستريح بعين الزعفراني طعوس بلعير ، وتتعشى بها ، والمسرى بعد منتصف الليل ، والحمير تسير حثيثة مسرعة بما فيها من جهد .
الركب له برتوكول خاص به في توديع الركب من مغيضة بالجموم ، وإستقباله بالمدينة المنورة ، وكذلك العودة بمكة المكرمة .
يبداء كل حي بلعب (المزمار) والأناشيد والاهازيج بالصخب إلى وقت متأخر من الليل ، وفي الصباح الباكر يودع كل عمدة أهل (الحي) المتجهون للمدينة المنورة ،
وتستغرق الرحلة عادة (١٢) يوماً ؛ ويكون التجمع في (أبيار علي)
وتبدأ مراسم دخول المدينة المنورة بتقدم الركب كبار السن ، والشخصيات المؤثرة ، وتنطلق الأهازيج والمدائح النبويه نحو( باب السلام) . ما يسمى بالتزهيد الذي كان يصاحب الركب ، وبالذات في بدايته ونهايته ، رحلة الركب . لم يعرف لها تاريخ بداية لنشأتها . هذا الركب المكي على حد علم الكاتب . إنما نستشفّ نشاته مع المحمل الفاطمي في عصر بزوغ دولة الفاطميون، وانتشار البدع والخرافات بوجودها . عصرنا الراهن لم تعد تذكر في الوقت الرهن . إضمحلت شيئاً فشيئاً بفضل الدولة وجهودها الموفقة للقضا على كل بدعة وخرافة تخالف السنة المحمدية لما يصاحبها من محاذير شرعية أنما حالات نادرة وفردية . بظهور المركبات استبدلت المركبات بدلاً من الحمير .
لا يعرف بداية تاريخ ظهور الركب المكي إنما ظهوره ببزوغ ظهور الدولة الفاطمية العبيدية ، وعززت من وجوده الدولة العثمانية القبورية ، ووجدت من يساند هذه البدعة من المتصرف العثماني بمكة المكرمة في ذالك الزمان ، وبعض ما جلب من بعض اقطاب الامصار الإسلامية باستيطان الحرمين الشريفين مكة المكرمة ، والمدينة المنورة ، فاستحسنت البدعة ، ووجدت من يناصرها .
الحمدلله على ماتبذله الدولة من قطع دابر ما يصددم بالشرع ، ويتضارب بالعقيدة .
دام عزك ياوطن ، ودامت القيادة الرشيدة مجففه منابع مثلث الشر الإرهاب والإرجاف والفساد .
بقلم/خالد بن حسن الرويس
- مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 175 ألف ربطة خبز للأسر اللاجئة في شمال لبنان خلال الأسبوع الماضي
- فرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة المدينة يحصد المركز الأول على فروع الوزارة بمخرجات العمل التطوعي ٢٠٢٤م
- بلدية محافظة الأسياح تشارك في مهرجان خصيبة الاجتماعي بنسخته الرابعة
- “سلامتك”: استخدام الجوّال أثناء القيادة دون حمله باليد غير آمن أيضاً
- توكلنا: تحققوا من تحديث التطبيق إلى آخر إصدار
- هل يتفوق الروبوت على البشر في جراحات الكبد المعقدة؟
- باكستان تطلق قمرًا صناعيًا لتعزيز قدراتها في مجال الفضاء
- النمر: مستويات الصبغة الحمراء الموجودة في الحلويات بالأسواق آمنة
- انطلاق بطولة ‘دريفت 25’ الدولية لقفز الحواجز في جدة
- المرور: 3 أشهر على انتهاء مهلة تمديد فترة تخفيض المخالفات المرورية 50%
- مبيعات الأرز في السعودية تتجاوز 4 مليارات دولار خلال العام الجاري
- أمريكا.. الموافقة على عقار جديد لعلاج سرطان الثدي المتقدّم
- الأرصاد عن طقس السبت: سماء غائمة وأمطار خفيفة على عدة مناطق
- الدوري السعودي للمحترفين.. مواجهة التعاون والنصر تنتهي بالتعادل الإيجابي
- فريق طبي سعودي ينجح في ابتكار دعامة لفقرات الرقبة
خالد بن حسن الرويس
الركب المكي
18/01/2025 11:37 ص
خالد بن حسن الرويس
0
352
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3627922/