رنية، المحافظة المصنفة ضمن فئة (أ)، تعاني من إهمال واضح في القطاعات الخدمية و التنموية، رغم ما تزخر به من مكانة و موقع استراتيجي مهم. يشكو سكانها من غياب مشاريع البنية التحتية الأساسية، ضعف الخدمات الصحية، انعدام شبكات المياه المحلاة، و تردي خدمات الإنترنت والاتصالات، مما يجعلها تبدو وكأنها تعيش في زمن مختلف عن باقي مناطق المملكة التي تشهد طفرة تنموية شاملة.
في ظل الدعم اللامحدود من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، يتجدد الأمل في أن تحظى رنية بنصيبها من المشاريع التنموية التي تمكنها من مواكبة التحول الكبير الذي تشهده المملكة في مختلف المجالات. هذا الدعم غير المسبوق الذي يطال كافة مناطق المملكة، يجب أن ينعكس على رنية التي تعاني من مشكلات تتطلب حلولاً جذرية و سريعة.
الواقع المؤلم الذي تعيشه شوارع رنية يعكس نقص التخطيط والإهمال، حيث تعاني الطرق من حفريات وتشققات لا تُحصى، ما يجعل التنقل بين الأحياء والمراكز معاناة يومية. يزداد الأمر سوءًا مع غياب الإنارة في معظم الشوارع، مما يهدد سلامة السائقين والمارة ليلاً، ويضيف بُعدًا آخر من المشقة على حياة السكان. رغم أن مشاريع السفلتة والتصريف يمكن إنجازها بسهولة، إلا أن هذه الاحتياجات الأساسية لا تزال تنتظر التنفيذ.
من جانب آخر، تظهر العزلة الرقمية في رنية من خلال ضعف شبكة الاتصالات والإنترنت. أبراج الاتصالات متهالكة ولا تغطي جميع أنحاء المحافظة والمراكز التابعة لها، مما يجعل إجراء مكالمة هاتفية أو استخدام الإنترنت أمرًا بالغ الصعوبة. في عصر يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا في شتى مناحي الحياة، يصبح ضعف الاتصالات والإنترنت عائقًا أمام السكان في إنجاز متطلباتهم اليومية، خصوصًا التعليم عن بُعد، إنجاز الأعمال، والتواصل مع العالم الخارجي.
أما في الجانب الصحي، فإن المعاناة أشد إلحاحًا. المحافظة بأكملها تفتقر إلى مستشفى حديث يلبي احتياجات سكانها المتزايدة. المراكز الصحية الحالية تعاني من نقص الكوادر والتجهيزات الطبية، مما يضطر المرضى إلى السفر لمسافات طويلة إلى مدن أخرى للحصول على العلاج. الحلم بمستشفى بسعة 200 سرير ليس رفاهية، بل مطلب ضروري لضمان رعاية صحية متكاملة تشمل جميع التخصصات الطبية.
إلى جانب ذلك، تواجه رنية أزمة في توفير المياه المحلاة للمنازل. السكان يعتمدون على صهاريج المياه المتنقلة، مما يشكل عبئًا إضافيًا عليهم من حيث التكلفة والجهد. إنشاء شبكة مياه محلاة يعد ضرورة لضمان حياة كريمة للمواطنين وتأمين احتياجاتهم اليومية دون عناء.
أما الجانب الترفيهي، فهو غائب تمامًا عن المحافظة. لا توجد حدائق أو متنزهات عامة مكتملة الخدمات لتكون متنفسًا حيويًا للأهالي. المساحات الخضراء ليست مجرد رفاهية، بل ضرورة لتحسين جودة الحياة. إنشاء حدائق مجهزة بمرافق حديثة سيكون خطوة إيجابية نحو تعزيز الجانب الاجتماعي والترفيهي لسكان المحافظة.
رنية أيضًا تمتلك أماكن طبيعية وسياحية مميزة، مثل الكهوف التي تشكل تحفًا جيولوجية فريدة، و”صلال” التي تعد من المعالم الطبيعية التي يمكن أن تُطور لتصبح وجهات سياحية جذابة. هذه المناطق تتميز بتكويناتها الطبيعية الفريدة، وتستقطب عشاق الطبيعة والمغامرات. ومع ذلك، ما زالت هذه المواقع مهملة وغير مستغلة بالشكل الأمثل.
الكهوف المنتشرة في رنية تحمل طابعًا تاريخيًا وطبيعيًا خاصًا. بعضها يحتوي على رسومات وآثار تدل على أن الإنسان القديم استوطنها لفترات زمنية طويلة، مما يجعلها ذات قيمة تاريخية وأثرية. يمكن لهذه الكهوف أن تكون وجهة لعشاق المغامرة والباحثين عن التراث، إذا تم تطويرها بإضافة مسارات آمنة وإضاءات، مع إنشاء مراكز خدمات بجوارها مثل المتاحف الصغيرة والمطاعم التي تعرض معلومات عن تاريخها.
أما “صلال”، فهي منطقة طبيعية فريدة تمتاز بتكويناتها الصخرية وتضاريسها المتنوعة، ما يجعلها وجهة مثالية للتخييم والتنزه. يمكن تحويل صلال إلى منطقة سياحية متكاملة عبر تطوير بنيتها التحتية، مثل إنشاء مسارات مخصصة للمشي أو الدراجات الجبلية، وإنشاء مناطق تخييم مجهزة بمرافق أساسية. هذه المنطقة يمكن أن تجذب السياح وتوفر فرص عمل جديدة لأبناء المحافظة.
رغم كل هذه التحديات، فإن سكان رنية لا يفقدون الأمل في أن تلتفت الجهات المعنية إلى معاناتهم وتعمل على وضع خطة تنموية شاملة تعيد الحياة إلى المحافظة. إصلاح البنية التحتية، تحسين الخدمات الصحية، تحديث شبكات الاتصالات والمياه، وتنشيط القطاع السياحي ليست سوى بعض الخطوات الأساسية التي تحتاجها رنية لتلحق بركب التنمية في المملكة.
المراكز والقرى التابعة لمحافظة رنية تعاني من نقص واضح في مشاريع التطوير والتنمية، مما أدى إلى تراجع مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للسكان. وعلى الرغم من الموقع الجغرافي المتميز لهذه المراكز والقرى، إلا أن الجهود المبذولة لتطويرها لا تزال محدودة، ما يجعلها تعاني من التهميش. ومن الضروري أن تولي الجهات المعنية اهتمامًا أكبر بتنفيذ المشاريع التي تعزز من جودة الحياة في هذه المناطق، لتحقيق التوازن التنموي الذي تسعى إليه رؤية المملكة 2030.
رنية، بحلمها الكبير وتطلعات أهلها، تستحق أن تكون نموذجًا للتطوير والتنمية. في ظل الدعم الكبير الذي تقدمه القيادة الرشيدة، فإن تحقيق هذه الأحلام ليس صعبًا إذا توفرت الإرادة والتخطيط السليم. فهل ستجد هذه المحافظة طريقها نحو التغيير المنشود، أم سيبقى الحلم مؤجلًا كما هو الحال منذ سنوات طويلة