.قصة تهامية قصيرة.......
✍: لم تُثْنهِ الثمانية عقود التي تصرمت من عمره أن يتردد على أطلال مورد ماء قريته الشهير(بئرالسوق) ذارِفاً دموعه مُبَللاً بها خصلات شعر لحيته البيضاء الكث..!
ورغم تعبه النفسي من رؤية ما آلت إليه بعد أن تحولت إلى (أثربعد عين) مشوَّه تحوطه أسلاك شبك حديدي صدئة جعل منها سجينة سجناً مؤبداً بداخله..!!
تابعته أرقب كيف يجر رجليه نحوها مُقَاوِماً إحساساً كان يسحبه القهقرى رأفة بحاله.!
لكنه وبإصرار عجيب يقاوم كل شفقة به يلحظها ممن يعرفه لبلوغ موقعها .!
فقلت: لم لا ألحق به وأعرف مِنه كُنْه مايفعله عند هذه البئر من دون بقية سكان القرية..!
حييته وقبّلت رأسه ، وبادرته مالذي يدعوك يا عمّاه لكي تزور هذه البئر المُدّمّرة حيناً بعد آخر..؟!
هزّ رأسه وتنهد تنهيدة ارتعدتُ لها..ثم واصل حديثه المتقطع الممزوج باختناق العبرات في محاجر عينيه ، هذه يابني توأم روحي ومصدر سعادة القرية في شبابي مع أترابي ،
وأومأت برأسي مستحسناً مايقول فواصل....وهنا _ يشيربعصاه ويده ترتجف _ إلى حافة الشبك الشرقية...
كان (كرنفال) سقيا القرية ، هنا كانت دِلاء الرجال والنساء تغدو لباطنها خِماصاً وتعود بِطاناً بمائها العذب تتلقفه السواعد لتسكبه زلالاً في جِرار (الزًفة) التي تحملها الدواب لتعود بها إلى مساكن القرية ويصاحب جذب الدِّلاء أهازيج الزهْمَلة يرددها الرجال مثل قولهم:
(حِليلك يوم اخذتيه..اخذتيه ولا نقدتيه.. يموت الصخل عنده ولا يقدر يذكيه) ..!!
وقولهم : (ياوارد السعدية أبشر بطيب النية.. ودلونا لو كان شنة..رنته في البير رنة..).!
وتسمع حينها الضحكات والقهقهات..!
قاطعته : ولكنها الآن (كأن لم يسمر بمكة سامر.)..!!!
رفع راسه وحدق بعينيه في وجهي ثم قال :
يابني لقد كانت هذه البئر شريان حياة قريتي
ومصدر سعادة واردها....!!! وأضاف.....
نعم كان قعرها طويلا ( 33 متراً طول رشاء الدِّلاء ).وهي (هلالية) المنشأ ..!!!..كما روى الأجداد...واستولى عليها الأتراك حيناً من الدهر.. والتهمت يوماً ما...(سِحَاقي) البراح و(ابن مفتاح)..!!!
وانقطعت السقيا منها مدة لم تطل كثيراً . فأما السِّحاقي فقد وُجِد ميتاً في قاعها رحمه الله....وأما ابن مفتاح فقد كُتبت له الحياة من جديد..!!
قلت : ولكن كأني بك تخفي عني شيئاً لا تريد أن تقوله فما يبكيك وما سببه .؟!
قال: أُدن مني موشوشاً : هنا كان اللقاء الخالد بها..جاء بأهلها (الخير) في قريتنا..فوردت البئر تستقي الماء يوماً .. فخطّت بلحظها على شغاف قلبي رسمها منذ أن صافحت عيناي عينيها ..وهُمْت بها ..وبادلتني ذلك الوله... ولعلها وجدت فيّ فارس أحلامها...وكنت استبق قدومها كل يوم لأحظى برؤيتها ...وأسكب في مسامعها عذب الأفتتان بها.. ثم أسقي لها ....ولحظي التعيس .. رحلَ بها أهلها من قريتنا.. بعد تصرم ثلاثة أشهرمن مقامهم في طرف قريتنا الشمالي وانتهاء موسم الحصاد....إلى جهة غير معلومة..ومن يومها وأنا أعيش (نشوة لحظية) متذكرأً طيفها الآسر برؤية مكان أقدامها في هذا المكان الذي أقف عليه(يدق بقدمه المكان بما لديه من جهد عدة مرات)... وفي كل مرة تراني هنا ..!!
*****
ثم أنشد: بَدْعاً من شعر العسيري :
*برّاق طُول الليل في نَجْدُه
ولاَ أصْبَح إلا حالة الوادي وشِيع مَا
واثرها يَبَة أَوطَت بسيلٍ مابَدا مِثله وشيْع سَال.!
وردّاً:
* مِثل الغضي ياناس فينْ أجْدُه
الناس فيهم دَوَى العِلة وشيءْ عَمَى
المُر حَالي به مادامت الامْجَارموجودة وشيء عِسَال...!!
** **
يابني: برحيلها لم تستطع فتاة أن تقتلع طيفها من عرش قلبي..!!
تبسمت على استحياء... وربّت على كتفيه..... ولمحته يلتقط طرف ردائه ليمسح دمعة تحدّرت من عينه اليمنى....وتركته مُوَدِّعاً وهو يتمتم بكلام لم استبن معانيه..!!!
***
وكتبها: غازي أحمدالفقيه
- «نيران صديقة» تُسقط مقاتلة أمريكية في البحر الأحمر
- “أبل” تستعد لإطلاق تحديث “iOS 18.2.1” قريبًا
- للطلبة ومعهد الإدارة العامة.. فتح باب التقديم للتدريب بمحاكم ديوان المظالم وإداراته
- وزارة الصحة تحيل خمسة ممارسين صحيين للتحقيق بسبب مخالفات مهنية
- معرض جدة للكتاب 2024 ُيسدل الستار على 10 أيام من الإبداع والمعرفة
- لمواجهة 4 فيروسات شتوية.. 5 أطعمة تمنحك فيتامين “C” لتقوية المناعة
- مفاجأة.. علاج جديد محتمل للصلع الوراثي
- تنفيذ حكم القتل بحق مواطنين أدينا بخيانة الوطن والانضمام لكيانات إرهابية
- الأرصاد عن طقس الأحد: انخفاض في الحرارة ورياح نشطة على عدة مناطق
- افتتاح فعاليات “بوليفارد محافظة أضم” الثاني بمطل ومنتزه أضم
- لجان هيئة تطوير مكة تزور رنية و تستمع للأهالي: و مطالبهم الملحة لتحسين الخدمات الأساسية
- مصدر سعودي لـ”سي إن إن”: السعودية حذرت ألمانيا 3 مرات من مرتكب حادثة الدهس في ماغديبورغ
- حرس الحدود بعسير ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهم البحرية
- المجلس الصحي يكشف عن مواصفات “الطبق المثالي لمريض السكري”
- حادث مروري في الرياض: اصطدام 20 مركبة يؤدي إلى وفاة وإصابات
غازي أحمدالفقيه
بئر السوق..!!
21/12/2024 7:49 م
غازي أحمدالفقيه
0
54151
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3626009/