في كثير من الأحيان، وتهرباً من المسؤوليات لدى بعض الكسالى، من مدراء بعض الجهات وضعيفي الشخصية يلجؤون إلى استخدام مقولة خطيرة جداً ومطاطية على حسب أهوائهم، ( إثارة الرأي العام ) وهذه الطريقة تُعتبر ملاذاً آمناً للفاشلين في إدارة مسؤولياتهم وعجزهم، عن أداء مهامهم وتنفيذ أعمالهم ، وهذا الأسلوب مألوف لمواجهة الحقائق وتحمل المسؤوليات ، فيتحولون إلى إثارة الأزمات الجانبية، وشخصنة الأمور لتشتيت الانتباه عن جوهر المشكلة، فهذه الظاهرة تُعتبر هروبًا من المسؤوليات وتلاعبًا بمشاعر الناس، ومواجهتهم بهذه الطريقة، لزرع الرعب في قلوبهم وإبعادهم عن مكامن القصور والإهمال والتلاعب.
وحتى نوضح المعنى الحقيقي لكلمة ( إثارة الرأي العام )
فذلك يعني خلق مواضيع وقضايا جدلية بعيداً عن الواقع الحقيقي لمشكلة ما، و تستهدف تحريك عواطف الناس وتوجيه اهتماماتهم نحو قضايا فرعية أو مفتعلة، وتستخدم هذه الأساليب لتمويه عن الاخفاقات والفشل في أداء مهام أعمالهم وتجنباً لمواقع الخلل حول أداء المسؤولية أو الجهة التي يتولا رأستها.
ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة يجب على المؤسسات الرقابية والإعلامية، تسليط الضوء على كشف الحقائق وعدم السماح للفاشلين من البقاء في أماكنهم، أو التأثير عليهم وممارسة تكميم الأفواه لإخفاء فشلهم، في أداء المهام المنوطة بهم، وعلى مراجعهم محاسبتهم وأخذ تقارير أسبوعية عن أعمالهم وإجراءاتهم، ومتابعة ذلك على أرض الواقع، فتوعية المواطنين بحقوقهم التي كفلها لهم النظام، ووضع آليات واضحة ليتحمل كل مسؤول لمسؤولياته، بشكل شفاف وواضح لتقليل من مظاهر القصور في أداء المهام مع إعطاء مساحة لهم بالاعتراف بالإخفاقات في أداء العمل، وإمكانية تعديلها وتصحيحها، بدلًا من لجوئهم إلى المراوغة لتغطية فشلهم.
وأخيراً فإن المسؤوليات والمهام تكليفاً وليست تشريفاً، وواجب كل مسؤول أن يعمل بإخلاص وتفاني وأن يواجه القصور في أداء عمله بشجاعة واقتدار، ويتسع صدره للملاحظات وقبول النقد البناء، لتحسين كفاءة الأداء و تحقيق المصلحة العامة، فعندما يعجز المسؤول عن أداء أعماله وتحقيق الأهداف المطلوبة، منه يرى في إثارة الجدل طريقة لإخفاء إخفاقاته، ويفضل تصعيد الأزمات و صنع المشاكل، بدلًا من تحمل تبعات أفعاله، ظناً منه أنه يعزز من وجوده وكسب المزيد من الوقت للبقاء في منصبه لأطول وقت ممكن.
فاللجوء لأقصر الطرق بمقولة إثارة الرأي العام ليس حلاً بل هي حيلة للتغطية على الفشل، ومسلك مردود على صاحبه و مرفوض نظاماً وعُرفاً، لأنه يقود إلى الكثير من المشاكل السلبية مع فقدان الثقة بين المواطن والمسؤول، فإنني أتمنى من أصحاب القرار أن يتم تعيين قادة شجعان لديهم الإمكانيات والأدوات للتطوير والارتقاء، وليسوا مجرد موظفين جُبناء يختبئون خلف التلاعب بالكلمات الفضفاضة، ومحاولة إخفاء الأصوات بطرق ملتوية وهم أساساً يعجزون عن محاسبة موظف متساهل فضلاً عن إدارة كوادر من الأفراد والأقسام، فالمطلوب اليوم هو قادة يتحلون بالشجاعة لمواجهة الواقع والعمل على تغييره، لا قادة يختبئون خلف الأزمات.
بقلم : عائض الشعلاني.