يمثل الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية منعطفًا خطيرًا في النزاع العربي-الإسرائيلي. فالمنطقة التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الأراضي السورية بموجب القانون الدولي، أصبحت ورقة ضغط استراتيجية في يد إسرائيل، مستغلة حالة الفوضى والانقسام التي تعصف بسوريا منذ عام 2011.
استغلال الظروف السورية
مع تفكك مؤسسات الدولة السورية وضعف سيطرتها على أراضيها خلال العقد الأخير، استغلت إسرائيل هذا الوضع لترسيخ وجودها في الجولان. جاء ذلك بالتزامن مع ضربات موجهة للبنية التحتية الدفاعية لسوريا، مما جعل الأجواء السورية مكشوفة أمام الطيران الإسرائيلي الذي واصل استهداف مواقع عسكرية حساسة ومنشآت حيوية.
تدمير القدرات العسكرية والملاحة البحرية
تجاوزت إسرائيل الحدود البرية إلى استهداف المطارات والقواعد العسكرية السورية، مما أضعف قدرة دمشق على حماية مجالها الجوي. وامتدت تداعيات هذا العدوان إلى قطاع الملاحة البحرية، حيث تعرضت السفن السورية لضغوط مباشرة وغير مباشرة، ما أثر على حركة التجارة والموانئ في بعض الأوقات.
تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي
منذ احتلالها للجولان عام 1967، تسعى إسرائيل إلى فرض سياسة الأمر الواقع عبر تعزيز مستوطناتها وتوسيع وجودها العسكري، في محاولة واضحة لضم الهضبة وتكريس سيطرتها عليها. هذه الخطوات تتحدى بشكل صارخ قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الجولان أرضًا سورية محتلة يجب إعادتها.
دور الحكومة السورية والجهود الدبلوماسية
مع تشكيل حكومة انتقالية في سوريا، بات من الضروري إعادة بناء قدرات الدفاع الوطني والعمل على استنهاض الجهود الدبلوماسية لإعادة قضية الجولان إلى الواجهة الدولية. يجب أن تتبنى الحكومة السورية استراتيجية شاملة تشمل تحسين علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية وتنسيق المواقف مع الدول العربية لحشد الدعم اللازم لاستعادة أراضيها.
مخاطر إقليمية ودولية
التوسع الإسرائيلي في الجولان ليس تهديدًا لسوريا وحدها، بل هو عامل زعزعة للاستقرار في المنطقة بأسرها. إن استمرار هذه التحركات قد يشجع إسرائيل على تصعيد مشاريعها التوسعية، ما يتطلب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي، خاصة الدول العربية، لدعم حق سوريا المشروع في استعادة سيادتها.
أهمية التحرك العربي المشترك
غياب رد الفعل العربي والدولي يمنح إسرائيل فرصة أكبر لفرض سياساتها. يجب تعزيز التعاون العربي في المحافل الدولية والعمل على توحيد الخطاب الإعلامي والسياسي للضغط على المجتمع الدولي لتطبيق القرارات الأممية المتعلقة بالجولان.
خاتمة
احتلال الجولان هو قضية تمس الأمن القومي العربي ككل. التهاون تجاه هذا الملف يفتح الباب أمام تداعيات خطيرة تمتد آثارها إلى عموم المنطقة. المطلوب الآن هو موقف عربي موحد، وجهود مكثفة لإبقاء الجولان في صدارة المشهد السياسي، وتذكير العالم بأن هذه الأرض جزء من سوريا، ولا يمكن لإسرائيل تغيير هذه الحقيقة مهما طال الزمن.