أتفق مع من يقول بأن وسائل التواصل الإجتماعي ( السوشل ميديا ) أدت إلى التنوع الثقافي والاجتماعي وأعطت المساحة للجميع وخصوصاً الشباب إلى طرح ومناقشة الكثير من القضايا والتعبير عن وجهات النظر المتنوعه ، إلا أنني أرى ومن وجهة نظري كمتابع للحالة الإجتماعية أو من خلال مانسمع ونقرأ أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في نشر العولمة الثقافية الهشة، و المبادئ المزيفة في عالم الماديات، والذي طغى على الكثير من الشباب والفتيات وركب الموجة من ركبها من أقراننا من الأباء والأمهات ، بتكوين العلاقات الافتراضية لعالم خارجي، لربما غير مرتبط بواقعنا الإجتماعي مما أدى إلى تماهي وانسلاخ القيم والتقاليد والعادات المجتمعية المتعارف عليها بين المجتمعات والأجيال .
حيث عملت حالة من القلق لدى الأباء والأمهات من المحافظين والمهتمين بالشأن الإجتماعي ، على تلك القيم والتي اكتسبوها عن أسلافهم من الأجداد ، مما تسبب في إيجاد حلقة أو حلقات مفرغة، بين تلك الأجيال والجيل حالي من التباعد الإجتماعي وانعزال الأفراد والتعلق بالعالم الرقمي ليعيش كلاً منهم في عالمه الخاص وجعل من الفجوة الاجتماعية أكثر اتساعاً وساعد على تغيير الكثير من القناعات وما اعتادت عليه تلك الأجيال السابقة، فكان هذا الجيل أكثر من تمرد على تلك المفاهيم والقيم إلا مارحم ربك.
فأصبحت هذه الأجيال أكثر سهولة للانجراف إلى عالم زائف وعلاقات هشة تذهب بهم جميعاً أدراج الرياح لتهب عليهم شُعث و شتات من الغُربة النفسية في ظل غياب الوازع الديني و الناصح الأمين لهم لينقذهم من براثن تلك العلاقات، والتي بُنيت على جُرفٍ هارٍ فانهار بهم في أودية سحيقة من الدمار العاطفي والأخلاق، لتجرفهم تلك الأزمات من عالمهم الحقيقي إلى عالم الماديات دون وجود أرضية صلبة يستطعون من خلالها الوقوف مرةً أخرى للعودة إلى الحياة الطبيعية.
فانتشار الكثير من المعلومات والثقافات الغريبة في فضاءات النت وتشابكها أدى إلى حالة من اللاوعي بسبب استغلال الموجات في عالم السوشل ميديا من قبل العالم الخفي ، بنشر الأخبار الزائفة والمعلومات المغلوطة والتي حتماً تؤثر وتشوش على الوعي العام للفرد والمجتمع، مما يجعلهم عُرضة ولقمة سائغة للاستغلال المادي والانخراط أخلاقياً للبحث عن ذلك العالم الوهمي بالشهرة والثراء الفاحش، لسرعة الوصول لتحقيق مآربهم الزائفة والرغبات المؤقتة مع وجود البيئة المشجعة من سُفهاء القوم وجُهالهم ، وكل ذلك على حساب تلك المبادئ والقيم السامية.
ولن تكون العودة إلى الطريق السوي إلا من خلال قوة الارتباط والتمسك بالدين ومن ثم الالتحاف بتلك القيم السامية لتسموا تلك الأرواح وتكون أكثر روحانية بقوة علاقتها بربها ، واعتزازها بثقافتها وموروثها من القيم والعادات والتقاليد الصلبة التي تدعوا إلى التواصل والتعاون والتكاتف والشيم والوفاء والكرم وحُب الخير للغير.
وهنا يأتي دور الأباء والمعلمين وأصحاب الأقلام والمنابر والمثقفين والعُلماء بالنزول إلى ميدان الفضاءات، ومزاحمة متصدري السوشل ميديا لتوعية الناس وإيجاد برامج ثقافية تنويرية تعليمية ترفيهية، لهم بالتقرب إليهم لسحب البساط من تحت مشاهير الفلس والضياع، ومن يقف خلفهم ، لنحافظ على شبابنا وبناتنا من الدخول في ظُلمات التواصل الاجتماعي.
والمجتمع الغربي أكثر شاهدٍ على عالمهم المليء بالكثير من المواقف والأحداث والتجارب والتي جردته حتى من إنسانيته وفطرته السليمة التي كانوا عليها ذات يوم بسبب ابتعادهم عن الفطرة التي فطرهم الله عليها فأين العقلاء.
بقلم : عائض الشعلاني.