الفراق: لسانه الدّموع، وحديثه الصمت، ونظره يجوب السّماء ، الفراق حزن كلهيب الشّمس يبخّر الذّكريات من القلب ليسمو بها إلى عليائها، فتجيبه العيون بنثر مائها لتطفئ لهيب الذّكريات ويا ليتها تنطفئ بلا رجعة ولكنها تُخمد وتبقى شرارة تشعل القلب وتعيده سيرته الأولى .
هو القاتل الصّامت، والقاهر الميت، والجرح الّذي لا يبرى، في الفراق يكمن الألم، ولكن في الاشتياق ينبت الأمل.” “الفراق يعلمنا قيمة اللحظات التي قضيناها معًا، والاشتياق يثبت أن الروح تظل متصلة رغم بُعد الأجساد.”
لا شك ان لكل منا جرحُ في داخله لازال يُدمي من قصة او صداقة ولا ارتباط وجداني انتهى بالفراق والابتعاد ونحن البشر لا نعي ولا نشعر بقيمة الأشياء الا بعد زوالها ، حتى ان الفراق يؤثر على طبيعة حياتنا لا للفراق ولكن للفراغ الذي يكون في داخلنا واصعب شيء نواجهُ في الدنيا المحاولة تكرارً ومراراً ان نملاء ذلك الفراغ ، ولكن لا نستطيع، واغلب القصص الحزينة ليست حزينة لأنها بالحزن ابتدأت ولكن بالحزن انتهت
ويقول الرافعي عن الفراق.
( ما الفراق إلا أن تشعر الأرواح المفارقة أحبتها بمس الفناء لأن أرواحاً أخرى فارقتها؛ ففي الموت يُمسُّ وجودنا ليتحطِّم، وفي الفراق يُمسُّ ليلتوي؛ وكأن الذي يقبض الروح في كفه حين موتها هو الذي يلمسها عند الفراق بأطراف أصابعه. ) ويقول مصطفى محمود عن الفراق :
( لحظة فراق حبيبين هى لحظة كإنشطار الذرة أحيانا يحجب صوتها ضوضاء التاريخ كله و تتشوه بسببها الأجنة فى الأرحام و يتلوث الماء و الهواء و البحر و الطعام و الحياة وذلك يحدث عند أهل القلوب )
ويقول ايضاً :
( الحب الحقيقي لا يطفئه حرمان .. ولا يقتله فراق.. ولا تقضي عليه محاولة للهرب منه.. لأن الطرف الآخر يظل دائماً.. شاخصاً فى الوجدان. )
الفراق كالحبّ تعجز الحروف عن وصفه، الفراق كالعين الجارية الّتي بعدما اخضرّ محيطها نضبت.
ويعد الفراق هو اقسى مايواجهُ الأنسان في هذي الحياة القصيرة السريعة بالأحداث التي لا يمكن ادراك مجريتها الا بعد فترة من الزمن .
وللفراق حكايات في سراديب الأحزان لا يستطيع ان يستشعر تلك الأحزان الا من عاش مرارة الفراق .
والفراق له أساليب منوعة وأقساها رحيلهم الى الدار الأخرة بدون موعد لقاء في الحياة الدنيا .
والرسول الكريم ﷺ ذاق مرارة الفراق في فقد خديجة رضي الله عنها حبيبة الروح وشريكته ، وعمه أبو طالب وسمّي ذلك العام بعام الحزن وحزن الرسول ﷺ
حزن شديد لفراق محبوبته وعمهُ ولازمه طول حياته مرارة فراقه لمحبوبته ولم ينسى يوماً ذلك المحبوبه حتى بعد زواجه من عائشة وتقدمه بالعمر .
والفراق انواع كثيرة منها مانتجاوزه ونتخطاه مع الأيام والقليل منه يبقى ملازم لنا طوال حياتنا نشعر به كالغصة في حناجرنا التي لا يمكن لنا ان نبتلعها ولا ننطق بها تبقى في مكانها حتى ان نودّع هذي الحياة .
”وليسَ الهجرُ يؤلمني ولكن
جمالُ الذكريات يهزّ قلبي
أخادعُ حُزن روحي بالتمنّي
فأينَ حنان ذاك القلب عني؟”
جبرنا الله وإياكم