تُمثل الثقة أحد عناصر ديمومة العلاقات الحسنة بين سائر البشر، إذا ما تُوجت بأخلاق سامية منبعها دين الله القويم، وعلى النقيض من ذلك إذا ما اكتنفها الغرور وداء العظمة والنظرة الدونية للآخرين، وهي مشتقة من كلمة وثق ويثق وموثوقاً به أي يُمكن الاعتماد عليه للقيام بأعمال مهمة وحساسة، أما في علم النفس، فهي تعني ثقة الإنسان بنفسه وبقدراته وتحرره من الخوف وسوء الظن دون أن يأذي نفسه أو مُخالطيه، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تشير لمفهوم الثقة كما في قوله تعالى ﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ وفي الحديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وهي من صفات الأنبياء والرسل عليهم السلام، فعندما لجأ النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى غار ثور بمكة المُكرمة، للاحتماء به من كفار قريش، وقد ظهر على محيا أبا بكر الخوف لاقتراب هؤلاء الكفار منهم قال عليه الصلاة والسلام الواثق بالله ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ فيما قال يحيى بن معاذ: ثلاث خصال من صفات الأولياء الصالحين: الثقة بالله في كلِّ شيء، والغِنى به عن كل شيء، والرجوع إليه من كل شيء، وللثقة شروط ومنها (1) أن تنطلق من معايير خُلقية قوامها الإيمان بالله وحسن النية ويقظة الضمير(2) النظرة للحياة بروح التفاؤل وعدم الاستسلام لليأس والقنوط والأوهام، ومُثبطات الهمم والعزائم، واعتبار الفشل دافع لمزيد من التعلم وتحقيق النجاح وليس العكس (3) القدرة على مواجهة الجماهير، والتعبير عما بداخل النفس من مشاعر فياضة دون ارتباك أو توتر، والعمل على تحفيزها بكلمات مُشجعة مثل أنا واثق بنفسي وقادر على العطاء وحل المشكلات، وتقبل النتائج مهما كانت، بالإضافة للنقد الهادف بصدر رحب(4) الظهور بالمظهر اللائق أمام الآخرين واختيار الألفاظ المناسبة، أثناء الحديث معهم (5) التخلص من الحساسية المفرطة وعدم المقارنة بالآخرين أو التقليل من المكانة الاجتماعية أو الحرص على تحقيق المثالية في كل شيء (5) تجنب التفكير السلبي والتوتر والغضب والتغلب على الضعف والقصور من خلال سعة الاطلاع والقراءة والاستفادة من تجارب الرياديين والمتفوقين، وتطوير الذات من خلال الالتحاق بدورات تُعنى بهذا الجانب(6) امتلاك إرادة قوية وشجاعة وتحمل مسئولية واتخاذ القرار الصائب في وقته المناسب علاوة على القدرة على المناقشة والحوار الهادف(7) الاعتناء بالصحة العامة والاهتمام بالتغذية المفيدة وممارسة الرياضة والاسترخاء، والنوم الكافٍ ومخالطة الأسوياء دون غيرهم من السيئين والاشقياء (8) المصداقية والالتزام بالمواعيد والاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه وأنه في حالة عدم المعرفة بأمر ما، يُقال ببساطة لا اعرفه (9) عدم إعطاء الأمور والمواقف أكبر من حجمها أو تهويلها، أو استصعاب حلها، وألاّ يمنح نفسه الحرية المطلقة حتى يكون هدفاً للاستغلال (10) التمسك بالرأي النابع من قناعة تامة، وتحاشي استخدام الحيل العقلية كالإسقاط والتبرير والتقمص والكبت لكونها تؤدي إلى إخفاء الحقائق (11) تربية الأطفال بمنأى عن القسوة والعنف والتخويف لكيلا يتأصل ذلك في نفوسهم، فيكون سبباً في تقويض ثقتهم بأنفسهم أو انعدامها في مراحل حياتهم القادمة. يقول أحد المفكرين: بأن الثقة بالنفس كلما ازدادت في الشخص، كلما جعلته أكثر قوة في مواجهة مصاعب الحياة وتحدياتها، وأن الأمراض النفسية والانفصام في الشخصية والتأثر بالمعتقدات الباطلة والافكار السيئة لها عظيم الأثر في بناء الثقة بالنفس من عدمها، فيما نعتبر نحن الثقة المعتدلة هي الأحوط للتعامل مع الغير، أما في الحياة الزوجية فلابد وأن تصل هذه الثقة إلى أوج قمتها بين الزوجين، لديمومة العشرة الطيبة فيما بينهما، ذلك، لأن ضعفها أو انعدامها مُدعاة للتفكك والانفصال وتشتت الأبناء، ومثل ذلك في منظومات العمل، فحينما تفتر الثقة أو تنعدم بين القائمين على إدارتها وموظفيهم، فإن هذا ما ينتج عنه قطعاً توتر في العلاقات، فخلل في سير العمل، فتعطل تام في تحقيق الأهداف المرجوة، وفي قصتنا التالية تجليات بخصوص هذا الموضوع: فأحد أصدقاؤنا ولثقته العمياء بزميل له في العمل، قام بإعطائه مبلغاً كبيراً من المال دونما تردد وقتما طلب منه العون والمساعدة، وبعد مضي عام كامل طالبه بإرجاع هذا المال لحاجته الماسة إليه، وبدلاً من أن يُقدر معروفه ويعتذر له عن تأخره، أخذ يُماطله ومن ثم قام بحضر جواله ثم قاطعه طيلة 17عاماً،وعندما توعده بتقديم شكوى ضده لدى الجهات المختصة عبر رسالة نصية من جوال آخر، رد عليه بقوله: أنت قلت لي مُسبقاً تصدق بهذا المبلغ على المحتاجين فقال له صحيح ولكن بعد مغادرتي الدنيا، إذا ما ظللت هكذا في التأخر، وعندما طالبه بإثبات ما تصدق به، رد عليه بأنه غير ممكن، حفاظاً على سرية وكرامة هؤلاء المحتاجين، فلا عجب إذا طالما هو سفيه وهناك أناس كُثر من أمثاله، ولكن بطرق ملتوية، فبعض أصحاب المؤسسات والمكاتب الخدمية يعمدون لوضع لوحات ملفتة للنظر على واجهة محلاتهم التجارية تتضمن كلمات تحمل بين طياتها قيم لغوية خلاقة ومحببة للنفس [ صدق، أمانة، جودة عالية ، ثقة ] بينما هم بخلاف ما يتظاهرون به لأجل جلب زبائن وتحقيق مكاسب مالية طائلة، والواقع يشهد بذلك، فينطبق عليهم حينئذ قول الله تبارك تعالى (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) فالحذر الحذر من المحتالين والأفاكين، ومن أيضاً الثقة المتناهية بعموم الخدم والعمالة المنزلية ودمتم سالمين.
بقلم عبد الفتاح أحمد الريس
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
- «الطيران المدني» يُصدر تصنيف مقدِّمي خدمات النقل الجوي والمطارات لشهر أكتوبر الماضي
- الزكاة والضريبة والجمارك تدعو وسطاء الشحن إلى الاستفادة من الخدمات الجمركية المقدمة في المنافذ البحرية
المقالات > للثقة بالنفس تجليات خلاقة.. غير أنها !؟
عبد الفتاح أحمد الريس
للثقة بالنفس تجليات خلاقة.. غير أنها !؟
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3602812/