فتح مكة ذروة العز والتمكين ، وتطهيرها من رجس الشرك وأهله بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم . يعد التحول الكبير من القبيلة للدولة ، واثبات الحق ، وارساء ثوابت العدل ، وغرس العدالة الاجتماعية . التحول الأضخم في مفهومه وجذوره ونتائجه لمسيرة الإسلام ، وظهوره وانتشاره على وجه المعمورة . عام ٨ هجرياً وبالذات شهر رمضان في أول أواخره كان فتح مكة المكرمة فتحاً عظيماً ومبيناً ، وموعداً في السنة الثامنة هجرياً الموافق ٨/٩/٢٠ من الهجره النبوية في شهر رمضان المبارك ، وعمر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ٦١ عاماً ، وهذا الفتح والنصر موازن لأول موقعة نصر في الإسلام على اليابسه البر معركة بد في ١٧ من رمضان ، و فتّح مكة لا حدس في رمضان . الحمدلله على هذا الفتح العظيم على يد رسول الله - عليه أفضل الصلاة والتسليم - من نعم لا تحصى تترع ، وتباشير هذا الفتح سبق أنّ نزلت في سورة الفتح .
وفتح مكةالمكرمة ينعت بالعظيم ، ويسمى الفتح العظيم . الموافق بالميلاد ( ١٠ يناير ٦٣٠م ) وقبل هذا التاريخ سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجموع المسلمين من المدينة المنورة . اليوم العاشر من رمضان بتاريخ ٨/٩/١٠ ، ومعه جموع المسلمين في مقدمتهم الانصار أهل المدينة - رضي الله عنهم -، وانضمت بعض القبائل بين المدينةالمنورة ومكة المكرمة أثناء المسير . تزحف جحافل التوحيد برئاسة صفوة الخلق ، وسيد المرسلين ، وأمير الأنبياء، وأمام المتقين . تلك الجموع المسلمة بإرادة وتصميم لا رجعة فيه نحو مكة المكرمة . تزيد عن عشرة الاف مقاتلاً ، وفي طريقه عليه أفضل الصلاة والتسليم بالجحفة بين الحرة والسهل أو الخبت للحرة أقرب من السهل . موقع دمث التربة مستوي الاديم بها لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب وأهله مهاجراً للمدينة المنورة ، وتهلل وجه رسول الله حبوراً بعمه العباس رضى الله عنه ، وأبرز له ابنه عبدالله بن العباس رضى الله عنهما لرسول الله المولود بعد البعثة بسبع سنوات ، وهذا الصبي سمي والد رسول الله سمي أخو العباس . قبله عليه الصلاة والسلام وضمه ، وهذه الضمة والقبلة لا شك فيها أثرت في الصبي علماً ، وأورثته الفقه ليكون حبر الأمة ، ولما استبطن وادي قديد نزولاً نظر إلى يساره عليه أفضل الصلاة والسلام خشم حرة المشلل ، واشار بالاشارة الحسية لموقع خيمة أم معبد الخزاعية جنوب غرب المشلل بما يعرف ملح الجنوبي ( ملح اليماني ) ربوة بارزة بها استضاف وصاحبه ابو بكر الصديق في خيمة أم معبد ، ودليلهما عبدالله بن أريقط الليثي الكناني ، ولما هبطوا وادي الرجيع مجامع أودية مدركة - أوان " نوان تنطق بالألف أو بالنون " ، وسمي وعلق وظبية وسويس - ووادي الرجيع بين وادي أمج شمالاً ووادي مرالظهران جنوبا ، وفي الرجيع حادثة بعض الصحابة ، ومقتلهم غدراً من قبل هذيل ثم وادي مر الظهران ، فوادي سرف أعلاه جعرانه ، وأسفله التنعيم وبعض أطراف وادي سرف الجنوبية في حدود الحرم الشمالية ، وفي وادي سرف عقد على أمّ المؤمنين ( ميمونة بنت الحارث العامرية ) وتبناها حليلة له عليه أفضل الصلاة والسلام ، وبسرف إيعاز لاتباعه ان يشعلوا مشاعل النار متباعدة ومنتشرة من أجل تراها عيون استطلاع قريش وتنبهر من كثرتها ، ويتغلل الخوف بها ، وترتجف قلوبهم من كثرتها ، ولما أقترب من مكة حاول مشركي مكة ، وصناديدها عذله من دخولها بسفراءهم اولاً ثم المفاوضات ثانياً ، وكلاها فشلت ، وخذل الله المشركين . بتدميرهم من تدبيرهم في نحورهم ، وتقدم الرسول وجموعه ، فالرسول رسول الرحمة ، ومتمم الأخلاق ، وطول مسافة سيره لم يقتل احداً ، ولا يقطع شجراً ، ولا حيواناً عبثاً ، ولا يفسد مورد ماءً حتى استقر بوادي طوى .
خيم بوادي طوى في ٨/٩/٢٠ واعطاء الأمن والأمان من كان في بيته فهو آمن ، ومن كان بالمسجد الحرام الشريف آمن ، ومن كان في بيت حرب ابن ابي سفيان أبن أمية سيد قريش فهو أمن ثلاثة مواقع كاملة من كان فيها فهو أمن .
العدد القادم تكملت المقال عن فتّح مكة المكرمة الفتح العظيم .
دام عزك ياوطن ودامت قياداتك ، ورموزك الزمنية والروحية ، ويحفظ الله للبلاد سلمانها سلمان الحزم خادم الحرمين الشريفين ، وعضيده ولي العهد محمد العزم . مهندس الرؤية .
بقلم/ خالد بن حسن الرويس