الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم رمز من رموز الوطن ، وعلم من اعلام الدولة السعودية منذ عهد المؤسس الأول الملك عبد العزيز يرحمه الله .
ولد معالي الشيخ إبراهيم في مدينة الرياض عام١٩١٦م وانتقل مع والده عبد العزيز آل إبراهيم أول أمير للطائف تم تعينه في يوم ١٣٤٣/٥/٢٨ في عهد الدولة السعودية الثالثة من قبل المؤسس الأول الملك/ عبدالعزيز يرحمه الله ثم أمير المدينة المنورة في ذلك الوقت وقد عاش نجله إبراهيم ، وتربى بالمدينة المنورة ، ودرس بالمدرسة الناصرية التي تقع بجوار المسجد النبوي ، ومع إكمال مرحلة الدراسة الابتدائية . انتقل إلى مدرسة العلوم الشرعية لمدة عام كامل ، وواصل تعليمه بمدرسة العلوم الشرعية إلى جانب معاونة والده في أعمال الإمارة ، وهو في سن الثالثة عشرة من عمره (١)
وفي ١٣٧١ كلف بالعمل أميراً لمنطقة القنفذة التي كانت تتبع لوزارة الداخلية مباشرة .
بدات معرفتي بالأمير إبراهيم آل إبراهيم عام ١٣٧٨ للهجرة حينما زار امير القوز (طارفة القوز )الذي كانت تربطه بوالدي علاقات متينة ، وكنت اقابله اثناء زياراته المتكررة للوالد ، وكان يرى في شخصي الجرأة والفصاحة ، وكنت ادرس بالصف الخامس الابتدائي . وقد طلب من والدي احضاري معه عند زيارة الأمير إبراهيم آل إبراهيم الذي اعتاد زيارة القوز عند طارفة القوز منصور بن ناصر الدوسري الاخير اشتهر بالكرم ، وفي موعد الزيارة طلب مني والدي مرافقته إلى مركز القوز الذي يبعد عن مقر اقامتنا بلدة الحبيل نحو ساعة على الدواب ، وحينما قابلنا طارفة القوز طلب مني القاء كلمة امام الأمير إبراهيم .
مفاجأة كبيرة بالنسبة لي لا استطيع كتابة الكلمة ، فطلب من احد الاخوياء مرافقتي إلى احد المعلمين يعمل في مدرسة القوز الابتدائية ويدعى خالد فتياني فلسطيني الجنسية ، وابلغه مرافقي بكتابة كلمة ترحيبية القيها امام الأمير إبراهيم ، وكان الاستاذ خالد يملك آلة كاتبة كنت أراها لأول مرة فطبع لي الكلمة ، وطلب مني قراءتها فقراتها دون أن أقع في اي خطأ ، وكررت قراءتها قبل حلول الظلام حيث لا توجد إضاءة سوى ضوء الاتريك الذي لا يوجد إلا في مركز الإمارة .
مع حلول الظلام آويت إلى كثيب رملي وغلبني النعاس ، ونمت
وبعد أن وصل الأمير ، واستقر به المجلس الذي كان يتكون من الأسره الخشبية المنسوجة بالحبال
أخذوا يبحثون عني في الظلام ايقظوني ، وقام والدي بغسل وجهي بعد تنفيض ملابسي من الرمال ، وطلبوا مني التوجه إلى الأمير لإلقاء الكلمة وكان الأمير منهمكا
بالحديث مع احد جلسائه
وبدأت القي كلمتي التي قلت فيها ( أميرنا المحبوب ورائدنا الرشيد ايها الآباء ايها الأخوة
مرحبا بكم ايها الأمير وانتم ترعون مصالح المواطنين ..... الى اخر الكلمة)
وبعد انتهاء الكلمة اجلسني بجواره ، وسألني عن اسمي ، وحينما قلت له إبراهيم قال انت سميي ثم سألني عن مراحل الدراسة التي أرغب مواصلة الدراسة بها قلت لا أدري
قال بعد ان تتخرج من المرحلة الابتدائية تواصل دراستك في المرحلة المتوسطة ثم الثانوية ثم الجامعة ثم الماجستير وقد تحققت رغبته بفضل الله
كان الأمير إبراهيم مثقفاً وقيادياً بارعاً يستشرف المستقبل ، ومن المواقف الدالة على ذلك اذكر موقفين يدلان على براعته القيادية
الموقف الأول في قطاع العرضية الذي كان يتبع لإمارة القنفذة
ولرفع المشقة عن السكان لبعد المسافة ، وصعوبة الطرق ، وقلة وسائل المواصلات كان يطلب من رؤساء الادارات الحكومية مرافقته لانهاء إجراءات أهالي العرضيات في مقر إقامتهم حيث يقيم مخيماً في بلدة سبت شمران التي تتوسط العرضيتين الشمالية والجنوبيه حيث يتم استكمال اجراءات معاملتهم ، واستقبال مطالباتهم الجديدة ، والوقوف على مواقع النزاع ان وجدت ، وهذا اجراء إداري حكيم .
اما المواقف الداله على استشرافه للمستقبل فاذكر منها موقفين الأول اقتصادي وهو اجتماعه بتجار القنفذة لإنشاء شركة مساهمة لتوليد الكهرباء في مدينة القنفذة ، والثاني فتح باب التجارة الخارجية لاستيراد البضائع عبر ميناء القنفذة بعد ان عمل له رصيف بعد زيارة الملك سعود يرحمه الله في عام ١٣٧٤ للهجرة ، وعدم سعة افق أصحاب رؤوس الأموال في ذلك الوقت حال دون تحقيق هذه الطموحات .
اما الموقف الثاني الذي يدل على استشراف المستقبل ففي عام ١٣٨٩ للهجرة تخرجت اول دفعة من المعلمين الوطنيين من معهد المعلمين الابتدائي ، ورغبة منه ، ومن مدير التعليم في ذلك الوقت السيد/ أحمد بن عبدالغني الأهدل الذي يتفق مع الأمير إبراهيم في بعد النظر واستشراف المستقبل بفتح مسار آخر وهو افتتاح اول مدرسة متوسطة يقبل فيها صغار السن من حملة الابتدائية ، وكنت من طلاب أول دفعة تلتحق بهذه المرحلة لتحقيق حلم الأمير لمواصلة دراستي حتى حصلت على درجة الماجستير ، وفي المدرسة المتوسطة الأولى بالقنفذة درس ابناء الأمير/ إبراهيم الكبار الشيخ عبدالعزيز إبراهيم والشيخ خالد إبراهيم إلى ان انتقلوا مع والدهم الى مكة المكرمة .
تمر الأيام وبعد حصولي على الشهادة الجامعية عملت معلماً لمادة الجغرافيا في مدرسة عكاظ المتوسطة بالطائف ، وكان من طلابي أبناء الأمير/ إبراهيم الشيخ وليد الإبراهيم مالك شركة mbc الاعلامية ، وأخيه محمد الابراهيم رجل الاعمال الشهير في تجارة العقار .
كان آخر لقائي بالشيخ إبراهيم في عام ١٤٠٢ حينما افتتح إدارة تعليم المخواة بعد انفصالها عن إدارة تعليم القنفذة .
كان لي الشرف العظيم ان اتعرف على سيرة هذا الرجل الإداري العظيم ، شهد له العظماء ، ومنهم سمو الامير خالد الفيصل حفظه الله الذي قال عنه:( ان الشيخ إبراهيم آل إبراهيم رجل الإدارة الأول ، وقد تعلمنا منه الكثير في أعمال الإدارة في الإمارات حيث كان يعد مرجعا في هذا المجال)
فقد كُتبت عن سيرته وسيرة ابيه عدة كتب .
كتاب عن سيرة الأمير الشيخ عبدالعزيز آل إبراهيم أمير عسير والطائف ، والمدية المنورة ، وعضو مجلس الوكلاء في عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله تأليف الاستاذ الدكتور إبراهيم بن محمد الزيد
وكتاب عن سيرة الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم تأليف نجاة فتحي صفوت
كان الأمير إبراهيم محباً للرحلات البرية وشغوفاً بسماع اخبار الأمطار والسيول ، ولهذا كانت وفاته غرقاً حينما جرف السيل سيارته في وادي الروضة بمنطقة حائل في يوم٢٨ رجب عام١٤٠٦ يرحمه الله رحمة واسعة ، واسكنه فسيح جناته وجعل ما قدم من أعمال في موازين حسناته .
كتبه /إبراهيم بن علي الفقيه
١٤٤٥/٧/١٣
المصدر (١) نجات فتحي صفوت
سيرة الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز آل إبراهيم
الطبعة الثانية ١٤٢٨ /٢٠٠٨
الرياض