هذه العبارة رنانة تستهوي النفوس للسؤال ما الخبر ؟ وتحاول أن تجد الإجابة بشتى الطرق ، فتبدأ رحلة البحث عن هذا الخبر، ومحاولة الحصول عليه ، وفي الطريق تأتيك معلومات عن هذا الخبر ، وأكثر الناس إلا من رحم الله يحاولون أن يكونوا هم من يتصدرون الحدث بهذا الخبر ، ولا يبالون هل هو صحيح ؟ وما هي مصادره؟ وهل خلفه مفاسد أو مصالح ؟
أو هل هو من مصدر رسمي؟ فهم كحاطب ليل إلا من رحم الله ،بل إن بعضهم يعبّر عن متصيدي الأخبار بأي طريقة كانت دون تثبت بأنهم مثقفون ، والأدهى والأمّر بأنهم يرون تصيد الأخبار من فقه الواقع ؛ لذا يحاولون النيل من العلماء سواء قصدوا، أم لم يقصدوا . وينعتونهم بأنهم لا يفقهون الواقع ،ولا يعلمون بأن العلماء يمشون على نور من الله -على الكتاب والسنة -وكما ذكرت في مقالة سابقة بأن الإعلام يقود البشر كيفما شاء، إلا العلماء فإنه يقف حائرًا أمامهم ، أمام حكمتهم ، وعلمهم بالواقع ،وعلمهم بالمصالح والمفاسد، والعلماء قرأوا وفهموا قول الله سبحانه وتعالى :"وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا " . قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله -في تفسيره قوله تعالى : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به أي : إذا أتى هؤلاء المنافقين خبر يتعلق بأمن المؤمنين أو خبر أمر يوجب خوف المؤمنين أفشوه،و أشاعوه على الفور دودن تثبت وتحقق من صحته أولًا ،وفي صحيح مسلم ،قال النبي -صلى الله عليه وسلم - :(كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سَمِعَ) وفي رواية :( كفى بالمرء إثمًا أن يُحدّث بكل ماسمع )، فبعض الناس ينجرف خلف تغريدة ، وتغيّر فكره ، وتقلب حياته رأسا على عقب ، فعلينا أن نحفظ ألسنتنا؛ لأننا محاسبون . في حديث معاذ - رضي الله عنه - عندما قال : يا رسولَ اللهِ ! وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلَّمُ به ؟ فقال : وهل يُكِبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهم أو قال : على مناخرِهم إلَّا حصائدُ ألسنتِهم ) ،
ولله در القائل :
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقائه الشجعان
فعلينا أن نكون حذرين من تلك الشائعات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ، وأهل الباطل حريصون على زخرفة باطلهم ، وإخراجه في أجمل حُلة ،وفي عصرنا هذا أصبحت الإشاعة سهلة الانتشار عبر وسائل التواصل، و بضغطة زر تستطيع نشر مجلدات ،
والأعداء يخططون ليل نهار لنشر الشبهات والشائعات ،وملء قلوبنا غلًا ،وحقدًا على ولاة أمورنا من علماء ،و أمراء .
ومن دهاء الأعداء أنهم قد يستعملوا أبناءنا وأبناء المسلمين ؛لنشر باطلهم. إنها الفتن ! نسأل الله السلامة والعافية .
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ،ووفقنا أن ننشر كل ما يرضيك على علم وبصيرة، وأن تحفظ ألسنتنا وأقلامنا من كل ما يغضبك ،وأن تجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
والسلام أجمل ختام
كتبه عبدالله حامد الشهراني.
يوم الخميس الموافق ٧/٧/ ١٤٤٥ من الهجرة .