تكملة المقال ( ٧٦ ) . سرنا من وادي أوطاط نحو الغرب عصر يوم السبت بعد كرامة قدمها أنجال الشيخ/ ثلاب الدعيجي العالي باستراحة والدهم يرحمه الله . متجهون إلى حماة ، والمطر يسكب وابله ، ومساحات المركبه تعمل ، والماء يتصفق يميناً ويساراً من على ظهر الطريق العام السفلت أو القار نشاهد جريانه ، وصفاءه باين من فوق القار ، ويجري مع جانبي الطريق قشعاً غير معتاد ، ويتثلع تثلعاً مخيفاً . ثلوعه من الحرة ثلوعاً غير بسيط ، فالتلاع تسيل ، والأشعبة تهدر جريان ، ومغزلات الشعايب تدفق إلى باطن الأودية . نرى خيوط شلالات الحرة تجري ، ونشاهد مصافق الماء من كل حدب وصوب ، وأديم الحرة غارق بالماء رقروق بخباريه ، ومازال المطر منهمر . يخف حيناً ، وينشط حيناً ، ويبس حيناً أخر . مستمتعين بالأجواء الجميلة ، والمناظر الجذابة ، والطبيعة الخلابة ، ومجموعات من الأهالي في الفضاء الطلق موزعه هنا وهناك ، ومفعمين بالأجواء لا مثيل لها . يزيدها جمالاً تساقط المطر كأنه يغازل أديم الحرة ، والضباب حاجز الرؤية ، ومن فوقه السحب غيوم من فوقها غيوم . تتحالب أفرازات مزنها من خلالها الودق . يخالطها برد نسمع وقعه على المركبة ، ونحن بداخلها ، والعبق يفوح برائحة المطر ، والسيول تتطاير رائحتها ، وختلط عبق المطر والسيول بأزكى الروائح تدغدغ الخياشيم بعبقها . وأهالي القرى متزبره مجموعات في الفضاء حاسرة الرؤوس والأطراف من الجسم ايضا للمطر اقتداء بالمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام . حسر الثوب أثناء نزول المطر مستحب ، وسنه مؤكدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسر الثوب عن الرأس والذراع ، والساق والقدم . أورد السيوطي في كتابه الديباج شرح صحيح مسلم معللاً إنه حديث عهد بربه ، فالمطر رحمة من الله ، وقريب العهد بالخالق ، ومبارك يتبرك به ، وفي شرح بلوغ المرام ان الله ساقه برحمة منه ، فهو حديث عهد . برحمة الله رحم به أهل الأرض . من السنة التعرض للمطر . فعلها رسول الله " صلى الله عليه وسلم "، واخبرت كتب السنة والسيرة النبوية بها . بان يقف تحت المطر ويحسر عن شيء من ملابسه ليصيبه المطر رجاء البركة . ثبت عن أنس رضي الله عنه إنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله " صلى الله عليه وسلم " مطر فحسر رسول الله ثوبه حتى أصابه من المطر ، ققلنا يارسول الله لم صنعت هذا قال: ( لأنه حديث عهد بربه تعالى ) رواه مسلم ، وقد اوضح الله بركته بقوله تعالى ( وانزلنا من السماء ماء مبارك ) سورة ق . آية/ ٩ وبركة هذا اذا نزل من مرزام الكعبة قال تعالى ( إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك ) سورة ال عمران . آية/٩٦ . من السماء ماء مبارك ، وماء الكعبة مبارك . بركتان الأولى بركة ماء السماء نزوله مطراً أو مزناً أو وابلاً ، والثانية بركة نزوله من الكعبة لاسيما نزوله من سطح الكعبة المرزام ، وسفوح جوانبها ببركة هذا البيت العتيق . كان رسول الله " عليه أفضل الصلاة والتسليم " يحب المطر ، وبه يستبشر ، ويفرح لنزوله حتى يكشف عن جسده الشريف من أجل ان يصيب من بركات نعمة الله تعالى . شاهدنا قطيع من الحمير سائبة أثناء السير في الحرة . أكتسبت من الحرة لونها دهماً شهباً دعساً مختلفة الأشكال والأحجام . تهدد الطريق العام بخطر ارتطامها بالمركبات عابرة الطريق العام ، وكثيراً تحصل حوادث سير المركبات بسببها ليلاً ، تعطب الأنفس والمركبات ، وتضرر الأهالي من كثرتها ، ومداهمة محلاتهم ومنازلهم ومعالف مواشيهم ، وامتعاضهم منها بتذمر شديد ، ويلتمسوا من الجهات المعنية تجفيف تناسلها ومنابعها ، والحد من تكاثرها أو استئصالها نهائياً ، ولاحظنا تضورهم من انتشار الحبوش وتكتلهم بأدغال الحرة وأكنانها . مررنا بقلعة الهبيش بحماة . كانت تودع شركة مناجم الذهب الانجليزية بها خام الذهب المستخرج من مهد الذهب ثم ينقل لقلعة الشامي بمدركة ثم تحمله طائرات لنقله من ميدان المهبط امام مبنى إمارة مدركة الفرعية إلى جدة لمعالجته النهائية ، واستأنفنا المسير في الطريق . نستمتع بمشاهدات مايقع عليه البصر . نشاهد حرات حماة عن اليمين ، وعن اليسار ، ويلوح في الأفق من بعيد جبل صبر اشم مزموم متبحول كأنه يزيح الحرة بطرفي كفيه من أمامه شرقاً ، ووادي حماة غرباً شامخاً فارع القامة وسط الحرة . معلم من معالم حماة ، ونقترب منه شيئاً فشيئاً . نراه بارك بين حرة وواديين وادي أوطاط شرقاً ، ووادي حماة غربا ، ويطل بخشمه وصدره على وادي حماة المتعرج ، وبجنبه المتين الشرقي على وادي أوطاط ، وجبل صبر ينعت جد العوالي ، وما يميز هذه المنطقة جبلان الطرأة ، وصبر أحدهما شمالاً ، والاخر جنوباً ، والمسافة بينهما أكثر من مائة كيلاً .جبل الطرأة أقصى الشمال ، وجبل صبر أقصى الجنوب بناحيتهما ، وبينهما حرة عريضة ، وشضوف حجرية ، ومساحب أشعبة وتلاع ، وفي ظل جبل صبر من شرق منازل واستراحة الشيخ / سند بن مسري الزلامي ، وعن يمينه منازل واستراحات عبيدالله ابن حشيم المهيلي العالي الروقي ، وعن يساره محطةوقود العطاوي وبقالته ، ومصلى العيدين لأهالي حماة . يفصل بينهما الطريق العام - حماة/ مدركة - ثم هبطنا وادي حماة ، ووقفنا عند بئر حماة مورد قديم من موارد البادية القديمة ، ومحطة حجاج البر قديماً قبل صنع السيارات وبعدها . مازال حي هذا المورد كانت المزكية " عمالة زكاة آل سعود " بأطوار الدولة السعودية الثلاثة . تخيم عليه ، وتستحصل زكاة الماشية ، ومن عادة البادية ترد مواشيها الأغنام بعد غب " أي يوم بعد يوم "، والإبل رابع غب بعد اليوم الرابع على المورد أو منهل الماء ، وعلى مورد حماة عدد من الوايتات - الصهاريج - مختلفة الأحجام ، ولم يسعفنا الحض برؤية بئر حماة لاستمرار المطر وتزايده ، والتجأنا لاستراحة عبيدالله المهيلي رحب باستضافتنا ، وفي الاستراحة اشعل الحطب ، وشعرنا بالدفء ، وقدم حساءً من القهوة ، ووزع صحون التمر وفوقها قطع من الأقط بجانبها وعاءً من الزبد ثم دار حساء القهوة بين الحاضرين المتواجدين ، وبعدها خير المجموعة بين الشاي أو الحليب المفوح كلاً حسب اختياره ورغبته ، ولم يلبث قليلاً إلا ان حضر المرق وعلايق الذبيحة ناضجة - الكبد والقلب والرية والطحال والكليتين ، والكرش والبحيثاء والقصبان - المصاري مقطعة قطعاً في صينية منثور عليها الفلفل الأسود مطحوناً ، وبعضاً من الكمون ومحفوفة بالملح المسحوق ، وقطع من اليمون ابو زهير أنصافاً من أجل الدفء ، ثم صلينا المغرب ، وبعدها صلاة العشاء قصر تقديم ، ومازال المطر نسمع وقعه على الاستراحة . " ليل وغرقة ". الله يعين المضيف ، وقدم العشاء . عشاء لذيذ ، ولية المفطح أكبر من ظهره ، وقرب فرش النوم ، واخبرناه الفرش معنا ، فقال: زيادة الخير خير " الزود ولا النقصان " ثم أمر بجزة تصرم الجمر فيها ان تحمل على المنقل داخل المبيت ، وأكد على الجميع جعل النافذة مفتوحة حتى لا نصاب بالأختناق أثناء النوم . نمنا نوم ليلتها في أحسن حال ، وألذ نومة وأطيبها ، نشعر بلذة الدفء، واستيقضنا صباح الفجر في أحسن نشاط ، فصلينا الفجر جماعة ، وأحضر المضيف الأفطار ، وبعد الأفطار أستاذنا من المضيف ، فقد أكرمنا ابلغ إكراماً ، وشكرناه على حسن الاستقبال ، والرفادة ، ومما ذكره إنه في هذا الموقع من مدة طويلة عاصر الفرتات واللواري ، وكانت أيام الهافات والفروت واللواري . ترد على هذا المورد ، وتتعطل بعض سيارات المسافرين قبل تعبيد الطريق ، ويقوم بإصلاح البنشر أو العطل ان امكن ثم انتقلنا لمورد حماة مطوية بحجر هلالية ، وقطرها مترين إلا بسيط ، وعمقها قرابة الخمسة والعشرين متراً على طرف جال وادي حماه من مغيب شمس . الموارد القديمة التي تخيم عليها المزكية من المفروض ان يعتنى بها ، وتشبك وتحرز ، وتسلم السياحة والاثار باعتبارها من مخلفات إنسان المكان من عصور سحيقة أو تصان من قبل الجهة المعنية لإيستفاد منها ، ويوضع لوحات إرشادية تبين دورها ، وأهميتها فيما سبق ، ومقر مزكية الدولة ، وهذه الموارد تزيد عن اربعة عشر مورداً في نطاق إشراف مركز إمارة مدركة كأم الحيات والنجدية والعتيبيات وحماة والبادرية وأبو حماط - أبوحماط هذا مورد ، وموقع سياحي - والرجع وغيرها ، وسبق أن أوردنا في مقالات تطور المرافق الخدمية ماعدا موارد البادية لم تأهل وتطور والمحافظة عليها من العبث والتعدي . التكوين الاجتماعي بحماة قبلي " قبيلة العوالي من روق "
اخذنا السير باتجاه مدركة ، وواجهنا قرى المباريك من الروقة مباني مغطاه الأسقف من صفيح وزنك ، ومتناثرة المباني على جانبي الطريق منتشرة ، ومتباعدة ، وكذلك الرهيان ، وعن اليسار طريق البادرية ، وبالبادرية اثار قديمة تدل على حضارة مندثرة . تم اكتشافها من قبل هيئة المساحة والاثار :
https://x.com/news_brk24/status/1107174214744854528?s=46&t=xF3mttC7zGO8ZzUXSGr4Eg
يمر بها طريق العويدي المعروف بطريق العود ، والتكوين الاجتماعي قبلي منّ قبائل المباريك الروقة ، ودخلنا وادي الرويضة وسكانها الحفاة من روق شيخهم الشيخ/ مهل بن عامر التوم نعم الشيخ ، ونعم الرجل استضافنا باستراحته بالحصان بوادي الرويضة ، ووقفنا على خزان بئر الرويضة ، وبجواره مسجد صلينا العصر قصراً فيه ، وشاهدنا عدد صهاريج نقل الماء صافه على شيب خزان البئر سراء من الويت صغيرة ، وكبيرة متنوعة دنات ، وناقلات ماء كبيرة ، ومتنوعة الأحجام . تناحينا قليلاً عن المسجد ، وسألنا أحد المنتظرين عن مشروع السقيا هذا ، فقال: تابع جمعية خيرية مدركة ، ماء هذا المورد أو مشروع السقيا عذب زلال قرهود . استطرقنا في التساؤل لماذا ما تطلبون مخطط سكني من الحكومة حول هذا المورد فضحك متبسماً قائلاً: الحكومة ما تقصر والقصور من أمانة العاصمة بمكة المكرمة من منظورها لا نستحق جودة الحياة ، ولا مخطط سكني ، ولنا أكثر من أربعين عاماً مطالبتنا بهذا المخطط ، واعتمد ، وصدر قرار التخصيص ، وتم توزيع أرقام القطع على المستحقين من قبل لجنة مكونة في توزيع قطع المخطط ، والبعض دفع زيادة الامتار ، ولم ينفذ حتى تاريخه . أصبحت الأمانة عقبة كؤود في التنفيذ ، وأبرز لنا نمرة معاملة من الأمانة لوكالة الأراضي والمساحة برقم ( ٤٤٠٠٤٢١٨٣٦ ) بتاريخ ( ١٤٤٥/٤/٢ ) وبمراجعة وزارة البلدية أوضحت الجهة المعنية بالوزارة الموضوع واضح وبسيط ، ولا يتطلب هذا التعقيد ، والتعليمات صريحة لدى الأمانة ما يحتاج رفعها للوزارة النية غير جادة بالتنفيذ ، وهناك جهات رسمية معينة ، ومعنية بالامكان التقدم إليها كهئية مكافحة الفساد لمعرفة المتسبب في تعطيل المخطط السكني ، وعرقلة التنفيذ تنصفكم من المتسبب في تعطيل المخطط ، وعرقلته وايطالت أمد تنفيذه ثم حركنا متجهين نحو مدركة فشاهدنا قرى الحصان التكوين الاجتماعي في الأصل قبلي من قبيلة الحفاة ثم قرى أم الهشاشة التكوين الإجتماعي قبلي الأساعدة من طلحة الروقة عتيبة الهيلا ثم العبلة والتكوين الإجتماعي العطيات من البصصة المقطة برقا عتيبة الهيلا ، وكل هذه المواقع . المباني عشوائية ، ومتناثرة على مد البصر عليها صفايح الزنك الأمريكي . عدم وجود مخطط سكني منظم يجمعهم ويحد من التعدي . شاهدنا القرين الأبيض ، ومباني الحجرية حوله يتطلب التشبيك والمحافظة عليها من التعدي من ضعاف النفوس ، فنرى العبث حوله ثم شاهدنا القرين الأحمر وينعت بأبي لهب .
ملخص المشاهدات وإشارات حسية من البركة حتى القرين الأبيض مسافة أكثر من مائة كيلاً ، ولم نشاهد دوريات أمنية طول الطريق العام ، ولا نقاط أمنية أو نقطة تفتيش أمنية إشعار بالحس الأمني لأهالي تلك النواحي ، والمسافرين ، ولا حدس الدولة تبذل ماوسعها المسعى من أجل جودة الحياة للمواطن أينما كان ، واستقراره الاجتماعي والحماية الأمية . دام عزك ياوطن ودامت رموزك .
بقلم/ خالد بن حسن الرويس