في هذه الحياة لابد أن يكون لكل منّا صحبة ، ولكن هناك صحبة تدوم في أغلب الأحيان إلى الوفاة، ألا وهي صحبة الزوجين، وقد سمى الله تعالى في كتابه الكريم الزوجة صاحبه؛ حيث قال تعالى :{وصاحبته وبنيه} فصحبة الزوجين أعمق وأطول صحبة !كيف لا وهما يعيشان تحت سقف واحد، ويأكلان في صحن واحد وينامان في فراش واحد ؛لذلك لكل منهما حقوق على الآخر ولابد أن تراعى تلك الحقوق لكي تدوم الصحبة، ومن ذكاء الزوجة : أنها تعي وتعلم بأن بيتها مملكتها - وهي الملكة - حيث تكون قريبة من زوجها و تشاركه همومه ،وأفراحه ، وتقوم على خدمته ، والقيام بحقوقه، والصبر على بعض ما يصدر منه ، و تربية أبنائه على ما يرضي الله ، وتكرم ضيفه ، وتحفظ أسراره وأسرار بيته، ولا تُصْغي لكلام الناس ووسائل التواصل التي أصبحت في بعض الأحيان وسائل التفاصل ، فهذه الزوجة الذكية تقود بيتها بكل أناقة وجمال، وعليها أن تتأمل وتتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها)
وفي المقابل الزوج الذكي يعرف قيمة زوجته فلا يحرمها من الكلام المعسول ، ويعرف جهودها الهائلة في بيته ،فيُكِنّ لها كل الحب والاحترام ، ويكون عونًا لها في تربية أبنائه ، وفي القيام بكل ما يصلح حياتهم الزوجية، ويصبر على ما يصدر منها ، وأن يتذكر ويتأمل في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم - في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم :(واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا)قال الشيخ عبد الرزاق البدر في درسه في المسجد النبوي:( يدخل تحتها كل ما تيسر من الخير القولي والفعلي وكذلك المالي) فعلى الزوجين إذا دبّ الخلاف بينهما ودخلا مرحلة الغضب التي قد تصل إلى الشتم أو الضرب، أوالطلاق على أتفه الأسباب أن يسأل كل واحد منهما نفسه هذا السؤال البسيط لمصلحة من ؟ الإجابة في صحيح مسلم :قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَراياهُ، فأدْناهُمْ منه مَنْزِلَةً أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: فَعَلْتُ كَذا وكَذا، فيَقولُ: ما صَنَعْتَ شيئًا، قالَ ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُمْ فيَقولُ: ما تَرَكْتُهُ حتَّى فَرَّقْتُ بيْنَهُ وبيْنَ امْرَأَتِهِ، قالَ: فيُدْنِيهِ منه ويقولُ: نِعْمَ أنْتَ.)
فإذا عُلم أن إبليس هو السبب الذي
جعل هذا الأمر البسيط مثل الجبل فإذا عُرِف السبب بَطُلَ العجب ، وإذا عُرِفَ الداء سَهُلَ الدواء ، وإذا أردنا أن نتعاون على إفشال خطط إبليس فإليكم حديث النبي- صلى الله عليه وسلم -في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :( لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ )
بأن يتذكر الزوج محاسن زوجته، وتتذكر الزوجة محاسن زوجها ،وبهذا يُطْفَأ سراج الغضب ،وتعود المياه إلى مجاريها .
اللهم ألف بين قلوبهم، وأنر دروبهم ، واكفهم شر الحاسدين وكيد الكائدين .
والسلام أجمل ختام .
كتبه : عبدالله حامد الشهراني.
يوم الثلاثاء الموافق: ٢٨ / ٥ / ١٤٤٥ من الهجرة.