واكبت القنفذة مسيرة التطور التي شهدتها المملكة العربية السعودية في شتى المجالات ، وذلك لما تتميز به هذه المحافظة من مقومات طبيعية ، وبشرية ساعدت على استقرار سكانها منذ أقدم العصور ، سوف نخصص هذه السطور للحديث عن رحلة التطور في مجال الطاقة الضوئية التي عرفها الإنسان منذ أقدم العصور وطور وسائلها ، وأدواتها .
لم تكن القنفذة بمعزل عن مسيرة التطور في مجال الوقود بل شهدت جميع مراحله من المشاعل التي تعتمد على الخشب إلى الطاقة الكهربائية الحديثة .
نهدف من خلال المقال استعراض مراحل التطور في مجال الوقود إلى تعريف الأجيال الحالية ، واللاحقة بالمراحل التي مرت بها الإنارة ، والوقود في هذه المحافظة منذ أقدم العصور .
لقد ظل إستخدام الخشب للوقود والإنارة إلى وقتنا الحاضر ولكن أخطار الحرائق التي تنجم عن إستخدام الحطب قد شجع الإنسان إلى إستخدام مواد أخرى للإضاءة يسهل حملها ، ونقلها من مكان إلى آخر ، فاستخدم الزيوت النباتية ، والسمن بوضعها في أواني تغمس فيها فتيلة من القماش يتم اشعالها للأغراض الإضاءة ، ولكنها كانت عرضة للإنطفاء عند تعرضها للهواء ، ففكر في إيجاد وسائل لحمايتها من التيارات الهوائية كالزجاج الشفاف ، و إستمر استخدام الإنسان للزيوت ، والشموع في الإضاءة زمناً طويلاً إلى حين إكتشاف البترول ، وإستخدام مشتقاته للوقود ، والإنارة ، ولعل أول إشارة إلى توريد البترول إلى مرفأ القنفذة ما نشر في صحيفة أم القرى في عددها الصادر في شهر شعبان عام 1343هـ عن وصول الباخرة ( هلال ) من ميناء مصوع إلى القنفذة تحمل ما يزيد على ألفي طرد انزلتها في مرفأ القنفذة ثم سافرت بعد ذلك إلى السويس لتحمل منها كميات من ( الكاز ) إلى الليث والقنفذة .
هذا الخبر يدل على إحلال البترول كمصدر للوقود مكان الزيوت ، وقد إستمر إستيراد الكاز عبر ميناء القنفذة وحفظ الكميات المستوردة في مبنى الطاحونة الأثري المعروف ، وقد دعت الحاجة إلى إنشاء محطات للوقود فكان أول ترخيص لإنشاء محطة للوقود في الستينات الهجرية لاستيراد الكاز ، وتوزيعه على بقية أجزاء المحافظة ، والمحافظات المجاورة في منطقتي عسير والباحة ، وكانت تلك المحطة للسيد حسن بن عبدالله الجفري .
إستمر إستخدام الكاز وسيلة للوقود والإضاءة إلى عهد قريب حيث تطورت الأدوات التي تستخدم الكاز في الإضاءة من اللمبة ، عبارة عن وعاء معدني أو زجاجي يُملئ بالكاز ، وتخرج منه فتيلة تشعل بالكبريت لكنها كانت عرضةً للإنطفاء بفعل الهواء ، فجاءت فكرة الفانوس أو ما كان يعرف في المحافظة باسم ( العدنية ) لاستيرادها من عدن .
يروي الشيخ /حسين بن أحمد باسندوة قاضي محكمة القنفذة السابق يرحمه الله قصة دخول الفانوس ، والإتريك إلى القنفذة فيقول : أن والده قد استخدم الفانوس لأول مره لإنارة الدكان الذي كان يملكه في ساحل يبه في مواسم الحصاد ، ويقول بأن الناس كانوا يتجمعون حول هذا السراج الذي لا ينطفئ ويمتاز بثبات نوره ، و عن بداية استخدام الإتريك فيقول : أن آل عوض وهم من تجار القنفذة المعروفين كانوا أول من اشترى إتريكاً لإضاءة محلهم التجاري وكان جاذباً للزبائن فطلبت من والدي أن نشتري إتريكاً لمحلنا التجاري وكانت قيمة الإتريك تصل إلى مئة وخمسون ريالاً فبعنا ستة أكياس من الذرة ، واشترينا إتريكا من المورد التاجر نور ولي في جدة ، وقد ظل إستخدام الأتاريك والفوانيس في القنفذة إلى حين إستخدام المولدات الكهربائية .
يروي المؤرخ الكبير الأستاذ : حسن بن إبراهيم الفقيه قصة دخول الكهرباء إلى القنفذة ، فيقول : أن الدولة العثمانية قد ادخلت الكهرباء إلى قاعدتها البرية التي كانت تقع بالقرب من مستشفى القنفذة الحالي ، وكذلك في القاعدة البحرية التي لا زالت بعض سفنها غارقة في شواطئ المدينة الجنوبية ، وقد أكد صحة ما ذكره الفقيه ما عثر عليه من أدوات كهربائية في إحدى السفن التي تم انتشالها من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثار .
كما يروي المؤرخ الفقيه أن أمير القنفذة الشيخ : إبراهيم بن عبدالعزيز آل إبراهيم قد جلب أول مولد كهربائي إلى القنفذة لإنارة مقر سكنه وجامع القنفذة وذلك في حدود عام 1370هـ .
إستخدام المولدات الكهربائية من قبل الأهالي ، فيروي الأستاذ : محمد عبدالرحمن بامهدي مدير تعليم القنفذة السابق ، ورئيس المجلس البلدي بالقنفذة سابقاً أن أول مولد كهربائي قد تم شرائه من قبل آل مجيدي لإنارة بعض المساكن في الحارة الشامية ، ومولد آخر لآل الجفري لإنارة الحارة الجنوبية ، وتوسع استخدام هذه المولدات داخل مدينة القنفذة وخارجها إلى حين إنشاء شركة كهرباء القنفذة في عام 1396هـ والتي استمر العمل بها إلى حين إنشاء محطة توليد تهامة في عام 1402هـ والتي بدأت بأربع وحدات بقوة 146 ميجا واط تقوم بإيصال التيار الكهربائي لكافة إقليم تهامة من البرك جنوباً إلى دوقة شمالاً في المنطقة الساحلية ، ومن محايل ورجال ألمع ، والمجاردة إلى المخواة في المناطق الجبلية ، وقد أدى إتساع نطاق الخدمة إلى دعم المحطة بوحدات جديدة ، وتم ربط محطة تهامة بالباحة ، وبيشة في عام 1412هـ وأصبح عدد وحدات التوليد 13 وحدة بطاقة تصل إلى 586 ميجا واط . تستخدم الزيت الخام والديزل ، وقد تم بناء 11 خزاناً للوقود الخام ، وخمسة خزانات لوقود الديزل .
بقي أن نشكر الله على ما أفاء به على هذه البلاد من نعم سخرت لخدمة المواطن ، وأن نحلم بمزيد من التقدم في مجال الطاقة باستخدام وسائل بديلة للبترول كالطاقة الشمسية ، والرياح والأمواج ، وما ذلك على الله بعزيز .
بقلم/ إبراهيم بن علي الفقيه
- بـ 2378 علمًا.. بلدية محافظة الأسياح تحتفي باليوم الوطني الـ94
- القصيم ترتدي الأخضر
- رئيس مركز الفوارة يُدشن فعاليات مهرجان الحنطة الثاني
- احمِ قلبك بـ 3 أكوب من القهوة
- «الأرصاد»: المدينة المنورة الأعلى حرارة بـ42 درجة والسودة الأدنى
- الكشف لأول مرة عن سعة بطاريات “آيفون 16” الدقيقة
- النمر: 4 إجراءات لتجنب 80% من امراض شرايين القلب وجلطاته
- المملكة تؤكد على أهمية استدامة الفضاء الخارجي وضمان استمرار الفوائد التكنولوجياته
- خطيب المسجد النبوي: تحروا وتثبتوا قبل سماع الأخبار ولا تتبعوا كل متحدث بلا دليل على صحة أقواله ولا تخدعكم الشائعات
- خطيب الحرم المكي: الإسلام نهى عن التوسُّل بالأموات والأولياء والتمسح بالقبور والمحدثات
- أبرزه القلق.. التعب الناجم عن اجتماعات الفيديو مرتبط بخلفية الشاشة!
- «الجيولوجيا»: 2,300 رخصة تعدينية.. ومضاعفة الإنفاق على الاستكشاف
- احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك
- السفارة في قطر تدعو السعوديين إلى حضور حفل اليوم الوطني
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق
إبراهيم بن علي الفقيه
الطاقة الضوئية
14/12/2023 3:04 م
إبراهيم بن علي الفقيه
0
1229026
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3580509/