نعلم جميعا و مع تزايد وتيرة الأعمال الاجرامية لجيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة المحاصر أن الحرب غير المتكافئة بين اسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية, والتي بدأت في السابع من اكتوبر تشرين أول الماضي و تسببت حتى الآن في استشهاد أكثر من 11000 عشر ألف بينهم قرابة 4500 من الأطفال وحديثي الولادة اضافة الى نزوح مليون ونصف المليون نازح من أصل سكان القطاع البالغ عددهم مليونين ومائة ألف فلسطيني, نعلم أن الحرب سوف لن تنتهي وفقا للمؤشرات الحالية الا عسكريا على أرض المعركة نظرا لفشل كل الجهود السياسية والدبلوماسية اقليميا ودوليا في اقناع العدو الاسرائيلي بسحب قواته من القطاع ووقف الدمار وفك الحصار البري و البحري والسماح بدخول المساعدات الانسانية الأممية والاقليمية لسكان القطاع الصامدون على أرضهم تحت وابل من قذائف الطيران الاسرائيلي للمنازل والمدارس وكل المعابر والممرات والمستشفيات في مشهد لم يشهد له التاريخ مثيلا منذ الحرب العالمية الأولى.
وبينما يتوقف نبض الضمير العالمي تجاه ما يجري من قتل متعمّد للأطفال والنساء والشيوخ, وتجاه قيام اسرائيل بارتكاب المجازر والابادة الجماعية والتهجير القسري واقتحام منازل المدنيين بل واقتحام حتى المستشفيات و تهجير المرضى كما حدث قبل أيام عندما أخرجت قوات الاحتلال أكثر من 5000 مريض من مستشفى الشفاء و تحويله فيما بعد الى ثكنة عسكرية, اضافة الى منع ادخال الوقود الى القطاع و ايقاف كل الامدادات الأساسية للحياة من المياه والكهرباء والاتصالات على مرأى من الدول الغربية التي ما فتئت تؤكد على حقوق الانسان كغطاء لمساندتها دولة الكيان الاسرائيلي, والاكتفاء فقط بإعلانات بيانات التنديد تجاه هذا العدوان السافر المتمثل في جرائم الحرب وانتهاك القوانين والمواثيق الدولية الأمر الذي يشير الى أن المقاومة الفلسطينية ممثلة في كتائب القسّام والجهاد الاسلامي و سرايا القدس لن تصمد طويلا أمام كل هذا الحشد من القوات الاسرائيلية المدعومة عسكريا من الولايات المتحدة الامريكية و فرنسا و بريطانيا اللتان أعلنتا سابقا في مجلس الأمن الدولي عدم الموافقة على تمرير قرار بوقف اطلاق النار في غزة, واللتان كان ممثلوها توافدوا تباعا الى تل أبيب لإعلان تضامنهم ومساندتهم لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين, وكان من بينهم وزير خارجية أمريكا انتوني بلينكن الذي قال لرئيس وزراء اسرائيل خلال استقبال الأخير له في تل أبيب: " لقد جئت اليكم كيهودي و ليس كدبلوماسي أمريكي", في اشارة عنصرية للدعم الأمريكي اللامحدود, مما يفسر لنا بكل جلاء ووضوح أن الحل لإنهاء الطغيان المتدفق على القطاع والضفة الغربية لن يكون الا عسكريا وبنفس القوة والسلاح كما أشرت في مقالات سابقة عن الحروب ومنها على سبيل المثال " ماذا بعد اشعال الحرائق في الشرق الأوسط", ومقال "بناء المستوطنات وهدم الثقافات", و " الوقود مقابل اليهود", وكذلك مقال " أفق الحل في الأزمة السودانية" الذي أوضحت فيه أن الحرب في السودان لا ولن تنتهي الا بانتصار أحد طرفي النزاع على الآخر بعد أن تم استنفاد كافة الجهود الدبلوماسية والوساطات الاقليمية دون التوصل الى حل لإنهاء الحرب.
ولذلك, وانطلاقا من قوله تعالى: " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِۦعَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ", وبما أن الدول الغربية تستخدم اسرائيل وكيلا محاربا عنها في الشرق الأوسط مثلما تعاقد حلف شمال الاطلسي مع اوكرانيا لتكون وكيلا ينوب عنها لقتال الروس, فإنني اتساءل هنا - لأجل وقف العدوان الغربي السافر و فك الحصار الصهيوني عن القطاع - حول امكانية أن تتعاقد السلطة الفلسطينية مع جيوش عسكرية من افريقيا و آسيا الوسطى وأمريكا الجنوبية بحيث يتم التعاقد مع هذه الجيوش على غرار تعاقد وزارة الدفاع الروسية مع شركة فاغنر للقتال نيابة عنها في مناطق واسعة من العالم كما حدث سابقا في ليبيا ويحدث حاليا في أوكرانيا, على أن تبحر سفن بعض الجيوش المتعاقد معها عبر البحر الأبيض المتوسط و ترسو قبالة سواحل قطاع غزة, و تزحف جيوش أخرى – ان أرادت – مثل حركة التمرد الحوثية باتجاه صحراء سيناء المصرية, و أن تتحرك مجموعات أخرى مسلحة مثل تنظيمات عصائب أهل الحق والحشد الشعبي لفتح جبهة حرب على حدود اسرائيل مع الأردن, ثم الزحف عبر الأردن باتجاه الجنوب السوري بالقرب من هضبة الجولان المحتلة, و أن يسمح كذلك لحزب العمال الكردستاني في حال قبوله التعاقد العسكري بالتوغل و فتح جبهة أخرى على طول الخط الأزرق بين لبنان واسرائيل.
بفتح هذه الجبهات سوف يمكن تطويق اسرائيل ومحاصرتها من كل الحدود البرية والجهات البحرية بعد أن تزحف قوات حزب الله اللبناني ومن معها من عناصر مسلحة أخرى من شمال اسرائيل باتجاه حيفا والناصرة مرورا بيهودا والسامرة, ثم مواصلة الزحف باتجاه تل ابيب واسدود وعسقلان, وصولا الى قطاع غزة والتموضع فيه والعمل على تطهيره و تحريره من فلول القوات اليهودية الغاشمة ومن معها من جنود مرتزقة جاءوا من دول أوروبا للقتال الى جانب قوات الاحتلال الاسرائيلي.
و أخيرا أشدد من خلال منبر الجزيرة الصحفي على أهمية أن تساهم كل دول العالم بتقديم المساعدات الانسانية للمحاصرين في القطاع, وكانت المملكة العربية السعودية بادرت بإطلاق جسر جوي لأكثر من 15 طائرة شحن تحمل آلاف الأطنان من المواد الغذائية والدوائية والايوائية التي يقدمها ويشرف على ايصالها وتسليمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الانسانية.