هطول الأمطار يسر الأنظار ، و يزيد بهاءَ الأشجار ، و هذه الأمطار دواء للقلوب ، كيف لا وهي التي تنشر الود والمحبة ، وتؤلف بين القلوب ، فتجد الناس عند هطول المطر يتودَّدون لبعضهم ، ويتكلمون بكل لطف ، علمًا أنهم قد لا يعرفون بعضهم ، وترى الابتسامة تسيطر على هذا الموقف الجميل لكل الناس في الطرقات ، وفي البيوت ، وفي المساجد ، وفي العمل ، باختصار في كل مكان.
تلك الابتسامة التي غابت عن كثير من الناس هي الآن في هذا الموقف تعود بين الناس.
في جنوب مملكتنا يطلق بعض الناس كلمة "حيا" على المطر ، وهي كلمة معناها عميق جدًا مأخوذة من الحياة ، فالمطر حياة للقلوب بأن نتذكر نعمة من نعم الله ونشكره عليها فقد ورد في صحيح مسلم - رحمه الله- أَصَابَنَا وَنَحْنُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَطَرٌ، قالَ: فَحَسَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَوْبَهُ، حتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قالَ: لأنَّهُ حَديثُ عَهْدٍ برَبِّهِ تَعَالَى.
والدعاء مستجاب وقت نزول المطر كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
وهو حياة للأرض فتجدها تخضرّ وتصبح أكثر جمالًا ، وهو حياة للبشر ، وحياة للبهائم ، قال تعالى في سورة الأنبياء :" وجعلنا من الماء كل شيء حي "
فسبحان الله ! ماهذا الأثر الكبير لتلك القطرات ؟
قال ابن القيم في كتابه مفتاح دار السعادة : ( فيرشُّ السَّحابُ الماءَ على الأرض رشًّا، ويرسلُه قَطَراتٍ مفصَّلة، لا تختلطُ قطرةٌ منها بأخرى، ولا يتقدَّم متأخِّرُها، ولا يتأخَّر متقدِّمها، ولا تُدْرِكُ القطرةُ صاحبتَها فتمتزجُ بها (٥)، بل تنزلُ كلُّ واحدةٍ في الطَّريق الذي رُسِمَ لها لا تَعْدِلُ عنه، حتى تصيبَ الأرض قطرةً قطرة، قد عُيِّنت كلُّ قطرةٍ منها لجزءٍ من الأرض لا تتعدَّاه إلى غيره، فلو اجتمع الخلقُ كلُّهم على أن يخلقوا منها قطرةً واحدةً أو يحصُوا عدد القَطر في لحظةٍ واحدةٍ لعجزُوا عنه ……إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى).
اللهم كما أغثت ديارنا بالأمطار، فأغث قلوبنا باﻻيمان والهداية واجعلنا شاكرين لأنعمك.
اللهم صيبًا نافعًا.
بقلم : عبدالله بن حامد الشهراني.
كتبه يوم الجمعة الموافق : ١٩ / ٤ / ١٤٤٥ من الهجرة .
التعليقات 3
3 pings
فواز
05/11/2023 في 6:16 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك استاذ عبدالله
(0)
(1)
غير معروف
07/11/2023 في 12:02 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خيراً
(0)
(0)
عبدالله
07/11/2023 في 12:03 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خيراً
(0)
(0)