تُعَد المملكة من أولى دول العالم التي حذّرت من التغيُّر المناخي، وتأثيراته السلبية على الإنسان والحيوان والنبات في العالم، بل عَملت على مواجهة هذا التغيُّر بشتى الطرق وعلى أرض الواقع، وأقدمت على وضع مبادرات تحدُّ من خطورته على المدى البعيد.
وطوعاً، عَملت المملكة على تفعيل هذه المبادرات، من منطلق إيمانها الراسخ بأن مواجهة التغيُّر المناخي، ينبغي أن تكون فرض عين على جميع الدول والمؤسسات ومنظمات المجتمع الدولي، حتى يتخلص كوكب الأرض مما يهدّده.
ولم يكن التقرير الذي أصدرته وكالة الطاقة الدولية (IEA)، وهي المنظمة الاستشارية للطاقة في العالم الغربي، دقيقاً بما فيه الكافية، بعدما نجح في إثارة الدهشة فيما طرحه من معلوماتٍ وتوقعاتٍ وتحليلاتٍ، اتسمت بالمبالغة تارة، ونشر الهلع والخوف من تبعات الاعتماد على مصادر الطاقة القديمة تارة أخرى، وتأثيراتها السلبية على العالم، ووصل الأمر إلى تأكيد جهات عدة بأن هذا التقرير مُسيّس، وله أهداف أخرى، أكثر من كونه تقريراً علمياً، يعتمد على معايير ونظريات العلم الحديث.
تراكم الغازات
وتؤمن المملكة بأن التغيُّر المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية، يعد أحد التحديات الرئيسة التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، بسبب تراكم الغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي.، كما تؤمن بأن ظواهر التغيُّر المناخي، تشكّل مخاطر وجودية على صحة الإنسان، وجودة الحياة، وسُبل العيش، والأمن الغذائي، وإمدادات المياه، والأمن والنمو الاقتصادي، ولهذا كان التحرُّك السعودي في الميدان.
عوامل ظرفية
ولأن تقرير وكالة الطاقة الدولية به مغالطات عدة، لم تتردّد مؤسسة بحوث سياسات الطاقة، وغيرها من المؤسسات الدولية الحيادية، في إصدار تقرير مضاد، أوضحت فيه هذه المغالطات، وأعلنت المؤسسة للعالم أن الوكالة الدولية اعتمدت في تقريرها على عوامل ظرفية، غير جوهرية، وقابلة للتغيُّر أو حتى عدم الحدوث، في بناء توقعها لسرعة التحوُّل في مجال الطاقة.
بيئة مدمّرة
تقرير المؤسسة لم يكتف بتسليط الضوء على مغالطات تقرير وكالة الطاقة الدولية، وإنما حذّر من تبعات ذلك اقتصادياً، عندما أشار إلى أن من شأن الظروف التي بنت الوكالة الدولية عليها توقعاتها، وهي غير منطقية وغير عملية، بأن تُبدّد موارد الدول، وتُقلص الاستثمارات في مجال الطاقة، بل ربما قضت عليها، وتُحدِث تأثيرات بيئية مدمّرةً، بسبب التنقيب والإنتاج المتسارعَيْن للمعادن النادرة، وبسبب زيادة الاعتماد على إمدادات الطاقة الرخيصة، مثل الفحم، لإنتاج ألواح شمسية، وتوربينات رياحٍ، وبطارياتٍ، ستكون، في نهاية المطاف، عاجزةً عن توفير بدائل للطاقة يمكن الاعتماد عليها.
الطرق العلمية
الطرق العلمية التي اتبعها تقرير المؤسسة، والتحليل الرصين الذي جاء به لتقرير الوكالة الدولية، كشف أن الأخير يتناقض مع بعض القواعد الاقتصادية الراسخة، كما يُشير إلى أن من أخطر ما فيه أنه يعتمد، لبناء توقعاته، على افتراضاتٍ تعتمد هي بدورها على افتراضاتٍ أخرى، ومن ذلك القول في التقرير: إن الوصول إلى الحياد الصفري يعتمد على افتراض تزايد انتشار استخدام الطاقة المتجدّدة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذا الافتراض مبني على افتراض أن تكلفة هذه الطاقة سائرةٌ إلى انخفاض.
وأضاف تقرير المؤسسة بعباراتٍ واضحة ومباشرة، أنه إذا عرفنا بأن الافتراض الثاني تعرَّض لهزاتٍ كبرى في ألمانيا وفي غيرها من دول أوروبا، لأدركنا هشاشة الافتراضات كلها، والتوقعات المبنية عليها.