يولد المولود في هذه الدنيا على الفطرة ، ولكن لا يعلم إلى أين المصير بعد ذلك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من مولود يولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه ).
فنحمد الله بأن ولدنا على الإسلام . وتمضي الأيام إلى أن يصل إلى مرحلة مهمّة وهي الزواج ، وهي المرحلة الذهبية لكل مسلم لأنّه يرضي ربه ، ويعف نفسه ، ثم يُخرج من صُلبه من يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ، ويكثر من نسله تطبيقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة). فإذا أردنا أن نعيش في بيت هادئ مليء بالأُنس والمحبة والمودة ، علينا أولاً وهي الأهم اختيار المرأة الصالحة، قال النبي صلى الله عليه وسلم :(تُنكح المرأة لأربع: لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تَرِبَت يداك ). ومعنى الحديث كما قال الإمام النووي رحمه الله : (النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع ، وآخرها عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين ) . فإذا اجتمع مع الدين جمال ،أو مال ، أو حسب ، فنور على نور ولكن الأهم ذات الدّين فهي رأس مالك في هذه الحياة ، فهي تحفظ بيتك في غيابك ، وتحفظ أسرارك ، وتعينك على فعل الخيرات ، وتحفظ أولادك ، وتسعى إلى صلاحهم ، ولا شك ولا ريب بأننا نسعى إلى صلاح الأولاد .
فالمرحلة الأولى اختيار الزوجة الصالحة ، والمرحلة التي تليها صلاح الأولاد.
فالأولاد إذا صلحوا أصلحوا أنفسهم وأصلحوا غيرهم .فالمسؤولية علينا كبيرة في تعليمهم أمور دينهم ، وغرس العقيدة الصحيحة في نفوسهم منذ الصغر ، فهي حماية لهم من الفتن والإنحرافات بإذن الله.
قال ابن القيم رحمه الله :( فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى ،فقد أساء إليه غاية الإساءة ، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء ، وإهمالهم لهم ،وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ،فأضاعوهم صغاراً ،فلم ينتفعوا بأنفسهم ،ولم ينفعوا آباءهم كباراً . كما عاتب أحدهم ولده على العقوق فقال الولد :(يا أبتِ إنّك عققتني صغيراً ، فعققتك كبيراً ، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً )
تأمّلوا معي حديث النبي صلى الله عليه وسلم :(إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علمٌ ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )
قال ولد صالح ولم يقل ولد فقط ، لأنّ الصالح يبر في والديه أحياءً وأمواتاً.
سألت أحد كبار السن الذي قارب سن التسعين عامًا عن بره بوالديه -لما وجدت من بر أبنائه به- فقال: أنا أدعو لهما في كل صلاة إلى الآن فانظروا إلى ثمرة البر التي رافقته إلى أن قارب سن التسعين عامًا ، ولم تذهب هذه الثمرة هباءً منثورًا ،
بل وجدها في أولاده.
فشمّروا عن سواعدكم وافتحوا صفحة جديدة في إصلاح زوجاتكم ، والذي لم يتزوج فعليه بالزوجة الصالحة فإنها السبيل بعد الله إلى صلاح الأولاد واحتسبوا الأجر فأنتم تزرعون في هذه الحياة لكي تجنوا الثمار في الآخرة .
اللهم أصلح النية والذرية والزوجة والعمل.
والسلام أجمل ختام
بقلم : عبدالله بن حامد الشهراني