يُعد المرض النفسي من أكثر الحالات المرضية التي يشكو منها معظم الناس على مستوى العالم، إلى الحد الذي لا تكاد مدينة في هذا العالم المترامي الأطراف تخلوا من مصحات نفسية لعلاج هذا المرض المستعصي أحياناً، أما سببه الأساسي فيرجعهُ المختصون في هذا المجال، لعدم التوافق الاجتماعي الذي يعيشه الفرد في أي مُجتمع، وما ينشأ عنه في الغالب الأعم من صراعات نفسية داخلية، تزداد حدتها وقتما تنطلق من اللاشعور، وبخاصة في المرحلة العمرية المبكرة، فيما تشير مصادر تاريخية إلى أن سبب هذا المرض بحسب معتقدات قديمة لدى البابليون والسومريون والهنود، هو مس من الجن أو من تأثير الأرواح الشريرة، ويتم علاجه بإحداث ثقب في جمجمة المريض لإخراج هذه الروح الشريرة منه بواسطة سحرة وعرافين مهرة على اعتبار المخ هو العضو الذي يتركز فيه النشاط العقلي ومن ثم عزلهم في معابد أو أمكنة خاصة لكي لا يؤذوا أنفسهم أو غيرهم من الناس، ومع تقدم مجتمعات الأرض علمياً ومعرفياً وثقافياً وحضارياً تم التوصل إلى طرق وأساليب جديدة وناجعة لعلاج هذا المرض بكل يسر وسهولة، وحتى لا تتشعب الأمور من أمامنا بأكثر من اللازم، دعونا نعرج أولاً على ماهية مُسببات هذا المرض ومنها (1) الوراثة، وما قد يتعرض له دماغ الإنسان من تلف، لعدم وصول الاكسجين إليه وقتما كان جنينناً في بطن أمه، وما ينضوي عليه من خلل عقلي، واضطراب في المناعة الذاتية (2) الاكتئاب وهو من أشد الأمراض النفسية خطورة في حياة الناس، لكونه يسيطر على المشاعر، وعلى طريقة التفكير، وبالتالي القيام بتصرفات غير لائقة، عوضاً عن شعور المصاب به بالحزن الدائم والاحساس بالذنب على أي تصرف يفعله، وأن حياته على هذا النحو باتت لا قيمة لها، ولذا غالباً ما يندفع للتخلص منها بالانتحار، يُشار في هذا الصدد إلى أن أكثر الناس إصابة بهذا المرض، هـُن النساء، لتعرضهن لمتغيرات هرمونية حين حيضهن، وأثناء حملهن وولادتهن، وكذلك الشباب في سن المراهقة لنفس السبب (3) الهلوسة، وتخيل الفرد بسماع أصوات أو رؤية صور غير حقيقية، بينما هي أوهام أو تخيلات لا أصل لها البتة (4) عدم الثقة بالنفس، وتغير المزاج، والخوف والهلع، والرهاب الاجتماعي، بحيث لا يقدر المصاب مواجهة جموع من الناس أو التحدث إليهم في مناسباتهم العامة (5) الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة، كمرض السرطان والفشل الكلوي والقصور في الغدة الدرقية (6) العادات غير الصحية، كقلة النوم، وسوء التغذية والركون للراحة المستمرة (7) تعاطي المخدرات والكحول، وغيرها من الصدمات النفسية المباغتة والأخبار غير السارة (8) فقدان الأبوين أو أحدهما، أو الانفصال بينهما بالطلاق، وانعكاس ذلك سلباً على الأبناء (9) سوء معاملة الأطفال أو حرمانهم مما يحتاجون اليه، مقارنة بأمثالهم ممن يجدون الرعاية الكاملة والتدليل (10) الانكفاء على الذات، والعزلة واجترار ما ترسخ في العقل الباطني من مآسي وأحزان، فضلاً عن التفكير السلبي وتوقع الأسوأ (11) التعرض للضغوطات الأسرية والاجتماعية، وفي منظومات العمل أيضاً، أو أثناء الدراسة، أما بالنسبة لأهم أعراض هذا المرض فهي كالتالي (1) الشعور بالقلق، والتوتر والتعب، والشكوى المتكرر من الصداع ، بالإضافة للوهم والهلوسة والتفكير في التخلص من الحياة (2) التقلبات الحادة في المزاج، والميل للخمول والكسل بدلاً من القيام بأنشطة اجتماعية ذا فائدة قصوى (3) الشعور بالضيق، وفقدان الشهية للطعام واضطراب النوم، وقلة الفهم وصعوبة التعلم وتغيرات ملحوظة في الوزن (4) التركيز على الشكوى فقط دون غيرها من أمور الحياة الأخرى، وما تؤديه من خلق متاعب نفسية وصحية عديدة ومتنوعة، لا قبل للمصاب بها، أما علاج هذا المرض، فيتمثل فيما يلي (1) ممارسة الرياضة، وتمارين الاسترخاء والتنفس بعمق حين الإصابة بأزمات نفسية (2) أشغال الفراغ بأعمال مهنية مناسبة، وعدم الاستسلام لإغواء الشيطان الرجيم ووساوسه المهلكة (3) التحصن بالأدعية والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وملازمة القرآن الكريم، لما فيه من راحة وأنس وشفاء ورحمة للعالمين (4) تجنب المعتقدات الفاسد، والأفكار البالية وغير المنطقية وكل ما يبعث على الشكوك والظنون والهواجس وعدم الاستقرار العقلي والعاطفي(5) التحدّث والفضفضة مع أشخاص مُقربون، لتفريغ ما بداخل النفس من هُموم وغموم ومشاكل مكبوتة (6) مراجِعة أطباء نفسانيين ممن يملكون الحكمة والتأثير والاقناع لأجل تجاوز هذا المرض (7) التفكير المعاكس للمشاعر، وذلك بتحدث المصاب أو تصرفه بخلاف ما عليه من مشاعر مُعكرة لمزاجه، والتركيز على نواحي أخرى غير تلك التي يشكو منها، كأن يُركز حركة طيور بمنزله أو في حديقة عامة أو يقوم بمضغ قطعة علك للإلتهاء بها (8)غرس الثقة بالنفس وتحفيزها بكلمات إيجابية كأن يقول أنا بخير، وتخليصها من الهواجس الفكرية، والحساسية المفرطة، والأخذ بمبدأ التغافل والتجاهل وعدم التدقيق فيما يقع أمامه أو يسمعه؛ فالحياة الدنيا هي يوم لك ويوم عليك وأن من حكمة الله البالغة أن جعلها دار اختبار وابتلاء وبالتالي، لاجرم وهي تتضمن مُنغصات ومتاعب وأحزان، وهذا ما يُحتم على كل إنسان في الحقيقة، من ترويض نفسه، والتكيف مع هذه المتغيرات الحياتية، كيفما كانت، والإيمان المطلق بأقدار الله النافذة مصداقاً لقوله تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) وليعلم الجميع بأنه وحتى الأنبياء، وهم صفوة الخلق لم يستثنون من هذه الابتلاءات، والتي تُعد بمثابة تمحيص واختبار يقيس بها رب العزة والجلال إيمان كافة عباده من عدمه، فمتى ما كان الإنسان مع الله في كل الأحوال والظروف، كان الله معه لا مُحالة، وهذا ما يجعله يشعر دائماً بالطمأنينة والهدوء وراحة البال وهذا ما ينعكس أيضاً على عموم حياته الصحية والاجتماعية والسلوكية، مؤكدين في الختام بأنه ليس شرطاً بأن كل من يقوم بقتل نفساً بريئة تحت أي طائلة هو مريض نفسي، وإنما قد يكون من ناتج تعاطي مخدرات أو غضب وانفعال شديد خارج عن طوعه، والله أعلم.
- المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تأثيرات الجوانب النفسية والأخلاقية والدينية والثقافية على المرضى
- وزير الاستثمار: الناتج المحلي للمملكة ارتفع بنسبة 50% منذ إطلاق رؤية 2030
- لا تحرموهم منه.. دراسة تكشف تأثير الإنترنت على الصحة العقلية لكبار السن
- عدم الالتزام بوقت العلاج.. “أخطر 4 أشياء تقوم بها عند مرضك” تكشفها “سعود الطبية”
- المرور السعودي: استقبال طلبات إنشاء 9 مدارس لتعليم القيادة مستمر حتى 13 ديسمبر
- “الغذاء والدواء”: منتجات “شبيه الحليب” آمنة ولا تشكّل أيَّ خطورة
- “الضمان الصحي”: الوثيقة الأساسية تغطي تكاليف جراحة السمنة بهذه الحالة
- انتبهوا.. هذه الفيتامينات تحفّز نمو الأورام وانتشارها
- هيئة تطوير منطقة مكة تطلق أعمال المسوحات الميدانية لمحافظات المنطقة
- طقس الإثنين.. توقعات بهطول أمطار رعدية تودي إلى جريان السيول على عدة مناطق
- تعليم الطائف يعتمد الدوام الشتوي للفصل الدراسي الثاني
- الفائزون بجوائز المسؤولية الاجتماعية للأندية للموسم 2023-2024.. “ماجد عبدالله” و”الهلال” في المركز الأول
- جدة تستضيف أول حدث دولي للكريكيت.. مزاد اللاعبين لبطولة الدوري الهندي الممتاز للعام 2025
- “هيئة العناية بالحرمين” تثري تجربة الطفل الروحانية بالمسجد الحرام
- نهج تعاوني.. “الصحي السعودي” يوضح المقصود بمفهوم “الصحة الواحدة”
المقالات > #المقالات, أضواء الوطن, مقالات عبدالفتاح بن أحمد الريس > لكي يُعالجونه نفسياً يثـقـبون جمجمته
05/08/2023 1:27 م
عبد الفتاح أحمد الريس
0
346750
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3562466/