الكل يقف هنا في بقعة صغيرة من الأرض كبيرة في المقام والفضل، بلباس موحد ومقاماً واحد.
هنا تنتفي كل الفروقات ويتوحد السعي والمسعى تجاه الله الواحد الأحد.
هنا تتلاشى المناصب، تندثر الألقاب، تذوب القبيليات، تندمج الجنسيات، هنا تسقط راية العنصرية التي عاش كثير البشر تحت ظلها، وقيد أسرها، وذل عبوديتها، فأصبح جلهم يضاهي الحيوان المفترس في دناءة طباعه وحمق تصرفاته!
في صعيد عرفة يتساوى ( الفقير مع الغني - والأمير مع الصغير - والأبيض مع الأسود).
كلهم اتا تاركاً خلف ظهره والده وولده ،اهله وعشيرته، متنازلاً عن قدره ومقامه، ليقف جنباً إلى جنب مع كائن بشري يماثله بأدق التفاصيل، جمعهم نداء خالقهم.
أنه مشهد عظيم وموقف مهيب لمن كان له عقل والقى السمع وهو شهيد.
أنه يوم يُذكر ذلك الأنسان الضعيف الذي جعل همه ووسادة فكره وغذاء عقله التعالي على خلق الله بصفات هو لم ينتزعها بطولةً وغلاباً ، وغيره لم يتنازل عنها ذلاً و هوانا.
إنما هي مقادير الله في خلقه.
يوم عرفة جرس إنذار لبني البشر بقدوم يوم كلن سيقفه عارياً مجرداً من كل شئ، ابيضهم والاسود، أعجميهم والعربي، غنيهم والفقير، ولن يسأل الله أحدهم من هو ؟ ومن يكون!
هناك فقط ينصب الميزان ويبلغ العدل ذروته، حيث سيكون أعلاهم قدراً وارفعهم منزلة، أتقاهم لله العلي العظيم.
دمتم بود.