يقول أحد المفكرين الغربيين أن الشيء الوحيد الذي تعلمناه من التاريخ , هو أننا لم نتعلم منه أي شي ؟! . لا أريد أن أخوض في النزاع الذي يدور حاليا بين شركة فاغنر شبه العسكرية والجيش الروسي (الحكومة الشرعية) . فاغنر كانت مهمتها الرئيسية هي القيام بالمهام القذرة في الداخل والخارج , نيابة عن الحكومة الروسية وبعيدا عن المساءلة القانونية , نفس الحال ينطبق على شركة بلاك ووتر الأمريكية . فكلاهما في الهواء سواء (الإرهاب) , الكثير من العناصر التي تنتمي إلى هذه الشركات هم من خريجي السجون ومن كبار المجرمين والعصابات وأصحاب السوابق وهم فوق القانون (مرتزقة) . الحكومة العراقية رفعت العديد من القضايا ضد شركة بلاك ووتر لارتكابها جرائم حرب في العراق ضد المدنيين , ولكن القضاء الأمريكي قام بتبرئتها ؟! . الدولة العباسية استعانت بابو مسلم الخرساني الفارسي للمساعدة في إسقاط الدولة الأموية . وبعد ذلك بدأ يعمل باستقلالية , وكان يطمح في إقامة إمبراظؤية ساسانية . استطاع الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أن يقتله بخطة محكمة وتم وأد الفتنة في مهدها . تكرر المشهد عندما استعان العباسيون بالترك من أجل القضاء على الفتن الداخلية , ثم ما لبث الترك أن تمكنوا من السيطرة على أجهزة الدولة . وأصبح في يدهم الحل والعقد ويقومون بتعيين الخلفاء وأيضا عزلهم بل وقتلهم . يتكرر نفس المشهد في الدولة العثمانية على يد "الإنكشارية" . وفي الوقت الحاضر نجد الصراع بين الجيش السوداني الذي يمثل الحكومة الشرعية , وقوات الدعم السريع المتمردة . في لبنان يحكم حزب الله سيطرته على مفاصل الدولة . وكذلك الحال مع الحوثي في اليمن . هذه التنظيمات غير الشرعية قصتها واحدة ولا تختلف عن بعضها ، في البداية يتم الاستعانة بها من أجل مواجهة التحديات الداخلية أو قمع الشعوب أو من أجل تقليل الخسائر البشرية نتيجة الترف أو الضعف (المرتزقة) . وبالفعل يقومون بالمهمات المنوطة بهم على أكمل وجه . بعد ذلك يبدؤون بالتدخل في الشأن الداخلي ويتمتعون بالحصانة بعيدا عن الملاحقات القضائية , ثم بعد ذلك تبدأ أخطر مرحلة وهي محاولة الاستيلاء على السلطة (الحرب الأهلية) . احيانا تجد الشعوب بل والسلطة الحاكمة تتمتع بالقوة الكافية , والتي تمكنها من القضاء على هذه التنظيمات غير الرسمية . ولكن ايضا في الغالب تجدهم يسيطرون على الدول ولعدة عقود أو حتى قرون (الفوضى الخلاقة) . في روسيا اعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يتمكن من القضاء على تمرد فاغنر . , الرئيس الشيشاني قديروف (صبي بوتين) أعلن استعداده للقتال إلى جانب بوتين , وكذلك الحال مع بيلاروسيا وأوزبكستان وكازخستان التي تواصل معهم بوتين .
الصين لن تسمح بسقوط وتفكك روسيا وكذلك الحال مع دول أخرى مثل تركيا وإيران , لأنه بعد ذلك سوف يكون الدور عليهم . الآن فاغنر عادت إلى قواعدها وزعيمها لجأ إلى بيلاروسيا (الإستسلام) .
يبدو أن تمرد فاغنر كان داخليا ولا يرتبط بأي جهة خارجية ، ولكنه يمثل فشلا استخباراتي كبيرا للغرب وبالذات أوكرانيا ولم يتم الاستفادة منه ، رغم أن كل المؤشرات كانت تدل على ذلك منذ أسابيع . الرئيس الروسي بوتين في خطابه الأخير كان أوهن من بيت العنكبوت ، وأن نظام حكمه يقف على أرض هشة ، واحتمال سقوطه وارد ما لم يتدارك الوضع عاجلا . أخيرا بوتين يكرر نفس الخطأ حيث وقع على مرسوم يتم بموجبه الحاق المساجين وأصحاب السوابق في القوات المسلحة ؟! .