الحرب الأوكرانية التي كانت حتى وقت قريب ملء السمع والبصر , وتتصدر الأخبار العالمية في وسائل الإعلام , ناهيك عن التصريحات النارية من قبل رجال السياسة (المزايدات) . مع مرور الوقت بدأت تتحول إلى أخبار ثانوية (الحرب العجوز) , وأحيانا مجرد خبر عابرعلى الشريط الإخباري في القنوات الفضائية . بل وجدنا ان الحرب الأهلية في السودان قد غطت نهائيا على أخبار الحرب الأوكرانية ؟! . في البداية الغرب بقيادة أمريكا كان متحمسا ويدعم خيار الحرب . وقد شجع أوكرانيا زيلنسكي (المهرج) على استفزاز روسيا واستدراجها إلى الحرب بعد ان صدق وعود الغرب بالدعم والنصر المبين . ولكن يبدو أن موازين الحرب بدأت الآن تميل لصالح روسيا وبما لا تشتهي سفن الغرب . أعتقد أن روسيا سوف تحسم الحرب قريبا وتضع الحرب أوزارها بالشروط الروسية . في البداية الغرب بقيادة أمريكا بدأ يدعم أوكرانيا بالمال والسلاح وبلا حدود . ولكن في نفس الوقت تناسى أن روسيا يحكمها زعيم قوي جدا , ويحكم بلد مساحته شاسعة أكثر من (17) مليون كم2 وكثير الموارد . ناهيك عن أن مصانع السلاح قي الغرب لم تعد تستطيع تلبية احتياجات الجيش الأوكراني , سواء من ناحية الكم أو الكيف أو حتى التكلفة المادية . الدول الأوروبية هي المتضرر الأول من الحرب (الطاقة) , وهي الآن تحصد ثمار ذلك سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو حتى الاجتماعي . حتى أمريكا بدأت الحرب تلقي بظلالها على الاقتصاد الأمريكي , هيبة أمريكا في العالم تراجعت ورفضت الكثير من الدول فرض أي عقوبات على روسيا مثل الهند والصين وتركيا والمجر ودول الخليج العربي . الاتحاد الأوروبي يؤيد دعوة الرئيس الفرنسي ماكرون للاستقلالية الاستراتيجية عن واشنطن . الحقيقة هذا تطور خطير جدا ويشكل بداية لانشقاقات في حلف الناتو من ناحية , ومن ناحية أحرى يشكل ذلك بداية للتخلي عن دعم أوكرانيا والذي قد بدأ بالفعل . الرئيس الأوكراني بدأ يدرك ذلك , أو بمعنى أدق أدرك أنه قد جنى على قومه عندما استفز روسيا على أمل أن تقف أمريكا والغرب معه (المتغطي بالغرب عريان) . وقد صرح قبل أيام بأن أوكرانيا قد قررت تأجيل الهجوم المضاد في الربيع الذي كانت تنوي القيام به (الهزيمة) , هذا التصريح يتزامن مع تقدم كبير للقوات الروسية في مختلف الجبهات , والخسائر الكبيرة التي يتعرض لها الجيش الأوكراني في الأرواح والمعدات . وهذا بفضل سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها بوتين روسيا في المعارك الأخيرة (الأسلحة المحرمة) . ومن مهازل هذه الحرب أن تصدر محكمة الجنايات الدولية أمرا بالقبض على الرئيس الروسي بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب . بوتين سوف يتم قريبا استقباله في العديد من العواصم الأوروبية , وقرار محكمة الجنايات الدولية سوف يكون مصيره دورات المياه . من يلعب مع الكبار سوف يحترق . العالم بعد الحرب الأوكرانية لن يكون كما كان من قبل , وسوف تدخل إلى الملعب الدولي قوى جديدة , والمنظمات الدولية الحالية لن يستطيع الغرب السيطرة عليها والتلاعب بها من أجل خدمة مصالحه كما هو حاصل الآن , والأهم من ذلك كل أن النظام المالي الذي يحكم العالم (الدولار) سوف يتراجع وتحل مكانه عملات أخرى وقد بدأت تباشيره تلوح بالأفق .