وافق الغرب، مؤخرا، على تقديم دبابات طالما طلبتها أوكرانيا لأجل مواجهة العمليات العسكرية الروسية التي بدأت قبل نحو عام، لكن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، سارع إلى طلب المزيد، يوم السبت، داعيا الحلفاء لأن يمدوا بلاده بنظام صاروخي بعيد المدى، في حين يظل موقف واشنطن “رافضا بحزم”.
وقال زيلينسكي، في معرض الرسالة الليلية التي يوجهها إلى مواطنيه، إنه يطلب من الغرب إمداده بصواريخ بعيدة المدى، مشددا على ضرورة عدم مراعاة أي “طابو” أو “عقبة” تعرقل إمداد كييف بالأسلحة حتى تحمي نفسها مما سماه بـ”الإرهاب الروسي”.
وطالما طلبت أوكرانيا أسلحة أميركية نوعية حتى تستطيع مهاجمة أهداف روسية بارزة، مثل ضرب نقاط في شبه جزيرة القرم التي قامت روسيا بضمها في سنة 2014.
لكن الولايات المتحدة ظلت متحفظة في استجابتها لأوكرانيا، فلم تقبل بإرسال أسلحة بعيدة المدى، تفاديا لضرب أهداف في الداخل الروسي، على نحو قد يؤدي لنقل النزاع نحو نطاق أوسع.
ولا تكل أوكرانيا من المطالبة بالنظام الصاروخي التكتيكي الذي يعرف اختصارا بـ”ATACMS”، وهو نظام “أرض أرض” تصنعه شركة الدفاع الأميركية “لوكهيد مارتن” .
ويصل مدى هذا النظام الصاروخي إلى 300 كيلومتر، فيما يتمتيز بقوة دافعة كبيرة، تجعله ذا تأثير كبير في أرض المعركة، في حال استخدامه.
ويبلغ طول هذا النظام الصاروخي 4 أمتار، إلى جانب قطر من 610 ميليمتر، بينما يمكن إطلاقه من خلال راجمتي “MLRS” و”HIMARS”.
وتحرص الدول الغربية على تقديم أسلحة دفاعية لأوكرانيا حتى تستطيع كييف الوقوف في وجه العمليات الروسية، لكن دون تمكينها من أسلحة هجومية قد تبلغ روسيا.
لماذا ترفض واشنطن؟
أوضح الرئيس الأميركي، جو بايدن، في وقت سابق، أن موقف بلاده واضح وصريح وهو عدم الرغبة في دخول حرب مع روسيا، وذلك موقف دول أخرى حليفة للولايات المتحدة، رغم الحرص على تقديم العون لأوكرانيا.
وقال وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات، كولين كال، في يناير الجاري، إن واشنطن ترى أنه بوسع أوكرانيا أن تحرز تقدما على الأرض دون أن تحتاج إلى أنظمة صاروخية بعيدة المدى.
وشدد في مقابلة صحفية على أن تقدير الولايات المتحدة في هذا الصدد واضحة للغاية وليس فيه أي غموض، قائلا إن هناك وسائل أخرى بوسعها أن تساعد الأوكرانيين على ضرب أهداف مهمة في الحرب.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم لأوكرانيا ما يسح لها بأن تشن هجمات تبلغ الداخل الروسي، في حين تؤكد واشنطن منح ما يسهل اختراق الدفاعات الروسية.
ويأتي التردد الأميركي، فيما كانت موسكو قد حذرت مرارا من مغبة إرسال أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وسط تلميح بـ”الخيار النووي” في حال وجود “خطر وجودي” يحدق بالدولة الروسية.
دباباتٌ في الطريق
وأعلن بايدن، مؤخرا، عزم بلاده إرسال دبابات من طراز “أبرامز إم وان” إلى أوكرانيا، فيما وافقت ألمانيا بدورها على إرسال دبابتها “ليوبارد 2” إلى أوكرانيا، بعد فترة من التردد، وسط تحذيرات من موسكو.
وبحسب تحليل في “نيويورك تايمز”، فإن الدبابات لن تكون بمثابة عصا سحرية تتيح لأوكرانيا أن تنتصر في الحرب التي أحدثت تحولات عميقة في المشهد الجيوستراتيجي بالعالم.
ولن تكون الدبابات عنصر حسم كبيرا، خلال العام الجديد، لأن طبيعة المعركة التي ستخاض في الفترة المقبلة، تختلف عن المواجهات التي دخلها الطرفان الروسي والأوكراني، في سنة 2022.
وشرح الكاتبان جوليان بيرنز وإيريك شميث، أن الولايات المتحدة ستسعى مرة أخرى لأن تجعل الجيش الأوكراني في الوضع الذي تريده حتى يصبح قادرا على اختراق الدفاعات الروسية.
ولإنجاز هذه المهمة العسكرية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يحتاجون فقط إلى تقديم الدبابات والعربات العسكرية المصفحة والذخيرة المتقدمة، بل يتعين عليهم أن يضمنوا التدريبات المطلوبة حتى يصبح أفراد الجيش الأوكراني قادرين على استخدام ما حصلوا عليه بعد إلحاح كبير.
لكن هذه المهمة ليست بالسهلة، لأن تعلم استخدام هذه العربات والأسلحة مجتمعة، والمزج بينها، يتطلب شهورا وربما سنوات، حتى وسط الوحدات العسكرية الأميركية نفسها، بينما قد تسير الحرب في أوكرانيا بوتيرة أسرع.
ويأتي تقديم هذه المعونات العسكرية لأوكرانيا، وسط حذر شديد للغاية، لأن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يريد إمداد الجيش الأوكراني بما يتيح له تحريك المياه الراكدة وإحراز تقدم، لكن دون الوقوع في استفزاز روسيا ودفعها إلى توسيع نطاق النزاع، وربما الانزلاق إلى حرب نووية.