تجددت الخلافات بين السويد وتركيا مرةً أخرى مع إعلان رئيس الوزراء السويدي، أولف كريستيشون، أمس الأحد أن شروط الحكومة التركية التي تطلب أنقرة من ستوكهولم تنفيذها مقابل الحصول على موافقتها لانضمام الأخيرة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، “لا يمكن قبولها” و”لا تستطيع السويد تنفيذها”، فهل هذا يعني استمرار الخلافات بين الجانبين؟
الأكاديمي والأستاذ الجامعي المختص بالعلاقات الدولية بلال سامبور والمقيم في العاصمة التركية أنقرة اعتبر أن “الأزمة بين السويد وتركيا عميقة للغاية ومعقّدة أيضاً”، على حدّ تعبيره، لافتاً إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول استغلال هذه “الأزمة”، لرفع شعبيته في الداخل التركي قبيل أشهر من انتخاباتٍ رئاسية وبرلمانية حاسمة، ستشهدها تركيا في يونيو المقبل.
وقال الأستاذ الجامعي الذي يشغل منصب عضو هيئة التدريس بجامعة أنقرة لـ “العربية.نت” إن “الأزمة بين السويد وتركيا عميقة ومعقّدة للغاية، فالحكومة التركية تطلب من نظيرتها السويدية تسليمها مطلوبين تتهمهم بالانتماء لحزب العمال الكردستاني ولحركة الخدمة التي يقودها الداعية التركي فتح الله غولن، كما تطالبها بإغلاق جمعيات ومؤسسات كردية تتخذ من الأراضي السويدية مقرّاً لها، لكن لم يتفق الطرفان بعد على كيفية تنفيذ تلك الشروط”.
وأضاف أن “تركيا تضع هذه الطلبات كشروط أساسية مقابل موافقتها على انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي، ورغم أن ستوكهولم تتفهم محاربة أنقرة للإرهاب، لكنها تجد أن مسألة تسليمها مطلوبين لديها أمرٌ يتعارض مع نظامها القانوني والحقوقي المحلي والدولي في آنٍ واحد وهو ما يمنعها من تنفيذ كلّ الشروط التركية حتى الآن، وبالتالي استمرار هذه الأزمة بين الطرفين”.
وتابع أن “ستوكهولم وأنقرة كانتا قد اتفقتا على نقاطٍ عديدة في مؤتمر مدريد في أواخر يونيو الماضي، حيث تقول الحكومة السويدية إنها نفّذت الشروط التي اتفق عليها الجانبان في ذلك المؤتمر، لكن أنقرة تنفي ذلك، ما يعني أن هذه الأزمة ستجدد بين الجانبين بين الحين والآخر حتى يتمكنا أخيراً من الوصول لحلولٍ ترضي الجانبين معاً”.
ورأى الأستاذ الجامعي أن حكومة حزب “العدالة والتنمية” الحاكم الذي يتزعّمه أردوغان، تجدد خلافاتها مع السويد بين الحين والآخر للاستفادة من هذا الملف في الانتخابات المقبلة، “إذ يعمل الرئيس التركي على تصوير بلاده كطرفٍ قوي يتحدّى السويد لرفع شعبيته في الداخل التركي”.
وكانت السويد قد قامت بتسليم تركيا ثلاثة مطلوبين حتى الآن، الأمر الذي يعني أن قائمة المطلوبين لدى تركيا تضم العديد من الأسماء، بحسب سامبور الذي أشار أيضاً إلى أن رفض ستوكهولم لتسليم أنقرة مطلوبين بينهم صحافي بارز قد أثار غضبها وأعاد هذه الأزمة إلى الواجهة مرةً أخرى.
ولم تعلن ستوكهولم عن هوية المطلوبين الثلاثة الذين قامت بتسليمهم إلى الحكومة التركية رغم أن وسائل إعلامٍ دولية كشفت قبل أشهر عن هوية شخصين منهم أحدهم كردي والآخر رجل أعمال مُتّهم بالاحتيال على بنوكٍ ومصارفٍ تركية قبل سنوات.
أمينة كاكاباوه
وكشف مصدر مقرّب من النائبة السويدية من أصلٍ كردي إيراني أمينة كاكاباوه التي وضعت الحكومة التركية اسمها ضمن لائحة شخصياتٍ تطالب السويد بتسليمهم إليها، أن مسألة تسليم هذه النائبة تعد من أبرز أسباب الخلاف بين ستوكهولم وأنقرة.
واعتبر المصدر لـ “العربية.نت” أن “رئيس الوزراء السويدي كان يشير إلى تسليم كاكاباوه كأمرٍ لا يمكن لستوكهولم تنفيذه لاسيما أنها تحمل الجنسية السويدية منذ سنواتٍ طويلة وتحظى بحصانة نيابية”.
واندلع الخلاف بين تركيا والسويد، إضافة لفنلندا منذ مايو من العام الماضي حين تقدّم كلا البلدين بطلب انضمامٍ لحلف شمال الأطلسي على وقع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكن أنقرة رفضت ذلك وطالبت كلا البلدين بتسليمهما لأشخاص تتهمهم بالانتماء لجهاتٍ محظوّرة لديها.
ومن بين النقاط العالقة إلى الآن بين الأطراف الثلاثة تسليم أشخاص تعتبرهم تركيا “إرهابيين”.
وعبّرت أنقرة عن خيبة أملها من قرار صدر في أواخر العام الماضي عن محكمة سويدية عليا يوقف طلب تسليم صحافي يُشتبه في أنه من أنصار فتح الله غولن الذي تحمله تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة حصلت في يوليو/تمّوز من العام 2016.