في صيف عام ١٣٦٤ شاباً سعودياً في الرابعة عشر ربيعاً من العمر . مقطانه شمال ظلم بين سجا والصهلوج ، هذه الناحية تعرف بعالية نجد منازل عشيرته . منازل البادية في مضارب روق مرجحة الموازين ، والجنب المتين . شطري حسن الطرفين الهيلا . شاب من شبابها في مقتبل العمر صغير السن قد أزف الطفولة المتاخره ، وفي شبت فتوته ، وفي ذلك الزمان شحيحة الموارد على الدولة ، وتنعكس على المواطن ، وصادف امحلال البيداء ، وقاحلتها من النبت ، وغبراء وجهها ونعدم الكلا ، وغارت موارد مياه البادية ، واجدبت الأرض، ويبست الأغصان في أشجارها من السلم والسمر وغيرها ، وتساقطت اوراقها إلا ماندر . ترى هشيمها متهدل أعجاز منقعر ، ونحول المواشي لقلة المراعي وندرتها ، وشح المياه . أقفرت الأرض ، وأشهبت لقلة الأمطار ، وبسبب معاصير وتحرك الرمال وتطاير ذرات الرمل مع المعاصير والرياح تعقدت الحياة اليومية في ظل هذه المتغيرات الطبيعية ماكان من الشاب ان يستأذن والده بالبحث عن عمل مع صغر سنه دون سن العمل من أجل ان يساعد والده في ضايقته المادية ، وما يعانيه من أحوال اجتماعية ، وأغلب بني جلدته ألتحقوا بالخليج العربي لفرص العمل المتاحة ، وسد مسغبة الجوع ، وحدد وجهته شطرالخليج أو الشركات أو غيرها التي تعمل به . رفض والده في أول الأمر ، وقال : بقاءك معنا وجماعتك خير من ذلك ، ولو مانحصل إلا على عراميش مع جماعتنا ، وبإلحاح الأبن وافق أخر المطاف بالإذعان والأحوال المادية متدنية ، والأرض قفراء متشهبة ، شفاليت العيشة ، ومسغبة الجوع تحدهم فقال الأب: إن السفر والغربة قطعة من نار ، واخشى عليك من عوارض شرار الخلق ، ومخاطر الغربة والسفر . فقال الأبن: توكل على الله ، وأحسن الظن بالله ثم تنهد الأب ثلاث تنهيدات بزفير طويلاً ثم قال : دعني أخذ راي شيباني عردان وظلم ، وهما جبلان أحدهما شام ، والأخر يماني . ما ان سمع الأبن موافقت الأب نهض قائماً ثم انحنى مقبل رأس والده ، وجبين جبهته ، وارنبة أنفه ، مستبهلاً بأذن والده .
أنطلق الأبن صوب الشرقية ، وهو في أرومة العمر ، ونشوة بنيته . حديث السن ، وتجارب الحياة الاجتماعية . ركب سيارة هاف ونيت عصر الهافات أحد وسائل النقل في عصرها ، ولا يملك أجرة الاركاب ، وتفاوض نظيرها خدمة الركاب اثناء محطات الوقوف من إعداد حساء القهوة ، وجلب الماء من أقرب مورد ، ومساعدة الطباخ في الطهي ، وسلخ ماينبغي من الغنم وغيرها . مما يتطلب خدمة القوم ( الركاب ) ، وصل الرياض في منتصف النهار بعد مسيرة ثلاثة أيام بلياليها ، والطريق جلد غير معبد ، والهاف مديل قديم ، ووجد شامياً يشغله يوميته بنصف ريال ، وشق الشامي عليه العمل ، وأشتغل عنده شهراً ثم أنتقل للاحساء أشتغل في أول الأمر في إحدى الحيازات الزراعية بواحة نخيل ، وقد أحسن صاحب الحيازة مثواه ، وأحسن اليه المعاملة ، وقد سمع بالاحساء مكاسب الغوص اللؤلؤ ، واستقصاء بعض المعلومات من لهم خبرة عن الغوص ، فاستأذن عمه بالالتحاق بالغوص ، فرغب فيه بالبقاء معهم . ماكان الا أن أذن له ، وأرسله لأحد معارفه وعملاءه بالزبارة ( قطرحالياً ) يوصيه ، وكان هذا الأخير صاحب تجارة بين الهند والخليج وإيران يسير قوافل بحرية بينها لتجارته . شغله في أسطوله البحري المتنقل بين بنادر الخليج والهند ، واستحسن أمانته ، واستأذن الخليجي ان يخصه به من أجل ان يعمل لديه ، ووافق بعد موافقت صاحب الشان ، واقام بالهند ماشاء ان يقيم ، وتحسنت أحواله ، وكان يرسل المصاريف في أول الأمر لوالده ومكاتيبه مع بحارة كويتين لتسليمها احد جماعته مقيماً بالكويت يرسلها لوالده في شفاء نجد بين ظلم والمحازة ثم أخذ يرسل مبالغ مجزية من خلال البحارة الكويتية لوالده ، واستأمنه الهندي في إدارة محلاً له بإيران ، ومن خلال تنقله بين الهند وإيران والخليج العربي . تكونت لديه دراية بالتجارة ، وفنونها وأساليبها ، وثقافة حوض الخليج ، والهند الاجتماعية والفكرية .
ورده كتاباً من والده مفاده ان الأحوال تحسنت عندهم ، ويتطلب ان يعود لأرض الوطن ، ومشاهدته ، ومشاركته الحياة الاجتماعية ، وان يعيش بينهم بدل الغربة وقد طالت غربته وإقامته . فاستأذن من الهندي ، وطوى اغراضه ، وأكرمه الهندي أجمل إكرام ، وأذن له بالرحيل ، وسافر لمسقط رأسه السعودية بين فصيلته التي تأويه ، وعشيرته ، ووسط دولته التي تحميه في ظل استقرارسياسي قوي ، ونظام متين ،وأمن قوي .
مكث بعض الوقت بين عشيرته متنقلاً بين ظلم ودعيكان والصهلوج والمزيرعة وكشب ، وازعجته هبايب الجو ، وتطاير الغبار ، وقلة الخدمات ، وكانت طيلة إقامته بشبه القارة الهنداوربية لم يعرف تطاير الغبار ، والهبايب ، وصفير الرياح ، وتحرك الرمال ، واستبدلها بالطائف يزاول نشاطه التجاري رافضاً الوظائف الحكومية ، وتعرف على مجموعة من الحضارم ، وأحبهم وحبوه بحبل الود ، وشاركهم شبختانية التجارة في المواد الغذائية ، وبالذات الرز . كون له دراية سابقة بالهند وخبرة ، ويجيد اللغة الهندية عقد شراكه مع الحضارم ، ومصفطيتهم وصفطانهم له ، ونمت تجارته وزادت ، وتوسع نشاطه في ظل دولة عادلة في قضيتها رؤوفه برعيتها ، وكان من الصدف بعد ان لزم أبناءه تجارته بعد تنحيه للتقاعد للراحة ، وكتفى بارشاد أبناءه ، ويزجي النصائح لهم حول التجارة ، ومن عادته إذا شاهد عمالة هندية مستقدمة على كفالة شركته يطلب من أبناءه عدم الشق عليهم عرفاناً لما مضى له في الهند من عمل ، و زمن ، وحسن تعامل معه .
يطلب من أبناءه معاملتهم معاملة حسنة ، وعدم الشق عليهم عرفاناً بجميل من عمل عنده بالهند . وذات يوم لاحظ أحد العمالة مستقدم على كفالة شركته غلاماً حديث السن رث الملابس ، ومن عادته يسأل العمالة المستقدمه من الهند عن أماكنهم ، والأماكن التي عاش فيها بالهند ، وعن رموز أشخاص بتلك الأماكن بالهند ، وتبين له ان هذا الغلام أبن ذلك الهندي الذي عمل عنده بالهند . انصدم حين علم بخبره ، وخبر والده المتوفي ،وتغير حالهم من حال إلى حال ، وتبدلت أحوالهم من سوء لأسواء ، وكشرت الظروف بأنيابها ، وأخرجت مخالبها عليهم بعد وفاة والدهم ، واضمحلال تلك النعم عنهم شيئاً فشيئاً حتى آل حالهم إلى مآل اليه من انعدام الشيء ، ودفعته الحاجة ان يقدم للعمل بالسعودية بحثاً عن فرصة عمل يستقيم بها حاله ، وحال إخوته بالهند . شاكراً الله ثم الشركة التي أتاحت له فرصة العمل بها ، وبالبلاد المقدسة .
أوصى أولاده بالاهتمام به ، وعدم ان يشق عليه بالعمل ، والتيسير عليه معللاً لأبناءه كان فيما سبق يعمل عند والده بالهند ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وبعد أربع سنوات من العمل بالسعودية طلب الأب من احد أبناءه ان يسافر للهند ، ويرافقه نجل ذلك الهندي . يتقصى حقائق أحوال أسرته ، وفعلاً أستطاع دعم أحوالهم وتيسير معيشتهم ، وفتح لهم ريع عمل بالهند بحكم علاقته مع رموز تحارية بالهند . ياسادة هذا الرجل من قلب الصحراء ( الدرع العربي ) شفاء نجد عالية نجد محازة الصيد بمحافظة المويه مسميات تطلق على تلك الناحية مراتع الإبل والاغنام وتنقل البادية من موقع لموقع حسب توفر الكلأ وموارد الماء . طور ذاته ومعارفه برحلاته إلى أكثر من بلدٍ أكسبه خبرة التعامل التجارية ، والثقافة الاجتماعية ، وحسن التصرف والدراية ، فالاطلاع على المتغيرات الاجتماعية من كل الجوانب شريان قوته المادية يتوجها الأمانة ، وقوة الشكيمة ، ودماثة الأخلاق مكتسبه من التجارب ، وكثيراً مايتطرق الحديث في مجالسه عن تجاربه ، وعن مجوس الهند ، وشيعة إيران . يختصر القول المجوس يعبدون البقر ، والشيعة يعبدون البشر . فالشيعة تتفق مع المجوس في عبادة مخلوق ، وليس الخالق ، ومع أهل الكتاب ايضاً ( اليهود والنصارى ) أثنا عشرية الأسباط عند اليهودية ، والحواريون عند النصارى ، والإمامة عند الشيعة كلهم اثناعشرية ، وكل من الشيعة والمجوس والنصارى واليهود يعبدون مخلوق دون الخالق ، وهو عين الشرك والله توعد ان لا يغفر من يشرك به ، ويغفر مادون ذلك ، والشرك بالله ظلم عظيم موجب دخول نار جهنم لا محالة حقيقةً وواقعاً .
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
- تستمرّ للثلاثاء المقبل معلنة دخولَ الشتاء.. جولة مطرية جديدة يصحبها انخفاض بدرجات الحرارة بمعظم المناطق
- لاستبدال 250,000 مكيف.. “موان” يعلن إطلاق ثالث مراحل مبادرة “استبدال”
- «الجنائية الدولية» تصدر مذكرتي اعتقال لنتنياهو وغالانت
- “حساب المواطن” يعلن صدور نتائج الأهلية للدورة 85 لشهر ديسمبر القادم
- من مخاطر داخل المنزل تهددهم.. “المدني” يؤكد أهمية المحافظة على سلامة الأطفال
- “الهيئة العامة”: كود الطرق وضع معايير وشروط لتصميم وتركيب مطبات السرعة
- بوضعية خارج الرحم.. “سعود الطبية” تنقذ جنينًا بحالة حمل نادرة في الأسبوع الـ26
خالد بن حسن الرويس
سته على سته – ٢٢ –
01/12/2022 11:26 ص
خالد بن حسن الرويس
0
430106
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3530303/