المسؤوليات والمناصب وحتى الأعمال التطوعية تجعل القائم عليها في مرمى الانتقادات دائماً ، فما دام هناك عمل فمن الطبيعي هناك أخطأ ، وقد لا يراها أو ينتبه لها إلا ذو بصيرة أو خبرة أو إعلامي متمرس يتحتم عليه مهنياً أن يكتب لتنبيه وللانتقاد البناء لا غير ، فلعله انتقاداً إيجابياً لصالح العام وطمعاً في تحسين تلك الخدمة وتطويرها ، هذا من المنظور العام ، و لا ننكر أن يكون هناك انتقاداً لأهداف رخيصة ، لمجرد الكتابة أو لكسر المجاديف أحياناً أخرى أو الحقد و الحسد أو بسبب مواقف شخصية أو رغبة في تعطل مصلحة ما ، قد تعود لهذا الناقد الناقم ، فينتقل من النقد المهني البناء إلى الناقد المنقود لمصلحته هو ، فيحاول هدم كل إيجابي ، فقط لحاجة في نفس يعقوب ؛ وهذا شئ مؤسف .
و قد رأينا من المسؤولين الكبار رغم ضغوط العمل و كثرة الانشغالات بأعمالهم إلا أنه تتسع صدورهم لكل انتقاد مهما كان قاسياً ، لأن الهدف لديهم أرقى وأنقى من المصالح الشخصية ومن خلالها اكتسبوا الكثير من المهارات لكثرة متابعتهم لكل جديد وأكثر تقبلاً للمقترحات والانتقادات ، كل ذلك من أجل أن يصلون لأفضل الخدمات المقدمة ورغبةً ملحة في تطوير أداء وظائفهم .
وبالمقابل شاهدنا وللأسف البعض ممن يتسنمون المناصب أو يقوده القدر أن يكون مسؤولاً فيرى نفسه أنه اكبر من أن ينُتقد ، في عمله وأسلوب إدارته أو حتى يُقترح عليه فكرة أو مشورة ، ويتعامل مع إدارته على هذا النحو ، ولذلك تجده يشخصن كل إنتقاد ويدني هذا ويبعد ذاك بناءً على توافقه معهم في فكره وأهدافه أي (شليلته) ، و كل ذلك حباً لهذا الكرسي فإنه يصاب بالرعب عندما يجد الانتقاد من الآخرين من داخل إدارته أو خارجها ، ليس خوفاً على الإدارة بل على موقعه فلذلك تراه يتخبط يمنة ويسرة فيصب تركيزه على محاربة الرأي الآخر أو الناقد الحاذق أو من يراه أكثر جدية ونشاطاً منه ، فيحاول اختلاق المشاكل أو إبعاده عن موقع عمله ، فتهترئ لديه المعاملات وتتراكم لديه مصالح الناس ومشاكلهم ثم يندب حظه العاثر بمن يُحيط به ويعلق فشله بشماعة هؤلاء ، فيتقوقع على نفسه لعله يستمر في عمله بصفر مكعب من الخدمات ، وهو لا يدري أنه يعمل سداً من ورق سينفجر فيه يوماً إلى مزبلة التاريخ .
قد لا ينتبه البعض بأن الأمور في هذا العصر قد تغيرت فلن يستمر في مكانه إلا من كان مستحقاً لهذه المسؤولية و لديه برامج وأهداف ورؤيةً واضحة تحتاج منه جل وقته سعياً لإثبات وجوده بالمنجزات الحقيقية على أرض الواقع ، ولعمرك لن يكون كذلك إلا بمشاركة الرأي والرأي الآخر وقبول الانتقاد والإرشاد وتقبل المشورة من الناصحين له والتضحية لأجل الوصول للهدف وهو سبب وجوده على هرم هذا القطاع أو ذاك فأما إنجاز يشهده الجميع أو الاعتذار لحفظ ماء الوجه وإلا ستجد أمامك
( تم الإعفاء ) عصر المجاملات وإعطاء أكثر من فرصة ولىّ إلى غير رجعة .