يُعدّ إصلاح ذات البين، والسعي بالإصلاح بين الناس في كل أمورهم الحياتية؛ من مكارم الأخلاق العظيمة، فقد حث عليها الشرع في أكثر من مناسبة، كما في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) الأنفال/1؛ ولم ينس الشعراء فضل إصلاح ذات البين فخلدوه في قصائدهم، ومنه قول الشاعر مُحَمَّد بن أَيمن الرهاوي:
إنَّ المكارم كلّها لو حُصِّلتْ
ردعتْ بجملتها إلى شَيئَين ..
تعظيم أمر الله جلَّ جلاله
والسَّعي في إصلاح ذات البَين ..
ومن أهم مقوماته الصدق وحسن الخلق...، وقيل عن حسن الخلق: هو الإنصاف في المعاملة، والرفق في المجادلة، والعدل في الأحكام، والبذل والإحسان في اليسر، والإيثار في العسر، وغير ذلك، من الصفات الحميدة.
وبحسب مؤشرات وزارة العدل للإحصائيات التي سجّلت حالات الطلاق المتوزعة على مناطق المملكة؛ بنسب عالية لتنامي هذه الظاهرة الخطيرة؛ برغم الجهود التي تبذلها الوزارة لدرئِها من خلال لجان الخبراء داخل أروقة المحاكم الشخصية، وكذلك لجان اصلاح ذات البين بإمارات المناطق؛ التي لم تألوا جهدًا في هذا الشأن.
وهُناك داخل مجتمعنا من وهبهم الله - المقومات في هذا الباب العظيم - ؛ رجالٌ - نحسبهم والله حسيبهم - يتسمون بالحصافة ، وذو رأي جزل، وعقولٌ رزينة، حسينون الحضرة؛ حنكتهم التجارب في هذا الباب، وشحذوا آراءهُم منها، ونشروا طراز محاسنهم في المجالس بين افراد المجتمع؛ ساعين جاهدين في إصلاح ذات البين؛ لراب الصدع ونشر المودة والمحبة، وحفظ الوحدة والألفة، وإزالة الأحقاد والضغائن؛ بين الناس بما اكتسبوه من علم في هذه الشعبة العظيمة من شعب الإيمان، برغم المصاعب التي تواجههم؛ وحاولوا جهد استطاعتهم، وصرفوا في الأمر عنايتهُ، وأنجحت طلبتهم؛ وظفروا بها بعون الله-لكن هناك امورٌ شديدة المراس..
رسالتي في هذا الشأن لمجتمعنا المتسامح؛ ان يجعلوا لمثل هؤلاء الرجال الأنقياء مجالاً لتقريب وجهات النظر ودرء الخصومات، ولم شمل الاسر، فهم نواة لكل عمل خير، وحصن لدأب رأب الصدع لكل الخلافات محتسبين الأجر من الله... – فهنيئاً لهم.
وختاماً: لا تكونوا ممن ينطبق عليهم المثل: مثل الراعدة: نرى سحابتها الكثيرة الماء لكنها لا تجود بغيث.