الله سبحانه كرم بني آدم ، وخلقهم في أحسن صورة ، وأبلغ تكريم للإنسان رباعيته: العقل والوجدان والبدن او الجسم والمجتمع المحيط به من الأسرة إلى الفصيلة فالعشيرة فالقبيلة فالشعب الذي ينتمي اليه ، فالعقل محضن العلم والمعارف ويدرك به المحسوسات والمعنويات ، المقدمات والنتائج ، والوجدان منبع العواطف الحب والكراهية ، والجسم مصدر المهارات والحركات ، والمجتمع منابع التعاون في البر والتقوى فيما ينفع الفرد والمجتمع ، والأشياء وسائل مسخرة للانسان من أجل تحقيق غاية .
ومن الطبيعي والمنطق والعقل لا تجعل أحداً يثمنك..
تذهب رواية في العصر العباسي
*لا يثمن الشيء إلا من يعرف قيمته!!!*
قبل زمن بعيد غير قريب مضت، كانت مدينة سامراء في شمال بغداد ، مدينة عراقية حاضرة وتاريخية . انشاءها الخليفة العباسي المعتصم بالله عام ٢٢١هجرياً تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة ومركز قضاء وعلم مدينة علم فيها حلقة علم كبيرة وعلى رأس هذه الحلقة العلمية العلامة الكبير "أبو الحسن ".. والذي كان من ألمع رجالات الفكر في عصره ، ولديه عدد كبير من الطلاب من شتى أنحاء العالم العربي.
من أنبغ تلامذته تلميذ فقير الحال، لكنه يحمل ذهناً متوقداً وكانت معيشته عن طريق راتب من قبل أستاذه العلامة (أبو الحسن)، وهو راتب ضئيل.. لكن طموح التلميذ كان عظيمآ وهو أن يصبح أحد أعمدة العلم في عصره .
وفي يوم ظهيرةٍ والجو حار جدآ؛ خرج التلميذ الفقير من الدرس ، وهو جائع ويحمل في جيبه درهماً ونصف الدرهم . لكن الوجبة من الخبز والفجل تكلف درهمين .
اشترى خبزة واحدة وذهب إلى صاحب محل الفجل وطلب منه باقة فجل.. وقال للبائع معي نصف درهم لاغير؛ فرد عليه البائع ولكن الباقة بدرهم واحد... فرد عليه التلميذ لا شيﺀ عندي أعطيك سوى علمي؛ سوف أفيدك في مسألة علمية أو فقهية معينة.. فرد عليه بائع الفجل: لو كان علمك ينفع لكسبت نصف الدرهم من أجل إكمال سعر باقة فجل واحدة.. اذهب وانقع علمك بالماﺀ واشربه حتى تشبع!!!
كانت كلمات البائع أشد من ضرب الحسام على نفسه، فخرج من محل البائع ، وهو يجر أذيال الخيبة وهو يتمتم نعم صحيح لو كان علمي ينفع لكنت كملت سعر باقة الفجل الواحدة نصف درهم!! *علم عشر سنوات لم يجلب لي نصف درهم!!*
كم أنا غبي... ضاع عمري هدرآ على شيﺀ لم يجلب لي نصف درهم . والله لأتركن الحلقة ، وأبحث عن عمل يليق بي ، وأستطيع أن أشتري ماأشتهي ، وأعيش عيشة رجل محترم.
وبعد أيام افتقد الأستاذ الكبير تلميذه النجيب ، وفي قاعة الدرس سأل الطلاب أين زميلكم المجد؟؟
فرد عليه الطلاب:إنه تخلى عن الحلقة ، والتحق بعمل يتغلب به على ظروفه القاسية... .
استغرب الأستاذ العلامة ، وقال:أين بيته أريد مقابلته!!
قالوا له: أستاذنا أنت أعظم من أن تزوره!! وقد ترك حلقة العلم بإرادته.
فقال الأستاذ: لا... أريد أن أعرف ما سبب ترك الحلقة العلم. أخذ الاستاذ عنوان الطالب ودخل إلى منزله مشفقآ عليه.. فخجل الطالب من دخول أستاذه ، وعليه الهيبة والوقار.. رحب بأستاذه أشد الترحيب..
فسأله الأستاذ عن سبب تركه الحلقة ؟
فرد عليه مسردآ القصة كاملة ، وعيناه تذرفان الدموع بغزارة.
فأجابه أستاذه إنك تحتاج إلى نقود ، وإليك خاتمي هذا أذهب وبعه وأصلح به حالك.
فقال الطالب: ليست القصة قصة خاتم ونقود . إنما أنا كرهت العلم لأني لم أنتفع منه.
فرد عليه الأستاذ هذا الخاتم ليس من أجل العودة إلى دروسك بل من أجل أن تفك الضائقة عنك .
وكان العلامة ذا حكمة بليغة ، فهو الحكيم في ذلك الوقت.. فقبل الطالب هدية أستاذه ، وسار إلى محلات الصاغة ، وهناك عرض الخاتم للبيع
أستغرب الصائغ وقال: أشتري منك الخاتم بألف دينار ولكن من أين لك هذا الخاتم؟؟
فقال هو هدية لي من أستاذي (ابو الحسن)!!!
قال الصائغ: خاتم ثمين هدية؟!! ومظهرك لا يوحي بأنك تعرفه ، وملابسك رثة!! أنت سارق الخاتم أليس كذلك؟؟
فرد عليه الطالب هيا معي إلى أستاذي من أجل أن تصدق أنه هدية منه..
وذهب الصائغ مع التلميذ ، وقابلا الأستاذ واطمئن من صدق الطالب.
أعطى الصائغ ثمن الخاتم إلى الطالب وتوجه إلى أستاذه ليشكره..
فقال : الأستاذ للطالب: أين ذهبت عندما أردت بيع الخاتم؟
فرد الطالب إلى محلات الصاغة بالطبع.
فرد عليه الأستاذ: لماذا ذهبت إلى محلات الصاغة؟
فرد عليه الطالب هناك يثمنون الخواتم والمعادن الثمينة!!
فرد عليه الأستاذ متعجبآ: فلماذا قبلت أن يثمنك بائع الفجل ويثمن علمك ويقول إن علمك لا ينفع شيئآ؟؟!!
هل يثمن البائع علمك؟ *لايثمن الشيﺀ سوى من يعرف قيمته.*
وأنا أثمنك إنك من أعظم طلابي يابني.. لا تدع من لا يعرف قيمتك يثمنك. *التثمين يكون من صاحب الخبرة ومن يعرف قدرك... ارجع الى درسك وعلمك.*
هذة الرواية الرائعة تنطبق على حياتنا... كم مرة نقع ضمن تثمين خاطئ من شخص لا يعرف قيمتنا أو مسؤل لا يعرف قيمة الموظف... التقييم ينبع من جهتين من الداخل والخارج:
*من داخلنا يجب أن نعرف أننا بشر نخطئ ونصيب ونتعلم من اخطائنا على تقييم أخطائنا.*
والتقييم الخارجي لايقدر إلا من أصحاب العلم والاختصاص الذين يعرفون قيمة الإنسان مهما كان صغيرآ...
*الناس معادن ولا يعرف قيمة المعدن النفيس إلا الصاغة وكذلك في علم الرجال .
- «السوق المالية»: إدانة عضو مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي -سابقاً- لشركة «ثمار» بمخالفة نظام الشركات
- “التجارة” توضح البيانات الواجب تضمينها في طلب القيد في السجل التجاري
- السعودية تحقق المركزين الـ14 عالمياً والأول عربياً في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي من بين 83 دولة
- عقب اعتماد مؤسسة الملك سلمان غير الربحية.. خادم الحرمين مغردًا: الاستثمار في الإنسان نهج دائم سنستمر عليه دائمًا
- بلدية محافظة الاسياح تنفذ فرضية استباقية لمواجهة خطر السيول والأمطار
- 5 خطوات.. “المرور” يتيح استعراض البطاقة الجمركية بنسختها الرقمية عبر “أبشر”
- رحلة عبر وطن واحد.. مقطع مرئي يحتفي باليوم الوطني الـ94
- “الغذاء والدواء” تدحض شائعة أن مشروب جذور الهندباء هو بديل صحي للقهوة
- فرع وزارة الصحة بحفرالباطن يُفعل اليوم العالمي لسلامة المرضى بعدد من الفعاليات
- بلدية محافظة الرس تطرح فرصة استثمارية
- واتساب تختبر مزايا جديدة في الحالات
- “تصرف خاطئ”.. “النمر” يحذر من الصيام الطويل قبل إجراء التحاليل: 3 تداعيات
- «زاتكا» تدعو المنشآت إلى تقديم إقرارات ضريبة القيمة المضافة عن شهر أغسطس
- “التجارة” تدعو للإبلاغ عن التخفيضات والعروض الوهمية عبر تطبيق “بلاغ تجاري”
- “قبل 10 سنوات”.. مفاجأة من الشركة اليابانية منتجة “لاسلكي آيكوم المنفجر” في لبنان
بقلم _ خالد بن حسن الرويس
الإنسان قيمته
(0)(3)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3509180/
التعليقات 1
1 pings
ابو فهد
02/07/2022 في 3:09 م[3] رابط التعليق
هذه القصه تنطبق على المثل الدارج وبالعامه
من لا يعرفك لا يقدرك
صحيح لا تجعل ما لا يعرفك يقدرك
شكرا استاذ: خالد على هذه المقاله الرائعه
(0)
(0)