أمّ المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان فتحدث في خطبته الأولى عن أفضل الأماكن والبقاع فقال : إن الله تعالى يختار للفضل محلا ومكانا، كما يختار له وقتا وزمانا، وأهلا وأعوانا، وقد فضل في الأرض بعض البقاع، فكانت أشرف البلدان والأصقاع، فجعل مكة مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وأم القرى، والبلد الأمين، والمسجد الحرام، ومنسك الحج، ومهوى أفئدة المؤمنين، قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ .
ثم تحدث فضيلته عن شريعة الحج فقال : قد جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد فشرع الحج إليها، وأمر نبيه إبراهيم عليه السلام بالنداء، فقال: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ* ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.
ووجه فضيلته رسالة لحجاج بيت الله الحرام فقال: لقد أنفقتم المال وصرفتم الأوقات، وبذلتم الجهد والطاقات، وخضتم غمار التعب والمشقة، وجدتم بالغالي والنفيس، وتركتم الأهل والأوطان، وجئتم إلى أفضل وأشرف مكان، فأروا الله من أنفسكم خيرا، اغتنموا الفرصة لتجديد العهد مع الله، وأخلصوا النية، واجتهدوا في طاعة الله، وأبشروا فالله أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، ولا يضيع أجر من أحسن عملا، فمن حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم
ولدته أمه.
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
فاحرصوا على صحة العبادة وقبولها، وجردوا أعمالكم من كل ما يخالف الشرع، وأخلصوا النية لله، واصدقوا مع الله، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله.
هنيئا لكم قد وفقتم للإقبال والتوجه إلى الله، وقصده وحده لا شريك له.
هنيئاً لكم قد اختاركم الله لتلبية النداء، وإجابة الدعاء، وأداء مناسك الحج، فاخلصوا النية وأحسنوا الأداء.
هنيئاً لكم قد جنتم إلى أفضل البقاع، وحللتم بأطهر البلاد، ونزلتم بأرض الحرمين الشريفين،
فالمدينة هي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومأرز الإيمان، وهي الدار والإيمان، وقد حرم
ما بين لابتيها من عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا، ولا عدلا.
واختتم فضيلته خطبته الأولى بالحديث عن عظم الحرمين الشريفين مكة والمدينة فقال:
المدينة درع منيع، وحصن رفيع، وهي كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها، وليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة، والمدينة، ليس من نقابها نقب، إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فيخرج الله من كان كافر ومنافق».
«ولا يكيد أهل المدينة أحد، إلا إنماع كما ينماع الملح في الماء» وأما مكة، فهي أم القرى، ومهبط الوحي، وقبلة المسلمين، وقد حرمها الله يوم
خلق السماوات والأرض، فهي حرام حرمة الله إلى يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ .
وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن مواسم الخيرات فقال : إن من نعم الله وفضله، ومنحه وعطائه، أن شرع لعباده مواسم للخير والطاعات،
وضاعف لهم فيها الثواب والأجر على العبادات، وحثهم على اغتنام الفرص وإعمار الأوقات، والتعرض للنفحات، والمسارعة إلى الطاعات، فاستبقوا الخيرات، وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها الأرض والسماوات.
ثم اختتم فضيلته خطبته الثانية عن فضل عشر ذي الحجة فقال: أنتم اليوم في الأشهر الحرم، وفي موسم الحج، وبين أيديكم عشر ذي الحجة، التي أقسم الله بها، فقال: ﴿ وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ .
وهي أفضل الأيام، فعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” أفضل أيام الدنيا أيام العشر، عشر ذي الحجة”. رواه البزار وصححه الألباني.
وما من أيام أحث إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسله: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. رواه أبو داود والترمذي.
وقد جمع الله فيها من أنواع العبادة ما لا يجتمع في غيرها من الأيام، ففيها الصلاة والحج والصدقة والصيام، وغير ذلك من خصال المعروف.
وقد نهى الشارع عن إزالة الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رأى هلال ذي الحجة، فأراد أن يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى
يضحي».
وفي رواية: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا» رواه مسلم .
والنهي عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذه بنورة أو غير ذلك من جميع بدنه.