كشفت المخابرات العسكرية الأوكرانية عن استحواذها على وثائق فنية مفصلة حول بناء “جسر القرم”، الذي يربط شبه الجزيرة التي سيطرت عليها روسيا عام 2014 بالأراضي الروسية، مهددة بتدميره كونه أحد خطوط الإمداد الهامة لموسكو.
وذكرت أن الوثائق تحتوي على معلومات مفصلة حول التضاريس وسطح الطريق وأرصفة الجسور والهياكل المضادة للانهيارات الأرضية والمداخل والمخارج وجميع البنية التحتية للجسر، لافتة إلى أنه “طريقة لجلب قوات الاحتياط وعلى القوات المسلحة الأوكرانية قطعه”.
وهو ما رد عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوله: “لدينا جيش مسؤول ويتم أخذ كل هذه التهديدات بعين الاعتبار، لا دخان بلا نار، وأنا مقتنع بأن كل هذه الخطط ستفشل بالكامل”.
وللجسر أهمية كبيرة على الصعيدين الاستراتيجي والسياسي، ويبلغ طوله قرابة 17 كيلومترا، ويُعد الجسر الأطول في أوروبا.
وقد تم تشييده بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وافتتح في عام 2018 بتكلفة تزيد على 3 مليارات دولار.
تكتيك تفاوضي
وحول تهديدات أوكرانيا، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “التهديد بتدمير جسر القرم بمثابة تكتيك تفاوضي من قبل أوكرانيا لوقف التقدم الروسي”.
وأوضحت تسوكرمان أن “روسيا شيدت الجسر بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014، بينما تعتبرها روسيا جزءًا من أراضيها، لا يوجد لديها اعتراف دولي بسبب حقيقة أن شبه جزيرة القرم هي أرض محتلة بشكل غير قانوني”.
وأكد على أنه “من غير المرجح أن يتم اتخاذ هذه الخطوة إذا أظهرت روسيا تباطؤًا في التقدم، سواء بسبب الضغط أو بسبب تحدياتها الخاصة. من المرجح أن يحدث ذلك إذا رأت أوكرانيا أن روسيا تتقدم وتتولى السيطرة على المزيد من الأراضي الاستراتيجية وإذا كان لا يمكن تحرير تلك المنطقة بأي وسيلة أخرى”.
وأشارت إلى أنه “عند اتخاذ هذا القرار، سيتعين على وزارة الدفاع الأوكرانية أن تزن تكاليف وفوائد تدمير البناء الاستراتيجي والرمزي الذي قد يخلق العديد من الصعوبات للوجستيات الروسية وتعقيد جهودها لربط شبه جزيرة القرم بالأراضي الشرقية الأخرى التي تحتلها حاليًا أو تتقدم فيها”.
وأضافت: “نظرًا لموقف روسيا بشأن هذه القضية، ستعتبر موسكو ذلك خطوة هجومية من قبل أوكرانيا قد تؤدي إلى محاولة تصعيد مناورات روسيا الهجومية داخل البلاد، إنها مجازفة لأن المنطقة محمية بشكل جيد ويمكن أن تؤدي إلى ضغط سياسي خارجي إضافي من قبل الدول التي تتطلع إلى إبرام صفقة مع روسيا، يتطلب تخصيص الموارد الشحيحة، والتحضير لمزيد من حملات القصف وأشكال العدوان الأخرى من روسيا”.
وتابعت: “سيكون انهيار الجسر كارثيًا على جهود روسيا لنقل البضائع والأسلحة والمقاتلين بين شبه جزيرة القرم وبقية المناطق الشرقية، مما يجعل من الصعب للغاية إحراز تقدم في خطتها لإنشاء أرض محتلة متصلة بالموارد الطبيعية التي تمتلكها روسيا، يريد ضم ثم بيع تلك الموارد مثل الغاز إلى أوكرانيا مقابل أسعار أعلى بكثير. هكذا كانت روسيا تخطط لتعويض تكاليف الحرب والأضرار الناجمة عن العقوبات”.
وأشارت إلى أنه “أيضًا جسر بري ضخم يربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لروسيا مما يسمح لموسكو بنقل البضائع والمقاتلين من روسيا إلى أوكرانيا. قد تدعي روسيا بعد ذلك أن أوكرانيا صعدت القتال من خلال مهاجمة أراضيها في روسيا، والتي من المرجح أن يدينها المجتمع الدولي، هذا بصرف النظر عن تكاليف إعادة بناء الجسر الذي كان مشروعًا بمليارات الدولارات”.
وتابعت: “في غضون ذلك، تحرز روسيا تقدمًا تدريجيًا في الشرق، لكنها لم تستحوذ عليه بالكامل؛ علاوة على ذلك، تعرضت مؤخرًا لانتكاسات كبيرة من أوكرانيا. تحصل كييف الآن على الذخيرة الإضافية التي طلبتها من الولايات المتحدة، وتحصل على نظام أسلحة متقدم إضافي من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، مما يعني أيضًا استجابة أكثر فاعلية للتقدم الروسي في الشرق، بعبارة أخرى، لم تنته الحرب بعد، وتواصل أوكرانيا مقاومة جهود روسيا للسيطرة على هذه المناطق الاستراتيجية”.