لا يختلف اثنان من أمة الإسلام على أن الدعاء يُـعد من أجلّ العبادات وأعظمها كما بين ذلك القرآن الكريم بقول الله تعالى( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) وقوله أيضاً( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) وفي الحديث: من لم يسأل الله يغضب عليه، وأن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا في كل ليلة فيقول من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له وغيرها من الأدعية الأخرى التي وردت على ألسنة الأنبياء والرسل عليهم السلام بنص القرآن الكريم وبحسب الأحوال والظروف التي مر بها كلاً منهم غير أن ما يلاحظ على كثير من أئمة مساجدنا ومنذ سنوات طويلة الإطالة في دعاء القنوت الذي يختتمون به صلاة التراويح في ليالي شهر رمضان المبارك في كل عام لما يزيد على عشرة دقائق غالباً بينما لا تصل صلاة الوتر وهي الأساس لأكثر من خمسة دقائق لاقتصارها فقط على الفاتحة وقل هو الله أحد، مما يُشكل هذا الدعاء وبهذه الطريقة المُبالغ فيها متاعب جسمية جمة على المصلين وخاصة المرضى وكبار السن في الوقت الذي نهى عن ذلك نبي الهدى والرحمة صلوات ربي وسلامه عليه بقوله: من صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة، فيما قال للصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما بلغه بإطالته للصلاة: أفتان يا معاذ ؟ وفي حديث آخر من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه، ومن رفق بهم فأرفق به، هذا عدا ما هنالك من سلوكيات ومبتدعات يُمارسها بعض الأئمة ولم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها رفع الصوت إلى حد الصراخ، والبكاء إلى حد النحيب والشهيق، والتلحين والتغني والتجويد إلى الحد الذي لا يفرق فيه بعض المصلين بين كونهم يستمعون لدعاء القنوت أو لآيات قرآنية، صحيح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بكى، ومن منا لا يبكي وهو يستمع للقرآن الكريم ويستشعر عظمة الله وتجلياته في الكون والحياة وأهوال يوم القيامة ولكن بكاؤه عليه الصلاة والسلام لم يصل لحد الشهيق والصوت المرتفع وإنما أشبه ما يكون بأزيز المرجل ( وهو صوت الماء وقتما يغلي في القدر) فالتطويل في دعاء القنوت إذاً وهو ما نؤكد عليه في هذا المقام غير مُستحب ولا يشترط فيه المواظبة ولا بدعاء مُعين وإنما يكـفي منه ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يُـقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، بالإضافة لبعض الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بحسب ما يقتضيه الحال وعند وقوع النوازل وبشيء من الاختصار والتنويع، ذلك لأن العبرة ليست في الكثرة بقدر ما هي في الكيفية، فلقد سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرة: أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال: قولي ( اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عني) مع الأخذ في الاعتبار الشروط اللازمة لتحقيق الاستجابة ممثلة في صدق النية والإيمان واليقين والثقة والخشوع والتضرع وانكسار القلب والالحاح على الله بالدعاء والبعد عن كل ما يغضب الله عز وجلً في القول والعمل والسر والعلن علاوة على عدم التعجل كما في الحديث ( يُستجاب لأحدكم ما لم يُعجل أو يدع ُبإثم أو قطيعة رحم ) وقوله أيضاً ( أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، وأعلموا بأن الله لا يستجيب من قـلـب غافلٍ ولاهٍ ) عوضاً عن تحري أوقات الإجابة كجوف الليل ويوم الجمعة وعقب الأذان وأثناء السجود والذي أقرب ما يكون فيه العبد المسلم من ربه، ودبر الصلوات المكتوبات والوقوف بعرفة، هذا ما أردنا توضيحه في هذا الجانب والذي يتكرر مع الأسف الشديد في كل عام في شهر رمضان، سائلين الله العلي القدير أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين وأن يتقبل منا جميعاً الصيام والقيام وصالح الأعمال، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وكل عام وأنتم جميعاً بخير وصحة وسعادة.
- تؤكد التزام المملكة وجهودها في مجال الاستدامة بالقطاع السياحي
- بلدية الخبراء تطرح ثلاث فرص استثمارية
- 5 ضربات ناجحة.. “الزكاة” تتصدَّى لتهريب 313,906 حبوب “كبتاجون” في الحديثة
- خطيب المسجد الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس: لا تنجرفوا بأخلاقكم نحو مادية العصر واجعلوا الاحترام أساس علاقاتكم
- الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعم استضافة المملكة مونديال 2034
- “تفاصيل الغياب” تبهر الجمهور وتثير الإعجاب في جدة
- تركي آل الشيخ يفوز بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير من MENA Effie Awards 2024
- هل يوقف العنب الأحمر سرطان الأمعاء؟
- الأرصاد عن طقس الجمعة: أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق
- أمير منطقة حائل يستقبل وزير السياحة
- إدارة تعليم المذنب تحتفي باليوم العالمي للطفل
- حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
- تنفيذ حكم القتل تعزيراً بعدد من الجناة لارتكابهم جرائم إرهابية
- النيابة العامة تعلن عن تدشين “غرفة الاستنطاق المخصصة للأطفال”
- «الحياة الفطرية» تطلق 26 كائناً مهدداً بالانقراض في متنزه السودة
المقالات > دعاء القنوت بين المستحب والمُبالغة فيه
بقلم_ عبد الفتاح أحمد الريس
دعاء القنوت بين المستحب والمُبالغة فيه
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.adwaalwatan.com/articles/3497038/