منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، توالى فرض العقوبات الأوروبية والأميركية بحق موسكو حتى طالت الرئيس فلاديمير بوتن إلا أن هناك “سلاحا أكثر فتكا” لم يستخدمه الغرب حتى الآن، وهو استبعاد روسيا من نظام “سويفت”.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن إخراج روسيا من منظومة سويفت للتعاملات المالية المصرفية، لا يزال “خيارا” قائما.
لكنه أشار إلى أن القرار لا يحظى حتى الآن بالقبول بين الأوروبيين، معتبرا أن حزمة العقوبات الأخرى التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا سيكون لها “التأثير نفسه”.
وبينما أعلنت فرنسا تأييدها لاستبعاد روسيا من نظام الحويلات المالية، وهو الأمر الذي تشاركه معها دول مثل أوكرانيا وتشيكيا وبريطانيا، قالت ألمانيا إنها لا تعارض مثل هذه الخطوة و”لكننا نفكر في العواقب”.
وطالبت كييف باستبعاد موسكو من نظام “سويفت” ردا على غزو القوات الروسية أراضيها، وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر: “نطالب باستبعاد روسيا من نظام سويفت وفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا”.
سر الانقسام
المحلل السياسي أميد شكري، قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن حظر روسيا من نظام “سويفت” سلاح ذو حدين، فهو عقوبة قاسية على روسيا ولكن لن يسلم الغرب من شظاياها، لأن بنوكهم من أكثر مستخدمي هذا النظام المالي للتواصل مع البنوك الروسية.
وأضاف شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز “تحليلات دول الخليج” (مقره واشنطن): “تستثمر بعض الشركات والدول الأوروبية في روسيا أو لديها مشاريع مشتركة مع شركات روسية. الحظر السريع سيلحق ضررا كبيرا بهذه الدول، لذلك فإن بعض الدول الأوروبية لا توافق على عقوبة سويفت”.
وأشار إلى أنه “بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، سيكون استبعاد روسيا من نظام سويفت المالي أحد أصعب الخطوات المالية التي يمكن أن يتخذوها، مما يلحق الضرر بالاقتصاد الروسي على الفور وعلى المدى الطويل. يمكن لهذه الخطوة أن تقطع روسيا عن معظم المعاملات المالية الدولية، بما في ذلك الأرباح من إنتاج النفط والغاز، والتي تمثل أكثر من 40 في المئة من عائدات البلاد”.
قبل أن يستدرك: “لكن الكرملين كان يستعد لاحتمال الانقطاع السريع عن العمل منذ عام 2014، عندما طرحت أميركا الفكرة كعقاب على غزو شبه جزيرة القرم، وستستخدم البنوك الروسية وشركاؤها الأجانب وسائل اتصال أخرى. وستنتقل المعاملات بشكل جماعي إلى (spfs)، وهو بديل روسي لنظام (SWIFT) ليس موجودا ومتطورا في كل مكان تقريبا، ولكنه لا يزال قابلا للاستخدام”.
ما هو نظام سويفت؟
يعود تأسيس نظام سويفت إلى عام 1973، وقت تدشين جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك ومقرها في بلجيكا، ويشرف على هذه الجمعية البنك الوطني البلجيكي، بالتعاون مع البنوك المركزي الرئيسية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا.
ولا يتركز عمل “سويفت” على تحويل الأموال، ولكنه يعمل كنظام تراسل آمن يربط أكثر من 11000 مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة، وتكشف أرقام سويفت عن إجراء 42 مليون رسالة يوميا في عام 2021، وفي 2020 استحوذت روسيا على نحو 1.5 في المئة من الحركات المالية عبر سويفت.
وفي بيان صادر في 2014، قالت منظمة سويفت إنها “جمعية تعاونية عالمية محايدة، وأن أي قرار بفرض عقوبات على الدول والكيانات يقع على عاتق الهيئات الحكومية المختصة والمشرعين المعنيين”.
كيف ستتأثر روسيا؟
ووفق شبكة “سي إن إن” فإنه في حال عزل روسيا عن نظام سويفت، سيصبح من المستحيل للمؤسسات المالية هناك إرسال الأموال إلى داخل أو إلى خارج البلاد، ما يجعل الشركات الروسية الكبرى في حالة صدمة، خاصة لمشتري النفط والغاز.
وأوضحت أنه في سابقة دولية تم عزل إيران عن نظام سويفت في 2012 بعد أن فرضت عليها عقوبات بسبب برنامجها النووي، وخسرت طهران ما يقرب من نصف عائدات تصدير النفط، وتضررت 30 في المئة من حركة تجارتها الخارجية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن من الصعب فنيا الإعداد لخطوة عزل روسيا عن نظام سويفت للمدفوعات الدولية بين البنوك، وإن ذلك سيؤثر بشكل كبير على المعاملات التجارية بالنسبة لألمانيا والشركات الألمانية في روسيا.
وأضاف ستيفن هيبيستريت أن ألمانيا لم تكن الدولة الوحيدة التي لديها تحفظات على عزل روسيا عن نظام سويفت، قائلا إن كلا من إيطاليا وفرنسا كانت لديهما بعض التحفظات أيضا.
وردا على سؤال حول سويفت، قال المستشار الألماني، أولاف شولتز: “من المهم جدا أن نوافق على تلك الإجراءات التي تم إعدادها.. وأن نُبقي كل شيء آخر حتى نصل إلى وضع قد يكون فيه من الضروري الذهاب إلى أبعد من ذلك”.